مولد سيد شباب أهل الجنة

الفجر العدد الثاني
11/6/2005

كانت كل مظاهر الخير تعم المكان . . مكان الإحتفال بمولد سيدنا الحسين . . موائد طعام . . حلقات ذكر . . بشر يمدون جسوراً متبادله من الموده والرحمه . . وفى وسط تلك المظاهره المتفجره بالمغفره والصوفيه خرج من يفتى بغير علم . . وينكد على زوار وضيوف حفيد رسول الله . . ويحرم الإحتفال به . . ويعتبره شركاً و كفراً بالله . . أستغفر الله.
إن المولد يعنى إحتفالا بمولود . . والاحتفال بمولود هو إقرار بأنه بشر . . وليس إلهاً . . لو كنا نعتقد أنه إلهاً لنفينا عنه أنه وُلدَ . . فالإله لا يلد ولا يولد . . ومن ثم فإن الاحتفال بمولد سيدنا الحسين لا يعد شركاً ولا كفراً إلا في عقول لا تريد أن تتفتح على نور الله . . ولا تريد أن ترتوي منه.
ونحن لا نحتفل بمولد سيدنا الحسين لنفسه . . وإنما نحن نستفيد منه . .
ففي المعجم الأوسط – الجزء (3) ، ص (408-409)
2877 – حدثنا إبراهيم قال حدثنا أحمد بن عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ قال حدثنا الحسن بن صالح بن أبي الأسود بن أخي منصور بن أبي الأسود قال حدثني شيخ يُكْنَى أبا محمد وحدثني شيخ يقال له المُهاجُر في زمن خلف في المسجد الأعظم عن محمد بن مسلمة قال : قال رسول الله ^ :  ( إن لرَبِّكُمْ عز وجل في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها لعل أحدكم أن تُصَيْبَهُ منها نفحة لا يشقى بعدها أبدا )
. . لقد استفدنا من الاحتفال بمولد النبي عليه الصلاة و السلام . . احتفلنا بخروجنا من الظلمات إلى النور . . و من الشرك إلى الإيمان . . نحتفل بالنعم التي أنعم الله بها علينا منذ مولده.
بل أبسط من ذلك . . إننا نحتفل بالمولود البشرى العادي جداً . . بالخير الذي يأتي معه . . العقيقه . . وهى ذبح خروفين في حالة المولود الذكر . . و ذبح خروف واحد في حالة المولود الأنثى . . وهو في الحالين ذبح لله . . يستفيد منه أهل الله . . وليس شركاً ولا كفراً بالله . . كما يصر بعض من بلانا الله بهم . . الذين يريدون أن يوقفوا كل شيء في الدنيا بتفسيراتهم الضعيفة الضيقة.
ولو سألت واحداً منهم لماذا تفتى بغير علم سارع بالقول : إن الأمر شورى بين المسلمين . . ويدلل على ذلك بأن النبي ^ غير موقع المعركة في بدر باقتراح من مسلم يقاتل معه . . وهو قول حق يراد به باطل و جهل . . فالذى سمع النبى كلامه مقاتل محترف . . وليس بائع خضار . . ومن ثم فإن للشورى دوائر ومستويات . . فلو كانت هناك حالة مخ وأعصاب حرجه فإننا نلجأ إلى الأطباء . . هذه هى دائرة الإختيار . . ولابد أن يكون هؤلاء الأطباء متخصصين فى المخ والأعصاب على أعلى مستوى . . هذا هو مستوى الإختيار . .  إن هؤلاء هم أهل الذكر . . أهل العلم . . أهل الخبره . . أهل الشورى فى هذا التخصص . . ولكل تخصص من تخصصات الحياه أهله . . وخبراؤه . . وعلى هؤلاء أن يقولوا خيراً أو ليصمتوا.
ونحن نحتفل بمولد سيدنا الحسين كما نحتفل بوفاته . . نحتفل باللحظه التى لقى فيها ربه. واللحظه التى يرضى فيها الله عنه . . ومره أخرى نحتفل بوفاته لأنه ليس إلهاً . . فهو مخلوق . . يولد ويموت . . وفى الإحتفال بالميلاد نحتفل بالخير الذى جاء إلينا معه . . وفى الإحتفال بالوفاه نحتفل بالخير الذى يناله وهو يلقى الله فرحاً مستبشراً . . قانعاً . . راضياً.
وفى يوم عاشوراء . . يوم إستشهاد سيدنا الحسين . . نحتفل بأنه لقى ربه فى أشرف ميته . . ميتة الشهاده . . ولو خير سيدنا الحسين أن يعيش أطول أو يلقى ربه شهيداً لما تردد فى إختيار ما جرى له . . لقد أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه . . وهو ما يفرحنا . . ويجعلنا نرفض شق الهدوم ولطم الخدود عليه.
لقد فرح المسلمون بكل مرحله من مراحل سيدنا الحسين . . الميلاد . . الحياه . . و الأستشهاد . . وقد كان وهو على قيد الحياه يدير أمور المسلمين . . ويختلى بنفسه فى رحاب الله . . وحدث أن وجد أخوه سيدنا الحسن جمعاً من الناس حول بيته و هو فى خلوته . . فأرسل إليه ورقه قال له فيها : ” إحتياج الناس إليكم من نعم الله عليكم فلا تملوها فتعود نقماً ” . . فقرر سيدنا الحسين الخروج من خلوته و أقسم ألا يعود إليها مفضلاً قضاء حوائج الناس على متعته فى خلوته مع الله. سلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حياً.
وفي صحيح البخارى – الجزء الأول ، ص (398) :
1294 – حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان حدثنا زبيد الياميُّ عن إبراهيم عن مسروق عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال النبي ^ ( ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية ).
 وفى كل الأحوال لا بد من القبول بما قسم الله . . إنا لله وإنا إليه راجعون . . وعلينا أن نفرح بقضاء الله . . وهى أعلى درجه . . أقل منها أن نرضى بقضائه . . أقل منها أن نصبر على قضائه . . ساعتها سنرضى عن الله كما يرضى الله عنا.
وجد أبو بكر الصديق رضى الله عنه رجلاً فسأله : هل رضيت عن الله حتى يرضى عنك ؟. . فقال الرجل كيف أرضى عن الله وهو القوى وأنا الضعيف وهو الغنى و أنا الفقير . . . . . فقال أبو بكر : إن فرحت بالنقمة كما تفرح بالنعمة فقد رضيت عن الله . . وهؤلاء هم الذين قال الله عنهم [ وَرَضُواْ عَنْهُ ] (199المائدة،22المجادلة،8البينة) .
فلماذا يبكى البعض على سيدنا الحسين ؟ . . نحن نعرف أنه سيموت . . فلماذا البكاء؟ . . علينا أن نفرح بما حدث له حتى في لحظاته الأخيرة . . فقد لقي الله و هو راض عنه . . وكان يشعر بالفرحة . . وعلينا أن نفرح بفرحه . . لماذا نبكى ؟ . . هل نبكى معتقدين أنه ما كان يجب أن يموت . . إن كل مولود يجب أن يموت . . هل نبكى على الأسلوب الذي مات به ؟. . نعم هو أسلوب سيء . . ولكنه في النهاية شهادة . . و لو خير بينها وبين الموت الطبيعي لاختارها.
لقد تمنى خالد بن الوليد ميتة مثلها . . قال وهو على فراش الموت : لم يبقى في جسمي موضع إلا وفيه ضربة بسيف أو طعنه برمح أو رميه بسهم وها أنا ذا أموت على فراشي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء . . إنه مثل كل مؤمن كان يتمنى الشهادة . . أحسن خاتمه . . وهى تَجُبّ ما قبلها . . ولا شيء بعدها.
لقد منحها الله تكرماً لسيدنا أبو بكر الصديق الذي مات بلدغة ثعبان . . ففي يوم الهجره من مكة إلى المدينة دخل مع النبي ^ الغار وكان يرتدى جلبابين . . وراح يمزقهما كي يسد ما في الغار من شقوق . . حتى أصبح هناك شق لا يجد قماشاً يسده . . فسده برجله . . بينما النبي ينام على حجره . . وكان في الشق ثعبان أراد أن يرى الرسول ومنعته رجل أبى بكر فلدغه لدغه خفيفة لعله يسحبها . . وتحمل أبو بكر الألم حتى لا يوقظ النبي . . لكن دمعه فرت من عينه . . سقطت على خد النبي . . فاستيقظ قائلاً : مايبكيك يا أبا بكر ؟ فروى له ما حدث . . فسأل النبي الثعبان : ألا تعلم من أنا ؟ . . قال الثعبان : مصيبتي أنني أعلم ؟ . . و سأله : ألا تعلم من هذا ؟ . . أجاب : أعلم أنه صاحبك يا رسول الله . . وقد أردت أن أراك لكن أخيك منعني عنك . . فمسح النبي بريقه الشريف عضة الثعبان فبرأ أبو بكر منها . . وعندما حانت لحظة الوفاة أراد الله أن يكرمه فأطلق سم الثعبان في جسده مره أخرى لينال الشهادة.
ونال سيدنا عمر بن الخطاب الشهادة بموته مقتولاً على يد أبى لؤلؤه المجوسي . . و كذلك سيدنا على بن أبى طالب الذي قتله عبد الرحمن بن ملجم. . وسيدنا عثمان بن عفان . . وسيدنا الحسن . . شقيق سيدنا الحسين . . كلهم أحبوا الشهادة فمنحها الله لهم

و لا حول و لا قوة إلا بالله