ولي الأمر الواجب طاعته دائما

الفجر العدد 364
19/7/2012

الأمر الإلهي بطاعة الله ورسوله وأولى الأمر منا هو أمر استولى عليه البعض ووظفه لخدمة الحاكم أو الملك أو الرئيس..وهو ما كرس الديكتاتورية المغطاة بفتاوى دينية خاطئة
الطاعة لله مطلقة .. غير مشروطة .. وأيضاً طاعة الرسول لأنه يأمر بما جاء من عند الله … ثم بعد ذلك كل أمر وله أهله … والأمر ليس واحدا … الوحيد الذي يرجع إليه الأمر كله هو الله سبحانه وتعالى .. أما بعد ذلك فالأمور كثيرة وأولو الأمر كُثر


فعندما اضطهد الرسول ^ في بداية الدعوة ناقشه عمه أبو طالب فقال له :” والله يا عمي لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته” .. الأمر هنا محدد بالرسالة .. والرسول ^ هو المتخصص فيها .. وهو ولي أمرها .
كل أمر من الأمور له ولي متخصص فيه هو الواجب طاعته .. فنحن نطيع القاضي في حكمه .. والقاضي يطيع الطبيب في علاجه .. والطبيب يطيع المحامي في دفاعه .. والمحامي يطيع الطاهي في طعامه .. والطاهي يطيع السائق في قيادته .. والسائق يطيع ضابط المرور في إشارته .. وضابط المرور يطيع قائده في تعليماته .. وقائده يطيع وزيره في أوامره .. وهكذا .. ليس هناك أمر واحد .. ولا شأن واحد .. ولا ولي أمر واحد .. لذلك قال” أُوْلي الأَمْرِ ”    (59 النساء) ولم يقل “ولي الأمر” .. ومن ثم فالكلام على أن ولي الأمر هو الحاكم كلام باطل مضلل .
الحاكم نفسه يجب أن يسمع كلام أولي الأمر .. أصحاب الخبرة .. لو أراد إنشاء كوبري فهذا أمر المهندسين .. ولو أراد تشغيل مستشفى فهذا أمر الأطباء .. ولو أراد علاقات دبلوماسية طيبة فهذا أمر السفراء .. ولو أراد جيشاَ عصرياً فهذا أمر الضباط .. عليه أن يضع أهل التخصص في تخصصاتهم .. ولو نفذنا أوامره في التكنولوجيا والجيولوجيا وبناء السدود وحفر الأنفاق وتشغيل الفضائيات فقل على الدولة السلام .
بل إن الحاكم لو عالج نفسه وهو غير متخصص لمات من المرض .. ولو بني بيته وهو لا يفهم في الهندسة فإنه سيدفن تحت أنقاضه هو وعائلته .. ولوقاد سيارته وهو لا يجيد القيادة فإنه سيلقى حتفه .. ولو أصدر قراراً خاطئا فإن الشعب سيثور عليه .. ويفقد عرضه .. هو نفسه يطيع أولى الأمر منا لو أراد حياة سليمة ودولة محترمة .
وهنا عليه تنفيذ الأمر السماوي ” وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ”(159 آل عمران) .. وهو ما ينفي أن أولي الأمر الواجب طاعتهم هم الحكام .. وعندما يقول الرسول ^  :” أنتم أعلم بأمور دنياكم “ فهو يعترف بالتخصص .. ويتركه لأهل الخبرة .. أولي الأمر.
في الطائرة الأمر للطيار .. وفي الجوازات الأمر لضابط الشرطة .. وعلى الطريق الأمر للسائق .. وعلى الشاطئ الأمر لعامل الإنقاذ .. وفي الزواج الأمر  للمأذون .. فكل ميسر لما خلق له .. وكل ميسر له ما خلق له .
وعندما يقول الله سبحانه وتعالى :” وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ “(77 النحل) فهذا تخصصه وحده لا يجرؤ أحد أن يشاركه فيه .. ونفس التفسير ينطبق على قوله: ” أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ “(1 النحل).

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم