النبي هو نعم الوكـــــيل

الفجر العدد 169
8/9/2008

أشهر جمله قرآنيه يستخدمها المصريون . . [ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ]  . . نتعرض للظلم فننطق بها . . لا نجد رغيف الخبز فندعو بها على الحكومه . . لا نقدر على مواجهة القهر . . فنصرخ بتلك الجمله السحريه التى تعيد إلينا طاقاتنا النفسيه و الروحيه و الإيمانيه .
يقول سبحانه وتعالى : [ الَّذِينَ قَالَ لَـهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوٓءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللهِ وَ اللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ] (174،173 آل عمران).
تكررت فى الآيه كلمة الناس . . الناس فى المره الأولى هم المتوقع الإعتداء عليهم . . والناس فى المره الثانيه هم الذين جمعوا لهم . . إستعدوا لإيذائهم . . جمعوا لهم كل أنواع الإيذاء . . الضرب . . القسوه . . التشهير . .جمعوا لهم . . وظفوا كل إمكاناتهم لهم . . فإخشوهم . . فخافوا منهم . . لكنهم قالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل . . فإنقلبت الأمور لصالح الضحايا ضد الفتوات و البلطجه .
قيل إن الإمام جعفر الصادق قال : عجبت لمن يخشى الناس كيف يغفل قول الله سبحانه وتعالى : [ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ] ؟ . . وعجبت لمن أصابتهم مصيبة كيف يغفلون قوله تعالى [إِنَّا لِلهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ] (156 البقرة) ؟.
وكلمة حسبى تعنى يكفينى . . حسبنا الله تعنى يكفينى الله . . لانريد سواه . . فهو نعم الوكيل . . يقول سبحانه وتعالى للنبى صلى الله عليه وسلم : [ يَآ أَيُّهَا النَّبِىُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ ] (64 الأنفال) . . وفى آيه أخرى : [ وَإِن يُرِيدُوٓاْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِىٓ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْـمُؤْمِنِينَ ] (62 الأنفال) . . وهو ما يعنى أن الإستعانه بالمؤمنين لا تعتبر شركاً كما يوهمنا المتشددون والمتشنجون .
وورد فى صحيح البخارى الجزء (1) ص(442) :
1432 – حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد حدثنا أبو بريدة بن عبد الله بن أبي بردة حدثنا أبو بردة بن أبي موسى عن أبيه رضي الله عنه قال كان رسول الله ^ إذا جاءه السائل أو طلبت إليه حاجة قال :( اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ^ ما شاء ).
 { ش } ( اشفعوا ) توسلوا في قضاء حاجة من طلب أو سأل . ( تؤجروا ) يكن لكم مثل أجر قضاء حاجته .
حسبك الله ومن إتبعك من المؤمنين . . تعنى أن يؤيدك الله من الباطن . . أما أدواتك فهى المؤمنين . والآيه كلها : [يَآ أَيُّهَا النَّبِىُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ * يَآ أَيُّهَا النَّبِىُّ حَرِّضِ الْـمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِنْ الَّذِينَ كَفَرُواْ ] (65،64 الأنفال) . . لكن . . الله فيما بعد خفف قوة كل مؤمن حين قال : [ الْأَنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ] (66 الأنفال) لأنه [ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا ] (286 البقرة).
لا يكلف الله نفساً إلا وسعها . . وهنا لا يعنى طاقتها . . فالطاقه هى الحد الأقصى . . أما الوسع فيعنى الحد الأدنى . . فلو فرض الصيام بطاقة الإنسان فإنه لا ينتهى . . بينما صيام رمضان صيام فى الوسع . . فى القدره . . وعلى الذين يطيقونه . . أى لا طاقة لهم به . . لا قدرة لهم عليه .  . إطعام مسكين . . ويمكن تشبيه الفرق بالفرق بين البنطلون الإسترتش الشديد الضيق والبنطلون الفضفاض . . الأول إستنفد طاقته . . والثانى لا يزال فيه سعه .
ونكمل الآيه : [ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ ] (286 البقرة) . . إن هذه الآيه نزلت بسبب آيه أخرى هى : [ وَإِنْ تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ] (284 البقرة) . . وعندما شق ذلك على الصحابه قالوا : يارسول الله هذا صعب علينا . . قال لهم : ( لا تعترضوا ) . . قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير . . وهى آيه أصبحت ورداً . .  [ ءَامَنَ الرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْـمُؤْمِنُونَ كُـلٌّ ءَامَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْـمَصِيرُ* لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ] (286،285 البقرة).
ولنتوقف الآن عند قول الله للنبى : [ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ ]. . وهى تعنى . . يكفيك الله والذين إتبعوك يا محمد . . وهو أمر لا يمس العقيده فى شىء . . ولا يعد شركاً كما يوهمنا البعض . . فماذا لو قال النبي : حسبى الله والمؤمنون . . إن هذا يكون متمشياً مع الآيه . . فماذا لو قال العبد : حسبى الله والنبي . . بإعتبار أن النبي خير الوكلاء . . أفضل الموكلين من الله لهداية البشر بالشفاعه العظمى . . رحمة للعالمين ..باللين . . بكل شىء . . لقد وكل النبي بذلك كما وكل الأغنياء بالمال . . يقول الحديث القدسى : ( المال مالى والأغنياء وكلائى والفقراء عيالى فإذا بخل وكلائى على عيالى أذقتهم وبالى ولا أبالى )
وفي الحديث الشريف كما ورد فى المعجم الكبير الجزء(10) ، ص(105)
10033 – حدثنا محمد بن الفضل السقطي ثنا إسحاق بن كعب ثنا موسى بن عمير عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الخلق كلهم عيال الله فأحب الخلق إلى الله انفعهم لعياله.
ولو كان النبي وكيلا لله . . بل خير وكلاء الله . . فلابد أن يكون أيضاً هو نعم الوكيل . . إن غيره من الوكلاء يحتمل أن يقصروا فيما وكلوا فيه أو وكل إليهم أمره . . إلا رسول الله . . ليس هناك إحتمال أن يقصر فيما وكل فيه ولذلك فهو نعم الوكيل . . يقول أحد البسطاء : كل من راما ذلنا من قريب . . لكن يكفى قولنا حسبنا الله والنبي. . حسبنا الله ونعم الوكيل

ولا حول ولا قوة إلا بالله