سوق الفاكهه وسوق الفتوى

الفجر العدد 70
9/10/‏2006

حاولت البقره أن تشرب من الزير فإنحشر رأسها فيه فسألوا مفتى القريه الجاهل الذى يطيعونه طاعه عمياء عن كيفية إخراجها . . فقال : ” إقطعوا رأس البقره ثم إكسروا الزير ثم إخرجوا البقره ” . . ونفذ الناس الفتوى . . وهم يسألون صاحبها : ” ماذا نفعل من بعدك ؟ ” . . فكانت إجابته : ” لا تقلقوا لقد ربيت رجالاً يملأون الشوارع والطرقات ” . . ولكن صاحب البقره شعر بالحزن والخساره فقرر الإنتقام . . إقترب من المفتى الجاهل قائلاً : ” إنه رجل صالح من أراد أن يدخل الجنه فعليه أن يحصل على شعره من لحيته ” . . وإندفع الناس و شدو شعر لحيته وتكالبوا عليه حتى مات. إن عشوائيات الفتاوى هى مصدر الأمراض الإجتماعيه والدينيه والسياسيه التى يعانى منها المسلمون . . وعندما يقول مسئول كبير فى الأوقاف ” إن فى مصر 95 ألف جامع و95 ألف مفتى ” فلابد أن نتوقف عند هذه الفوضى التى لم تفرق بين من يعلم ومن لا يعلم . . من له الحق فى الفتوى ومن يجب أن نقول له : ” أسكت ” ؟
يجب أن تكون هناك جهه واحده للفتوى . . مثلما هو الحال بالنسبه للكنيسه الأرثوذكسيه . . والكنيسه الكاثوليكيه . . وما يقال خارج هذه الجهه يكون مجرد رأى يجتهد أصحابه فى عرضه ولكن لا يلزم من يسمعه ولا يجبره على إتباعه. . وإلا كنا كذلك الرجل الذى لم يعجبه إسم زوجته فسبب لها ألماً لم تتخلص منه إلا عندما وجدت رجلاً نصاباً يبيع الأسماء . . فإختارت إسماً يريحها ولكن دفعت فيه كل ما تملكه ويملكه زوجها . . وعندما عاد الزوج وإكتشف بلاهة زوجته تركها ليبحث عمن هو أكثر بلاهه منها . . فوجد بدوياً يسكن خيمه هو و زوجته وإبنته . . إستقبلوه وأكرموه وفكرت الزوجه فى أن تزوجه إبنتها . . وطلبت منها أن تصعد للسطح وتأتى ببعض الأكل المحفوظ هناك . . فقالت الأم : لو وقعت إبنتى فلن تتزوج ولن تكون جده . . فقال البدوى : لكن ماذا نفعل مع الضيف لو ماتت البنت ولم تنجب له ولداً ؟ . . فقال الرجل : فى هذه الحاله أكون قد تركت لكم زوجتى أمانه لديكما هى وإبنى وتركتمهما يموتان فما الحكم فى ذلك ؟ . . فقال البدوى : الحكم عندنا هو دفع الديه . . فقال الرجل : وأنا قبلت بالحكم . . إعطنى ما أستحق من ديه . . فقام البدوى ودفع للرجل كل ما يملك.
إن كثيراً من الفتاوى التى يمشى ورائها الناس تؤدى بهم إلى ما وصلت إليه الزوجه التى تشترى إسماً والبدوى الذى يدفع ديه عن جريمه متخيله . . وهى فتاوى يقول بها من يملكون من العلم القليل . . مثل البائع السريح الذى لا يملك مالا فيسرح ببضاعه رخيصه . . ثم بعد أن يكسب يسرح ببضاعه أغلى . . ثم بعد أن يكسب يفتح محلاً . . ثم يصبح مركز قوه فى السوق . . له صبيان وأتباع يروجون لفتواه . . إنها فتاوى بالتقسيط . . حسب الطلب . . فهناك مفتى للفنانات . . ومفتى للبنوك . . ومفتى لتجار المخدرات . . والفتاوى هنا مثل البضائع لها من يشتريها مهما كانت . . فمن لا يجد التين يشترى الجميز . .فللتين قوم وللجميز أقوام.. ويتحول هؤلاء الذين يسيطرون على سوق الفتوى مثل التجار الذين يسيطرون على سوق الفاكهه أصحاب نفوذ ومصدر سلطه ولهم أتباع ولا أحد يقدر على الإقتراب منهم أو المساس بهم.
إن هذا الطراز من الناس الذين يفتون هم عصاميون . . صعدوا السلم من أوله . . وهم بالتالى لا يطيقون غيرهم فهم منافسون لهم فى سوق الفتوى . . وكما أن فى سوق الخضار نقطة شرطه تنظمه فلابد من نقطه مشابهه تنظم سوق الفتوى . . ولابد من مركز دائره للفتوى . . ومركز الدائره هو مفتى الديار المصريه الذى يملك علماً وفهماً وإستيعاباً . .هو مركز الدائره التى يوجد فيها كتاب الله . . أما محيط الدائره فسنة الرسول الكريم ^ ..كل من يخرج عن مركز الدائره ويكون مركزاً آخر لدائره أخرى يجب إيقافه عند حده..وإلا تكونت عشوائيات الفتوى كما قلنا..وفى هذه الحاله نجد أنفسنا مجبرين على التعامل مع العشوائيات كأمر واقع كما فعلت الحكومه مع عشوائيات المدن وإعترفت بها وأمدتها بالمياه والكهرباء والصرف الصحى.
يقول سبحانه وتعالى : [ وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً ] (25الأنفال) ويقول سبحانه وتعالى أيضاً : [ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ] (2 العنكبوت) .. و في الحديث الشريف الذي ورد في سنن أبي داود – الجزء (4)، ص(512) :
4341 – حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود العتكي حدثنا ابن المبارك عن عتبة بن أبي حكيم قال حدثني عمرو بن جارية اللخمي قال حدثني أبو أمية الشعباني قال : سألت أبا ثعلبة الخشني فقلت يا أبا ثعلبة كيف تقول في هذه الآية { عليكم أنفسكم } قال أما والله لقد سألت عنها خبيرا سألت عنها رسول الله ^  فقال ( بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك يعني بنفسك ودع عنك العوام فإن من ورائكم أيام [ الصبر ] الصبر فيه مثل قبض على الجمر للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله ) وزادني غيره قال يارسول الله أجر خمسين منهم ؟ قال :  ( أجر خمسين منكم )  .و في كتاب شعب الإيمان الجزء السادس ص83 زاد (فعليك بالخواص)

ولا حول ولا قوة إلا بالله