ركب النبي البراق ليخفف من سرعته لا ليزيدها – الجزء الاول

عقيدتى العدد 917
22 يونيو 2010م

اجتهد البعض في تفسير الإسراء والمعراج بقوله: إنها كانت رحلة مباركة ليتشرف الجسد المحمدي بما تشرفت به الروح عندما صعد النبي إلي السماء لم يغير ثيابه.. لم يلبس ملابس خاصة كالتي يلبسها رواد الفضاء ليواجهوا بها عوامل الطبيعة. هناك اجتهادات شائعة تحتاج إلي إعادة نظر.. منها حقيقة مهمة البراق الذي ركبه الرسول عليه الصلاة والسلام في الإسراء الذي نحن في حضرته ..

التفسيرات الشائعة أن النبي صلي الله عليه وسلم ركب البراق ليزيد سرعته في السفر من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي .. والحقيقة أنه ركب البراق ليخفف من سرعته.
إن النبي صلي الله عليه وسلم عندما يتكلم مع الصحابة يكون في حالته البشرية وعندما يتكلم مع الوحي “جبريل عليه السلام” والملائكة يكون في حالته النورانية .. والنور هو الضوء .. وسرعة الضوء مذهلة .. لو قلنا إنها في الحد الأدني تزيد علي 300 ألف كيلو متر في الثانية .. ولو قلنا إن المسافة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصي لا تزيد علي ألفي كيلو متر في حدها الأكبر .. يكون من الصعب تحديد الزمن .. جزء ضئيل جدا يكاد لا يذكر من الثانية .. ربما جزء ضئيل جدا من الفيمتو ثانية.
في ذلك الجزء من الثانية يمكن للرسول عليه الصلاة والسلام أن يذهب بسرعته النورانية من مكة إلي القدس عشرات المرات.. وهذا لا يعطيه فرصة كي ينزل ويصلي ركعتين في جبل الطور.. حيث كلم سيدنا موسي الله .. ولا يعطيه الفرصة ليصلي ركعتين في بيت لحم حيث ولد سيدنا عيسي .. ولا يعطيه الفرصة كي يشاهد كل ما مر به في الرحلة .. ومن ثم كان في حاجة إلي ما يخفض سرعته لا إلي ما يزيدها .. وكانت هذه مهمة البراق . وفي إجتهادات شائعة أخري أن الحكمة من الإسراء والمعراج هي أن الله سبحانه وتعالي أراد أن يسري عن حبيبه في عام الحزن .. العام الذي ماتت فيه السيدة خديجة .. ومات فيه عمه أبو طالب .. ومع أن الله قادر علي أن يشرح صدره وهو في مكانه فإن ذلك إجتهاد حسن .. ولكن غير مشبع .. كذلك فإنه عندما عاد من الرحلة وجد مشاكل لا حد لها .. فقد كان هناك من لم يصدقه .. وانصرف عنه .. وعن دعواه.
واجتهد البعض الآخر في تفسير الإسراء والمعراج بقوله : إنها كانت رحلة مباركة ليتشرف الجسد المحمدي بما تشرفت به الروح.. والجسد المحمدي ليس في حاجة إلي تشريف .. فهو جسد نوراني.
وقال بعضهم: بل ليتشرف الملأ الأعلي بجسده الشريف كما تشرف بروحه فيما قبل وليوحي الله إليه بغير جبريل لأن جبريل توقف عند منطقة معينة لم يكن يقدر علي تجاوزها.. وعند حدود هذه المنطقة قال الرسول صلي الله عليه وسلم له : أهنا يترك الخليل خليله .. فقال جبريل : يا رسول الله أنا لو تقدمت لاحترقت ولو تقدمت أنت لاخترقت وما منا إلا وله مقام معلوم .. يقول الله سبحانه وتعالي بعد أن توقف جبريل : {فأوحي إلي عبده ما أوحي} .. وما أوحي به الله إليه هو شرع خاص به لا تتحمله الأمة .. وهو الوحيد المهيأ له .. مثلا .. كان صلي الله عليه وسلم يصوم ويواصل الصيام أياما دون إفطار .. وقد أراد الصحابة أن يقلدوه فقال لهم : “إني لست كهيئتكم إنما أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني” .. ويقول سبحانه وتعالي : {أمن الرسول بما أنزل إليه من ربه} .. ثم قال سبحانه وتعالي : {والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله} .. والمعني .. أن ما آمن به المؤمنون معروف .. أما الرسول عليه الصلاة والسلام فله علم مخصوص.
وقد متعه الله برؤيته عشر مرات .. المرة الأولي التي التقاه .. وتسع مرات عندما سأله التخفيف في الصلاة .. فقد كانت الصلوات خمسين صلاة .. ثم سأل الله التخفيف بناء علي نصيحة سيدنا موسي .. فكان التخفيف في كل مرة خمس صلوات .. فيكون قد شاهد نور الله تسع مرات .. خمسة في تسع بخمس وأربعين صلاة .. لتبقي لنا خمس صلوات.

وللحديث بقية ان شاء الله تعالي