عمل الخير غير العمل الصالح

الفجر العدد 104
2/6/‏2007

قال النبى ^ : (  اعربوا القرآن . . والتمسوا غرائبه ) .
ورد فى المستدرك الحاكم الجزء (2)ص(477)
3644 – أخبرنا إسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان الشيباني ثنا جدي ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية حدثني عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ^ : (  اعربوا القرآن و التمسوا غرائبه ) .
 ” لم يقل عجائبه “. . فالشىء العجيب هو الشىء الذى لا نظير له . . لكنه . . أفضل نظائره . . فتاج محل مقبره . . لكنها أفضل المقابر . . أما الشىء الغريب . . هو الشىء الذى لا نظير له.
وفي صحيح مسلم – الجزء الأول ، ص (130) :
232 – ( 145 ) حدثنا محمد بن عباد وابن أبي عمر جميعا عن مروان الفزاري قال ابن عباد حدثنا مروان عن يزيد يعني ابن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قال رسول الله ^ : (  بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء ) .
” بدأ الإسلام غريباً ” أى ليس له نظير . . ثم أضاف: ” وسيعود غريباً . . فطوبى للغرباء ”
والغرباء هم قوم حط الذكر عنهم أثقالهم فيأتون يوم القيامه خفافاً .
إن الغريب هنا ليس غريب الأهل والوطن وإنما هو غريب العلم والعمل . . أى لا مثيل له فى العباده والتقوى .
أما المقصود بإلتماس غرائب القرآن هو أن نبحث فيه عن أشياء لا توجد فى غيره . . لا توجد إلا فيه .
ولا يكشف القرآن سره لأحد إلا بقدر إقباله عليه . . فيه إشارات صغيره كالمسامير التى تجمع وتربط بين الآشياء . . ومن هذه الإشارات القدره الفائقه على إستخدام حروف الجر فى موضعها بدقه متناهيه .
يقول سبحانه وتعالى : [ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِـهِمْ سَاهُونَ ] (5،4الماعون) . . ونحمد الله الذى قال :  [ عَن صَلَاتِـهِمْ سَاهُونَ ] وليس ” فى صلاتهم ساهون ” . . لأننا فى بعض الأحيان نسهو ونحن نصلى .
ويفرق القرآن بين عمل الخير والعمل الصالح . . إن عمل الخير هو عمل يفيد الناس لكن . . ربما لا يؤخذ عليه ثواب . . أو أجر . . كأن يتبرع لص ببعض ما سرق للفقراء . . هذا عمل خير . . لكنه ليس عملاً صالحاً .
العمل الصالح هو الذى يستفيد منه الناس ويُقبل من الله . . يقول سبحانه وتعالى : [ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ] (25البقرة،277البقرة،57آل عمران) لم يقل وعملوا الخيرات . . فهناك كافر يمكن أن يبنى مستشفى أو مدرسه وهذا عمل خير لكن لا يؤجر عليه .
ويقول القرآن : [  قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ] (9 الزمر) . . والمقارنه هنا ليست بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون فقط كما هو شائع . . ولكنها مقارنه بين الذين يعلمون. . فالذين يعلمون لا يستوون . . فهناك درجات مختلفه من العلم تجعلهم لا يستوون . . كذلك الذين لا يعلمون لا يستوون . . فدرجات الجهل مختلفه تجعلهم لا يستوون.
[ وَمَا يَسْتَوِى الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ ] (19 فاطر) . . إن الأعمى نسبة للعمى . . والبصير نسبه إلى البصيره . . ولو كانت المقارنه بين الأعمى والمبصر لقال : “ولا الأعمى ولا المبصر” . . لكن المقارنه هنا بين الأعمى فى حد ذاته فليست درجات عدم ابصار العين متساويه . . وبين البصير فى حد ذاته . . فالبصيره هى عين القلب وهى تختلف من شخص إلى آخر.
[ وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ ] (20 فاطر) . . فالظلمات كلها ليست متشابهه . . ولا النور كل يتشابه. . [ وَمَا يَسْتَوِى الْأَحْيَآءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ ] (22 فاطر) . . فالأحياء يختلفون فيما بينهم فى الشكل والعقل والرزق والإيمان . . والأموات أيضاً يختلفون فيما بينهم

ولا حول ولا قوة إلا بالله