الصبر .. مفتاح الرزق الحلال

عقيدتى العدد 916
15 يونيه2010م

 نكمل حديثنا عن التنوع دون إدعاء الحق المطلق فنقول وبالله التوفيق: إن تطبيق شرع الله فى الزكاة يجب أن يسبقه إهتمام بوجود أعمال تدر مالا لدفع الزكاة .. وتطبيق شرع الله فى حد السرقة يجب أن يسبقه رخاء اقتصادى لا نجد معه جائعا ولا محروما .. لقد عطل سيدنا عمر بن الخطاب حد السرقة فى عام الرمادة التى سادت فى المجاعة .. فلو طبقنا هذا الحد فى ذلك العام لأصبح ثلاثة أرباع المسلمين الجائعين فى ذلك الوقت من أصحاب العاهات.

 على المجتمع أن يوفر الطريق المستوى وإشارات المرور ومحطات الوقود وأماكن الوقوف قبل أن يحاسب السائقين على الوقوف فى الممنوع أو التجاوزات .. كذلك تطبيق الشرع فى الحدود .. إن الحق يسقط عند عدم الإستطاعة .. حق ربنا يسقط عندما لا أملك مالا .. فريضة الحج تسقط مع عدم الإستطاعة (حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا) الحق يلزمه العلم والإستطاعة قبل المحاسبة.
 إن الله لا يحاسب المجنون لأنه لم يوفر له عقلا يميز به .. ولا يحاسب العاجز عن أداء ما يقوم به السليم .. إذا سلب الله ما وهب سقط عن العبد ما وجب .. وتطبيق الشريعة يبدأ بتعليم كل الناس الإسلام على سماحته .. نعلمهم على طريقة (ولا يظلم ربك أحدا) الظلم هنا يواجه الحق .. والحق يجب أن يؤدى كاملا .. لو أداه ناقصا فقد ظلمه .. ولأن لا حق لأحد على الله فالله لا يظلم أحداً .. الله لا يظلمنا لأنه لا يكلفنا بشئ إلا إذا أعطانا أدوات تنفيذه .. والأشياء التى نهانا عنها لو امتنعنا عنها فلن نموت .. لكن .. ما أمرنا به تتوقف عليه حياتنا .. لو لم نشرب الخمر لن نموت .. لو لم نقترب من الرزق الحرام لن نموت.
 لقد قسم الله الرزق إلى رزق حلال ورزق حرام .. والرزق يأتى للإنسان قبل موعده وينزل فى فرع الحرام .. فإن سعى إليه أخذه فى الحرام .. وإن أمسك عنه فى الحرام أخذه فى الحلال .. الرزق مكتوب له لا مفر .. فمن ملك شيئا فى الحرام وعفَّ عنه أعطاه الله له فى الحلال .. ربما ليس بالصورة نفسها .. فمن لم يأخذ مالا فى الحرام ربما جنبه الله إنفاق ما هو أكثر منه على صحته .. ومن لم يقترف معصية ربما عصم الله له ابنته أو زوجته.
 اللص يأخذ رزقه من السرقة .. لكنه .. يأخذ ما كتبه الله له فى الحلال قبل موعده .. فهل نمتلك فضيله الصبر كى نحصل على رزقنا بالحلال قبل أن نتسرع ونحصل عليه فى الحرام؟ .. الإجابة لا بد أن تكون: نعم.

ولا حول ولا قوة إلا بالله