الطعن في سيدنا محمد هو طعن فى المسيح عليه السلام والسخريه منه تلغى روحانية المسيحيه وتحطم أعمدتها

الفجـر العدد 22 
24/10/2005

يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَآءِ الْعَالَمِينَ (42 آل عمران) . . هكذا . . ترد سيرة السيده العذراء فى القرآن الكريم . . الكتاب المقدس للمسلمين . . والإصطفاء هو المصارحه والمكاشفه وإزالة الحواجز بين العبد وربه . . والطهر هو خلو الروح والجسد من الدنس ووسوسة الشيطان و غوايته . . وقد كان إصطفاء مريم و تطهيرها أول الغيث لتكون إحدى سيدات العالمين . . قبل أن يرسل لها الروح الأمين ( جبريل ) فى صورة بشريه ليهب لها غلاماً . . [ قَالَ إِنَّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً ] (19 مريم) . . وتعجبت مريم مما سمعت . . وقالت : [ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً ] ؟(20مريم) . . قال : [ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَىَّ هَيِّنٌُ وَلِنَجْعَلَهُ ءَايَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً ] (21 مريم) .
وقعت المعجزه . . وعاد جبريل إلى مريم ليقول لها : [ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْـمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالْأَخِرَةِ وَمِنَ الْـمُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِى الْـمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ ] (46،45 آل عمران) . . وفاجأها المخاض . . وأمسكت بجذع النخله وهى تتمنى أن تموت قبل أن يأتى مثل هذا اليوم وتكون نسياً منسياً . . لكن المعجزه لم تتوقف . . فقد ناداها الطفل من تحتها قائلاً : [ أَلَّا تَحْزَنِى قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ] (24 مريم) . . وطلب منها ألا تكلم أحداً . . وأن تترك كل من يطعن فى شرفها له . . فأشارت إليه . . قالوا : [ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى الْـمَهْدِ صَبِيّاً ] ؟(29 مريم) . . فقال عيسى عليه السلام : [ إِنِّى عَبْدُ اللهِ ءَاتَانِىَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيّاً * وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ ‎وَأَوْصَانِى بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّاراً شَقِيّاً * وَالسَّلَامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ] (30-33 مريم).
لقد ولد السيد المسيح بنفخه من روح الله . . [ فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَآ ءَايَةً لِّلْعَالَمِينَ  ] (91 الأنبياء) . . وجعله يبرىء أمه قبل أن يتنفس أول شمة هواء . . وعلمه الغيب. . والحكمه . . والرحمه . . والعداله . . والحكم بين الناس . . ونفذ مشيئة الله بإنزال مائده من السماء . . ومنحه معجزات الشفاء وإحياء الموتى . . وكشف الحقيقه . . وصعد بروحه إلى السماء.
هذا هو المسيح و أمه البتول عند المسلمين و فى كتابهم المقدس . . مكانه رفيعه . . تتجاوز القداسه . . بل ربما لم ينصف دين غير الإسلام نبياً مثل عيسى بكل ما أحيط به من أشياء غير معتاده بالنسبه لناموس الحياه . . لكن . . الغريب أن بعض رجال الدين المسيحى لا يكفون أحياناً فى الطعن فى الإسلام ونبيه . . والسخريه منه . . كما حدث فى المسرحيه التى أثارت الفتنه فى كنيسة محرم بك بالأسكندريه . . وما يحدث ليل نهار فى قناه فضائيه مسيحيه تبث إرسالها من الخارج إسمها الحياه يتولاها كاهن أوقس مصرى هو زكريا بطرس.
لا يكف هولاء المصابون بعمى القلب عن الطعن فى رسول الله وفى دعوته وديانته وقرآنه دون أن يدركوا أن هذا الطعن لو صدق لسقطت عقيدتهم وهدمت من أساسها . . فلو مشينا معهم إلى آخر المشوار وأعتبرنا كل ما يمت للمسلمين بصله خرافه كما يدعون فإن ذلك يعنى أن تفسير الإسلام لتطهير مريم وإصطفائها ونفخة الله التى أتت بولدها بكل معجزاته هو أيضاً خرافه لا وجود لها . . ومن ثم يكون علينا . . كما يطلبوننا بتشغيل العقل والمنطق وعلم الأحياء البشريه . . أن نسأل كيف جاء المسيح؟ . . وكيف جاء دون أب ؟ . . وما الذى فعلته أمه ؟ . . وما الرأى فيها ؟ . . وغيرها من الأسئله التى يفرضها العلم التجريبى والعقل البارد المجرد من الإيمان لو رفضنا القرآن وروايته . . فمن مصلحة الذين يهاجمون الإسلام أن يدافعوا عن الإسلام فهو يتضمن الدفاع عن نبيهم . . ونبينا أيضا . . من مصلحتهم التمسك بما جاء فى القرآن والإصرار عليه لأن فى ذلك تمجيداً وتبجيلاً وتبريراً لكل ما تقوم عليه المسيحيه . . فلو أسقطوه لسقطت . . ولو ضربوه ضربت . . ولو دمروه دمرت ولو شككوا فيه إنصرف الناس عنها و أعتبروا ما جاءت به من معجزات هى خرافات.
إن الفتنه قائمه لكنها نائمه . . لعن الله من أيقظها . . وقد جرت مناقشه بين شيخ صوفى ورجل دين مسيحى بدأها الكاهن بسؤال خبيث عن الإفك الذى أتهمت فيه السيده عائشه رضى الله عنها بما يسىء . . فكان رد العالم الصوفى الجليل : إن ذلك حدث مرتين فى الدنيا . . الأولى لسيده أنجبت دون زواج والثانيه لزوجه معها زوجها . . ففهم الكاهن الإشاره ولم يكمل الشيخ . . فلماذا نقبل بالروح ديانتنا ونستخدم العقل فى تشريح ديانة غيرنا . . [ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ ] (6الكافرون) . . ولماذا لا تكون الدعوه لكل دين دعوه خالصه لا تشوبها شوائب الهجوم على الديانات الأخرى والسخريه من أنبيائها ؟ . . [ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْـمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ] (125 النحل) .
إن المسلمين مطالبون بالإيمان بكل الرسل والملائكه الذين جاءوا قبل نبيهم لا يفرقون بين أحد منهم . . ولا يكتمل إيمانهم إلا بذلك . . ولكن . . لا يمكن السكوت علي ما يوجه إلى نبيهم من إهانات تأتى من الداخل و الخارج وتفجر مشاعر من الألم والإهانه غير مقبوله . . فما الذى يريده هؤلاء المتجاوزون ؟ . . هل يريدون معامله بالمثل . . سخريه بسخريه . . وتشكيكاً بتشكيك . . وإهانه بإهانه ؟ . . هل يريدون الكيل بنفس المكيال ؟ . . لتشتعل النار ويحترق الجميع بها ؟
وقد كنا نتصور أن مثل هذه التجاوزات تجعل البابا شنوده رأس الكنيسه القبطيه ينفعل ويسخن ويمنع ذلك كله . . كان عليه أن يعاقب رجال كنيسة محرم بك على ما سمحوا به . . لا أن يسحبهم إلى دير وادى النطرون ليخفيهم عن العداله وغضب المسلمين . . وكأن الدير بعيده عن سلطة القانون فى مصر . . كان عليه أن يقدمهم بنفسه إلى النائب العام بتهمة الإساءه لديانه أخرى . . لا يتصرف وكأنه فوق القانون . . كان عليه أن يرسل أكثر من رسول إلى ذلك الرجل المتطاول زكريا بطرس كى يعيده إلى الصواب . . لا يكتفى بالقول أنه رجل دين قبطى مشلوح و لا سلطان للكنيسه عليه . . مما فتح الباب لتصور سائد عند البعض بما يسمى بتوزيع الأدوار.إن الذى يتبع أى نبى لا يمكن أن يسىء الأدب إلى نبى آخر . . يقول رسول الله ^ في الحديث الشريف الذي ورد صحيح مسلم – الجزء (4) ، ص (1837) :
145 – ( 2365 ) وحدثنا محمد بن رافع حدثنا عبدالرزّاق حدثنا معمر عن همام بن مُنبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله ^ فذكر أحاديث منها: وقال رسول الله ^ :    ( أنا أَوْلَى الناس بعيسى ابن مريم في الأولى والآخرة قالوا كيف ؟ يا رسول الله : قال الأنبياء إخوة من عَلات وأُمَّهاتهم شتى ودينُهُمْ واحد فليس بيننا نبي ) .
. . وقد كان عيسى عليه السلام يعلم الناس كيف يشيحون بوجوههم وألسنتهم عن القبح و يستخرجون من الكون أجمل ما فيه . . فكيف لم يفهم ذلك الذين يرتدون مسوح الرهبان . . فكانت دعوته قمه من قمم السمو الروحى والمثاليه النبيله . . فكيف لم يستوعبها الذين يروجون لرسالته ؟. .[ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَهٌ أَوْيُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ] (63 النور). . ونحن لا نريد أن نكون فى الفتنه ظهراً يركب ولا ضرعاً يحلب ولا لحماً يؤكل فليخرج البابا شنوده ويقدم ما يفتح الله عليه به من إعتذار . . و وعد بألا يتكرر ما يحدث . . وإلا لن نقدر على إنفلات الأعصاب الساخنه . . والنفوس المجروحه . . اللهم بلغنا اللهم فاشهد.
إن المسلمين لا يقبلون هذا التطاول على دينهم وليس هذا الأمر بجديد . . فقد حدث ذلك فى حياته ^. . فقد كان الكفار يهجونه شعراً . . وكما هو معلوم فإن الله لم يعلمه الشعر ليرد عليهم . . [ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِى لَهُ ] (69يس) . . ويومها أشار النبى إلى أحد صحابته و هو سيدنا حسان بن ثابت , وكان شاعراً , وقال له : ( أجب عنى يا حسان ) . .
وكما ورد في صحيح البخاري الجزء (4)، ص(120):
6152 – حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزُهري ح . وحدثنا إسماعيل قال حدثني أخي عن سليمان عن محمد بن أبي عتيق عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع حسان بن ثابت الأنصاري يَستشهدُ أبا هريرة فيقول يا أبا هريرة نشدتُكَ الله: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول( يا حسان أجب عن رسول الله ^ اللهم أيده بروح القدس؟). قال أبو هريرة نعم.
فأخذ حسان بن ثابت يرد هجاءهم بما هو أشد. . فسمع الشاعر الكافر يقول له : ” لما تهجونى وأنا لم أهجك ” . . فقال حسان بن ثابت له شعراً : ( هجوت محمداً فأصبت عنه . . وعند الله فى ذاك الجزاء ) . . ( أتهجوه ولست له بكفء . . فشركم لخيركم الفداء  ). . ( فمن يهجوا رسول الله منكم. . ويمدحه وينصره سواء ) . . ( فإن أبى و والده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء ) .
هذا ما يعلمه المسلمون عن رسول الله . . وهم على إستعداد لفدائه من آبائهم وأجدادهم وأعراضهم . . والخوف كل الخوف أن يقتنع الشباب بما يسىء إلى رسول الله فيهدمون بذلك الأديان الأخرى . . فالرسول يعتبر الشاهد الوحيد على صدق وبراءة ونزاهة سيدنا عيسى عليه السلام وسيدنا موسى عليه السلام . . والطعن فى الشاهد الوحيد على برائة صاحب القضيه سوف يعود بالخسران على صاحب القضيه نفسه . . [ وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً ] (25 الأنفال) . . ومره أخرى . . اللهم أنى بلغت . . اللهم فأشهد

و لا حول و لا قوة إلا بالله