القرآن والفرقان . . والمصحف والكتاب؟

الفجر العدد 172
29/9/2008

ما الفر ق بين القرآن و الفرقان ؟ . . و المصحف و الكتاب ؟ .
القرآن من القراءة . . كلمات نقرأها . . أو نسمع من يقرأها . . [ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْءَانُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ ] (204 الأعراف) . . و الكتاب . . صفحات مكتوبة . . مهما كان . . ويجب أن نقول ” كتاب الله ” لنفرق كتاباً نزل من السماء عن كتاب صاغه بشر . . يقول سبحانه وتعالى : [ مَّا فَرَّطْنَا فِى الْكِتَابِ مِن شَىْءٍ ] (38 الأنعام) . . ومثل الكتاب . . المصحف . . أي المكتوب في صحيفة . . أو صحائف . . و من ثم يسمى مصحفاً . . أما الفرقان فهو المرجع الذي نحتكم إليه . . يقول سبحانه وتعالى : [وَقُرْءَاناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً ] (106 الإسراء).
ويقول سبحانــه وتعالـى : [ إِنَّهُ لَقُرْءَانٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْـمُطَهَّرُونَ ] (77-79 الواقعة) . . لم يقل ” لا يلمسه ” . . فهناك فرق يصعب الانتباه إليه بين المس واللمس . . توضحه قصة مريم . . فعندما جاءها الملك وقال لها [ قَالَ إِنَّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً ] (19 مريم) قالت: [ أَنَّىٰ يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً ] (20 مريم) . . هى أيضاً لم تقل ” لم يلمسني ” بشر . . فهناك فرق بين فعل يمس . . ويلمس . . ويباشر . . ويلامس . . ويعاشر . .
المس من بعيد مثل رشة العطر . . [ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَاْ لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْـمَسِّ ] (275 البقرة) . . وفي قصة موسى والسامرى والعجل الذي أضل به بني إسرائيل يقول نبيهم : [ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ ] (97 طه) . . فكلمة مس لا تعنى الملامسة . . فاللمس يحدث بين طرفين غير متجانسيين . . يقول سبحانه وتعالى على لسان الجن : [ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَآءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً ] (8 الجن).
وتطلق المباشرة على التقاء بشرة إنسان ببشرة إنسان آخر . . يد رجل بوجه إمرأه مثلاً
وورد فى صحيح مسلم الجزء (2) ص (776) :
65 – ( 1106 ) حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب ( قال يحيى أخبرنا وقال الآخران حدثنا أبو معاوية ) عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود وعلقمة عن عائشة رضي الله عنها ح وحدثنا شجاع بن مخلد حدثنا يحيى بن أبي زائدة حدثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم ولكنه أملككم لإربه
[ ش ( ويباشر وهو صائم ) معنى المباشرة هنا اللمس باليد وهو من التقاء البشرتين ]
. . أو أصابع طفل بشعر أمه مثلاً . . يقول سبحانه وتعالى : [ نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ] (223 البقرة) [ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْـمَسَاجِدِ ] (187 البقرة).
ولو كانت المباشرة في منطقة العورتين . . أو الختانين فإنها تسمى الملامسة . . يقول سبحانه وتعالى : [ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ ] (43 النساء) . . فإذا ما أدى لقاء العورتين إلى ما هو أكثر من ذلك تكون المعاشرة .
ولو عدنا إلى السيده مريم نجدها لم تقل لم يعاشرني . . أو لم يلامسني . . أو لم يلمسني . . و لو بالنية و لو بالتفكير فيها . . لقد حفظها الله و ضمن أن لا يقربها أحد و لو بالتمني . . نوع من الإعجاز الإلهى أن يحفظها الله فلا تلفت نظر أحد رغم جمالها الباهر . . هذا من جانب الآخرين . . أما من جانبها هى فقد قالت إنها لم تكن بغياً . . أى لم تبغ شيئاً . . أو تطلب شيئا.
بل أكثر من ذلك قالت مريم : [ لَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ ] . . ولم تقل لم يمسسني رجل . . فكأن تطهر العقول والنيات تجاهها كان شاملاً كل البشر . . وهو تكريم لم يحصل عليه غيرها من النساء .
فلو قلنا على كتاب الله لا يمسه إلا المطهرون فإنما نقصد أن لا يتطيب به إلا المطهرون . .مثل المسك . . والعطر . . والطيب . . أي لا يصل إليه إلا المطهرون من الشرك و الدنس . . و هناك فرق بين المطهرون و هو أسم مفعول و المتطهرون و هو أسم فاعل .
عندما سئلت السيدة عائشة عن أخلاق النبي قالت : كان خلقه القرآن . . و في رواية أخرى وصف النبي عليه الصلاة والسلام بأنه كان قرآناً يمشى على الأرض  .
وكما ورد فى مسند أحمد ابن حنبل الجزء (42) ص (183) :
25302 – حدثنا عبد الرزّاق عن معمر عن قتادة عن زُرارة عن سعد بن هشام قال سألت عائشة فقلت أخبريني عن خُلُقِ رسول الله ^ فقالت : كان خُلُقُه القرآن
إنه إمام المطهرين الذين اختارهم الله و هيأهم للوصول إلى مقام القرآن الكريم في اللوح المحفوظ . . فتطبعوا به  . . و تخلقوا به . . و كانوا ورثة رسول الله لأنه المطهر بالأصالة وهم المطهرون بالوكالة   . . أو بالإنابة

ولا حول ولا قوة إلا بالله