القوامه للمرأه أحياناً . . لكن . . بشروط

الفجر العدد 71
16/10/‏2007

كل كلمه فى كتاب الله زهرة من نوع خاص لا يتكرر لونها وعطرها وقوامها مع باقى الزهور حتى لو اختلط الأمر على البشر الذين يسمعون ولا يستوعبون . . ينظرون ولا يتفحصون . . يقرأون ولا يستوعبون.
إن حروف لغة القرآن كنز مسجور مات مئات من العلماء قبل أن يكتشفوه . . وسيموت مئات غيرهم على أمل إكتشافه . . فالحروف الساميه المكتوبه بالنور لا تقرأ إلا لمن يفهم لغة النور.. وهى لغه خص بها الله من يشاء من عباده . . والله حر فى ثروته ومشيئته.
يقول لنا أحد الذين فتح الله عليهم بنفحات صوفيه : تتشابه الكلمات فى عيون البشر . . كحبات الأرز . . وعيون الصينيين . . لا يفرقها إلا نفحه الله من علمه . . ومن فهم المعنى سهل عليه التفسير . . ومن عجز عن ذلك أضل الناس معه بفتاوى خاطئه.
يفرق القرآن ( مثلاً ) بين الذكوره والرجوله . . الذكر نوع يختلف عن النوع الآخر . . الأنثى ليس الذكر كالأنثى . . أما الرجل فهو الذكر الناضج . . الفاهم . . القادر . . العارف . . الحامل لصفات العدل والحكمه والرحمه . . بغض النظر عن أعضاء الذكوره . . فلو حملت هذه الصفات إمرأه كانت مثل الرجل . . وهو ما نعبر عنه فى حياتنا أحياناً بأن هناك إمرأه بالف رجل.. لذلك قال القرآن :[ لَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ] (36 آل عمران) ولم يقل : ( ليس الرجل كالمرأه ) . . وهو إعتراف بالمساواه لم يصل إلى عيون الذين لا ينظرون إلى جوهر المعانى.
التفرقه واضحه بين الذكر والرجل . . يقول الله سبحانه وتعالى : [ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ] (11النساء) . . ويقول : [ مِّنَ الْـمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مِّن يَنتَظِرُ ] (23 الأحزاب) . . إذن ليس كل ذكر رجلاً . . يجب أن يستوفى الذكر شروط إنسانيه ( إيمانيه وأخلاقيه ) قبل أن يصبح رجلاً.
وهناك آيات يخاطب بها الله المؤمنين والمؤمنات معاً . . مثل : [ قُل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ] (30 النور) [ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ] (31 النور) . . ومثل : [ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ ] (25 الفتح) . . لكن. . هناك آيات يكتفى سبحانه وتعالى بذكر المؤمنين فقط . . مثل : [ مِّنَ الْـمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ ] ومثل : [ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ ] (37 النور) . فهل عدم ذكر النساء يعنى أن المرأه تلهيها التجاره عن ذكر الله ؟.إن هناك ثلاثة محاور فى تعامل القرآن مع الرجل والمرأه:
(1)   ذكر الرجال والنساء معاً . (2)   ذكر الرجال فقط . (3)   ذكر الذكر والأنثى .
والذكر والأنثى ليسا بالضروره أن يكونا بالغين عاقلين ناضجين . . يكفى نوع الجنس لتحديد الفرق . . وهناك حقوق لهما حتى بالحاله التى عليهما . . فالطفل مثلاً ذكر . . والفتاه الصغيره أنثى . . ولهما حقوق فى الميراث حتى وإن لم يصلا سن البلوغ والنضج . . فإن وصلا إلى تلك السن أصبحا رجلاً وإمراه . . فإن دخلا فى دين الله أصبحا مؤمناً ومؤمنه . . وفى كل حاله من هذه الحالات توصيف مختلف . . وتكليف مختلف.
وذكر الرجل وحده فى نص قرآنى لا يعنى أن المرأه غير معنيه . . أومكلفه به .. [ مِّنَ الْـمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ ] لا تعنى أنه لا توجد من المؤمنات نساء صدقن  .. وعندما يقول سبحانه وتعالى [ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ  كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ] (183 البقرة) فليس المقصود بالرجال هنا الجنس أو النوع وإلا كان الله قد تحدث عن ذكر وأنثى وإنما المقصود صفات بعينها من يتمتع بها من يكون مكلفاً سواء كان رجلاً أو إمرأه.
إن كلمة رجل فى هذه الأحوال تعنى الرجال والنساء معاً . . والمرأه تكتسب صفة الرجوله هنا لأنها تقوم بالدور الذى يقوم به الرجل . . فلو كانت هناك إمرأه تعول زوجها المريض العاجز المقعد تكون لها القوامه عليه لأنها تنفق عليه وتقوم مقام الرجل فى هذه المهمه . . فالإنفاق هو شرط القوامه كما فى قول الله سبحانه وتعالى : [ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَآ أَنفَقُواْ ] (34النساء) . . إذن من ينفق يكون رجلاً أو يأخذ صفة الرجوله . . ومن يملك هذه الصفه يكون من حقه القوامه . . تماماً مثل ( العلماء ورثة الأنبياء ). من يرث نبياً لابد أن يكون عالماً . . ومن له القوامه لابد أن ينفق وفى الحديث الشريف بسنن أبو داوود – الجزء (4)، ص (57-58):
3641 – حدثنا مُسَدد بن مُسَرهد ثنا عبد الله بن داود قال سمعت عاصم بن رجاء بن حَيْوة يحدث، عن داود بن جميل، عن كثير بن قيس قال :كنت جالسا مع أبي الدرداء في مسجد دمشق، فجاءه رجل ، فقال يا أبا الدرداء ، إني جئتك من مدينة الرسول ^ لحديث بلغني أنك تحدثهُ عن رسول الله ^ ، ما جئت لحاجة ، قال فإني سمعت رسول الله ^ يقول : ( من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، ورَّثُوا العلم فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافر).
وهناك شرط آخر للقوامه . . تفضيل الله البعض على البعض . . فلو رأست إمرأه رجالاً فى معهد أو مصنع أو مكتب أو وزاره يكون ذلك نوعاً من التفضيل منحه الله لها وتكون القوامه لأنها حملت شرطاً من شروطها . . فلو أنفقت المرأه على أهلها تكون قد أكملت شرطى القوامه . . فكل من يملك الشـرطين يكون رجلاً ( نكرر لم يقل ذكراً ) أو يحمل صفات الرجل وتكون له القوامه . . إن الرجوله هنا رمز . . صفه أخلاقيه وإجتماعيه وليست صفه تشريحيه . . تماماً كما نقول مثلاً : ( كأس العالم ) . . فهل للعالم كأس ؟ أوهل يشرب العالم فى كأس؟ . . إن كأس العالم رمز لشىء ما محدد من يستوفى شروطه يحصل عليه.
من فضله الله على غيره . . ومن ينفق على غيره . . يكون قد إستوفى شروط الرجوله . . ومن يكون له القوامه سواء ذكر كان أو أنثى قوامه بإنفاق المال أو بالمنصب . . كما فى حالة المدير المرأه ( نكتبها خطأ المديره ) وحالة الوزير المرأه ( نكتبها خطأ الوزيره ) . . فنحن لا نتعامل هنا مع جنس أو نوع لكننا نتعامل مع صفه ومهمه و وظيفه.
والملفت للنظر أن القرآن يفرق فى النطق بين المرأه المتزوجه والمرأه غير المعروفه . . المرأه المتزوجه ( مثل إمرأت العزيز ) تنطق بالتاء المفتوحه . . وعندما تكون عاديه غير معروفه ( مثل مؤمنه ) تنطق بالتاء المربوطه.
وفى اللغه نقول : ( عدم حبس الصحفيين ) وهو ما لا يعنى ( حبس الصحفيات ) . . فكل من عمل فى الصحافه رجلاً أو إمراه لا يحبس حتى وإن إكتفينا بصيغة المذكر
ولو كان القرآن قد جاء لتشريع ما فى الواقع من أمور فإن الواقع يؤكد أن الرجال قد ينفقون وقد لا ينفقون . . قد يكونوا مميزين وقد يكونون غير مميزين . . والأمر نفسه ينطبق على النساء . . ومن ثم فإن من ينفق أو من فضله الله على غيره تكون له القوامه سواء كان رجلاً أو إمرأه

ولا حول ولا قوة إلا بالله