صيام الصابرين وصيام الراضين وصيام الشاكرين

الفجر العدد 218
31/8/2009

في الحديث الشريف في صحيح ابن حبان الجزء(8) ، ص(221)
3435 – أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء بن كريب حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين مردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت ابواب الجنة فلم يغلق منها باب ومناد ينادي : يا باغي الخير أقبل وياباغي الشر أقصر ولله عتقاء من وذلك كل ليلة)
ما أن يأتي شهر رمضان حتى تخمد أنفاس غالبية الصائمين .. ويسيطر عليهم الوخم .. ويتكاسلون في العمل .. وتظهر عليهم أعراض التوتر .. وتضيق مشاعرهم .. وكأنهم في كرب كئيب .. لا يخرجهم منه سوى مدفع الإفطار.
إن هذا النوع من الصيام يسمى صيام الصابرين .. الذين يتعاملون مع تكليف : [كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ] ..  (183 البقرة) .. وكأنهم يسمعون أية: [كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ] (216 البقرة) فصيامهم علي مضض .. مجبرين عليه .. وكأنهم في قرارة أنفسهم يتمنون أن يلغي الله تلك الفريضة الصعبة عليهم .
ولو كان ذلك النوع من الصيام يخص عامة الناس فإن النوع الثاني يسمى صيام الخواص أو صيام الراضين .. وهم لا يتذمرون من الصيام .. ولكن .. لو خيروا بين بقائه وإلغائه لاختاروا إلغاءه والفرق بينهم وبين الصابرين هو أنهم لا يعلنون شكواهم من الصيام  .. ويخفون تبرمهم منه .
أما النوع الثالث من الصيام .. صيام خواص الخواص .. فهو صيام الشاكرين .. وهنا نتوقف قليلا عند قوله سبحانه تعالى : [ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ  كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] (183 البقرة) .. وليس المقصود أننا نصوم كما كان يصوم من  قبلنا .. ولكن .. المقصود أن الصوم فريضة لسنا أول من كتبت عليهم .. فمبدأ الصيام وهو الحرمان من شيء ما واحد .. بغض النظر عن اختلاف القواعد والتوقيت .
وتضيف الآية : [أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ] .. أي هناك توقيت محدد .. هو شهر رمضان .. لا يجوز تأجيله أو تقديمه .
ويضيف سبحانه وتعالي: [ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ] (184البقرة) .. ومعني أن الله يتوجه بدعوة الصيام للذين آمنوا فإن من يستجيب لها عليه أن يشكر الله لأنه أحتسبه من المؤمنين .. وعليه أن يشكره أيضا لأنه ليس مريضا كي يعفيه منه .. وهي شهادة علي الصحة .. وعليه أن يشكره كذلك لأنه يقيم وسط أهله وناسه ومن يحب .. وليس علي سفر .. بكل ما في السفر من متاعب في الغربة .. ومن ثم فإن كل لائق للصيام عليه أن يشكر الله لوصفه بالمؤمن ولتمتعه بنعم الله لا أن يتبرم منه .
لذلك يقول سبحانه وتعالي: [ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ] .. وفي موضع أخر : [يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَه عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ] (185 البقرة) .. ومن الكلمة الأخيرة جاء وصف صيام الشاكرين

ولا حول ولا قوة إلا بالله