حقوق الإنسان في الإسلام تبدأ قبل إنجابه

جريدة عقيدتي
إبريل 2008
 
الحرية هي سفر خارج التاريخ . . خارج حدود الأشياء . . خارج أنفسنا . . الحرية هي دخولنا منطقة انعدام الوزن ومن ضغط الأشياء علينا . . بالحرية وحدها نفتح ثقباً في جدار ألعزله . . ونكسر باب المعتقل الذي لا يسمح لنا فيه أن نفكر أو نحزن أو نصرخ أو نكتب مشاعرنا على ورقه صغيره ناعمة .
بالحرية وحدها نقول ما نريد . . لمن نريد . .بالحرية وحدها نصير أكثر اقترابا من الله . . وتصبح السماء أكثر زرقة . . والأرض أكثر خصوبة . . والبشر أكثر إنسانيه . . وقد أفزعني ما سمعت وما رأيت على شاشة التليفزيون من قهر تعرض له الناس فى العراق على يد زبانية النظام السابق للرئيس الضائع صدام حسين . . سمعت ورأيت وتألمت وغضبت ثم تساءلت : هل يرضى الله عن ذلك ؟ لقد تحدث الإسلام عن تكريم الإنسان . . لم يقل تكريم المسلم . . يقول سبحانه وتعالى : ” ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير مما خلقنا تفضيلاً ” . . إنه تكريم للإنسان مهما كان لونه وجنسه وعلمه وعقيدته . . الإنسان الذي أختار منه الله رسله وأنبياؤه وأولياؤه . . ميزه بالعقل والحواس وتنفيذ رسالته على الأرض . . كل من يؤمن بالله سبحانه وتعالى على اختلاف درجات الإيمان ومهما كانت العقيدة عليه أن يحترم إرادة الله . . ويطيعه فى ذلك . . ومن ثم فإن الاعتداء على حق من حقوق الإنسان مهما صغرت هو تجاوز لشرع الله وإرادته . . وبما أن الله كرم الإنسان وفضله على كثير من خلقه بما فيهم الملائكة فلا بد أن يكون المؤمن مطيعاً لأوامر الله . . مكرماً لمن كرم . . مفضلاً لمن فضل . . ولو لم يكن من باب الإيمان فمن باب الانحياز إلى الجنس والنوع الذي ينتمي إليه وقد أهتم الإسلام بالإنسان قبل ولادته . . فمن حق الطفل قبل أن يولد على أبيه توفير مكان للنوم وطعام لسد الجوع وفرصه أفضل للحياة . . بل من حقوق الطفل على أبيه أن يختار الأم المناسبة له . . أن يحسن اختيار أمه . . وأن يكون هذا الطفل من نكاح لا من سفاح حتى يمكن تمييز الأنساب ومعرفة الفروع المنتمية إلى الأصول .
وبعد أن يولد الطفل يكون من حقه على أبيه اختيار أسم مناسب له . . إنها جريمة فى حق الطفل أن تسميه أسم يثير سخرية أقرانه ويفقده اندماجه مع من حوله . . وجريمة أكبر أن نأتي بطفل آخر قبل أن نضمن للطفل الأول كل فرص الرعاية والحياة الكريمة . . إن تنظيم الأسرة حق من حقوق الإنسان فالحياة المؤكدة التي يمثلها وجود الطفل الأول أولى من الحياة غير المؤكدة التي يمثلها الطفل القادم الذي يكون فى عالم الغيب . . من حق الطفل أن يتربى جيداً . . من حقه أن ترضعه أمه . . فإن تخلت عن هذا الواجب قامت به غيرها . . وبعد أن يكبر الطفل على أبيه أن يعلمه طاعة الله سبحانه وتعالى . . فإن لم يستطع بذاته فليعهد به إلى من يستطيع . . يقول صلى الله عليه وسلّم في تربية الأبناء : ” لاعبه سبعاً وأدبه سبعاً وصاحبه سبعاً ثم أترك له حبله على غاربة ” . . ولو تعلم الطفل شرع الله فإنه سيحترم كل من حوله . . سيبدأ باحترام جيرانه . . لا فرق هنا بين جار مسلم وغير مسلم . . يقول صلى الله عليه وسلّم : ” ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ” . . إن الجار غير المسلم له حق فى الإنسانية . . والجار المسلم له حق فى الإنسانية . . والإسلام . . والجار المسلم من الأقارب له حق الإنسانية والإسلام والقرابة . . على أن الإسلام بصوره واضحة وحاسمه ودقيقه حرم علينا كل ما لدى غير المسلمين . . فلم يبح سرقة أموالهم ولا الكذب عليهم ولا سرقتهم ولا هتك عرضهم . . فمثل هذه الكبائر هى حرام ارتكابها دون تفرقه .