فيض الرحمن وعذاب الإنسان ورحمة القرآن

صوت الأمة العدد 92
2/9/2002

كان قرص الشمس يخترق حجاب البحر في طريقه إلى النوم في فراش حورية من حوريات الماء بعد يوم حار ساخن جعل وجهه يلتهب احمرارا وفرض عليه رغبة مشتعلة بملاقاة البرودة .. وعندما لامس المياه واختلط بها تلون الكون بألوان رقيقة .. شفافة مذهلة .. في تلك اللحظة الفارقة .. الخاشعة بين النهار والليل كنت أجلس وحيدا أتأمل ذلك السحر المقطر الذي تجود به السماء وتهبه بلا مقابل شعرت بأن عقلي يتفتح .. وقلبي يصفو .. وشرايين الدم في عروقي تتجدد .. وتطرد ما علق بها من غبار .. في تلك اللحظة شعرت بتوحد لم أشعر به من قبل بيني وبين كل ما حولي. لا أعرف كم من الوقت استهلكت ؟ كم من الأفكار كسرت ؟ .. كم من شياطين الجن والإنس حبست ؟ .. لكنني أعرف أن كثيرا من الأسئلة الصعبة سألت .. لماذا يشتعل الخلاف بين المسلمين على النحو الذي نعيشه ونعاني منه ؟ .. لماذا تنتشر اتهامات التكفير والفسق والإلحاد بيننا حتى بتنا جميعا في النار؟ .. لماذا حرموا علينا عيشتنا وجففوا منابع الرحمة في فتاواهم؟ .. لماذا تركوا كبائر الحياة : الفاشية والديكتاتورية والأنانية والأمية وخراب الذمم المالية وأصول الخلافة وراحوا يحرمون ماكينة الحلاقة؟ . لقد نزل الإسلام على مجتمع بدوي متخلف متناحر موصوم بالرق والعبودية ويحتقر المرأة ويواريها التراب فكيف تقبلوه وتعاملوا معه بسهولة ويسر بينما فشلنا نحن في ذلك رغم كل ما نملك من ثقافة وحضارة وقدرة على بناء جسور التفاهم ؟ .. ما الذي حول الرحمة في أيدينا إلى قسوة ؟ .. ما الذي جعل قشرتنا الخارجية حضارية وتحتها جاهلية وبدوية ؟ .. إن سهولة التعامل مع الإسلام في مجتمعه الأول تعني أنه سهل .. فما الذي صعبه علينا ؟ .. ما الذي عقده وجعله مثل كرة صوف تشابكت أطرافها وتداخلت خيوطها ؟ . أتصور أن الإجابة المرضية للجميع هي أننا نسينا قواعد الدين وأعمدته الأساسية وانشغلنا بطبقة البياض الأخيرة على الجدران .. تركنا الخرسانة المسلحة ورحنا نتجادل في لون الطلاء وخصائصه .. انشغلنا بأوراق الشجر وتركنا الجذور التي تقوم عليها الشجرة وتمدها بالحياة .. وعندما تغيب الأسس والقواعد والأصول تغيب اللغة المشتركة .. وعندما تغيب اللغة المشتركة تفلس العلاقات بين البشر .. وتتكسر جسور الود والتفاهم .. إن كل تناقضات العالم هي في أساسها تناقضات لغوية .. نحن نسمى عمليات الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عمليات استشهادية والعدو على الجانب الآخر يسميها عمليات إرهابية.. نحن ننظر إلى العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية على أنها علاقة صداقة وهي تنظر إليها على أنها علاقة تبعية .. وعندما نقطف زهرة ونشمها ونقدمها إلى من نحب نتصور أنفسنا رومانسيين بينما تنظر إلينا الزهرة على أننا قتلة اغتصبنا حقها في الحياة وحكمنا عليها بالإعدام .. ولو قلنا كلمة ” قرش” لرجل بنك لاختلف مفهومها عند صياد سمك .. فهناك ” قرش آخر في البحار .. ولو قلناها لمدمن حشيش لفهمها من جانبه بصورة مختلفة تماما .. وما لم نتفق على معنى ” القرش” الذي نقصده لوجدنا أنفسنا في حالة عشوائية غاضبة ولو لم نتفق على معاني الكلمات وتركنا لكل منا يحددها كما يشاء نكون كمن يقرر أن يحدد عرض قضبان القطار على هواه .. يوسعها أحيانا .. ويضيقها أحيانا أخرى .. وفي كل الحالات لن يمر القطار .. لن يسير عليها . إننا لا يمكن أن نفهم العالم دون لغة مشتركة بيننا وبينه .. ولا يمكن أن يتفاهم المسلمون بعضهم مع بعض دون لغة دينية واحدة بينهم .. لغة تكون فيها القواعد واضحة .. والتعاريف ثابتة .. والرحمة واسعة .. إن عجز المسلمين عن التفاهم المشترك سببه سقوط جسر اللغة بينهم .. لقد انكسرت اللغة بينهم فراح كل فريق منهم يتحدث على هواه .. ويفتي على هواه .. فساد الكفر والقهر والفقر.. لقد ضاقت اللغة فضاق الإسلام .. فهو أكبر من الثوب الذي نضعه فيه .. لقد انقلبت الآية .. بدلا من أن نرتدي الثوب الذي فصله وحاكه لنا الإسلام .. وضعنا الإسلام في الثوب الذي فصله كل منا كما شاء. إن هناك لغة مشتركة بين الموسيقيين .. يسهل قياس النغمة عليها .. وهناك لغة مشتركة بين الأطباء يسهل قياس العلاج عليها .. وهناك لغة مشتركة بين لاعبي الكرة يسهل قياس الجزاءات عليها .. لكن ليس هناك لغة مشتركة بين علماء المسلمين يسهل قياس الفتاوى عليها فكان أن أصاب الدين ما أصاب كل شيء في حياتنا.. العشوائيات .. تاهوا وتهنا معهم .. ضاعوا وضيعونا معهم .. واتبع كل منهم هواه .. ووجدنا أنفسنا في التيه والشتات . لقد خلقنا الله شعوبا وقبائل لنتعارف .. ليكون أفضلنا هو أكثرنا تقوي ” [يَآ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِِِ أَتْقَاكُمْ] (13 الحجرات).
وورد فى صحيح مسلم الجزء (2) ص(779) :
74 – ( 1108 ) حدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو ( وهو ابن الحارث ) عن عبد ربه بن سعيد عن عبد الله بن كعب الحميري عن عمر بن أبي سلمة أنه سأل رسول الله ^ أيقبل الصائم ؟ فقال له رسول الله ^ سل هذه ( لأم سلمة ) فأخبرته أن رسول الله ^ يصنع ذلك فقال يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال له رسول الله ^ ( أما والله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له).
وورد في صحيح البخاري – الجزء (2) ، ص (452) :
3336 – قال الليث عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت النبي ^ يقول: ( الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ) .
والتعارف هو اللغة المشتركة التي لو غابت لحق قول الله تعالى : [ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبِ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ] ( 32 الروم).. إن أسس الدين موجودة في القرآن على سبيل الإجمال .. وموجودة في السنة على سبيل التفصيل .. لكن غياب اللغة المشتركة يجعل كل شخص يتبع هواه .. ثم يسعى جاهدا كي نمشي وراءه باعتباره هو الصواب .. هذا هو سبب التفرق والتشرذم والتعصب والتطرف وربما التخلف الذي نحن فيه .. هذه هي سبب الحالة التي أغرت القوى العظمي باستساغة لحمنا واستباحة أرضنا واسترقاق شعوبنا .. هي حالة نحن منشغلون فيها بالصغائر .. ونعتبرها كبائر .. منشغلون بالمصافحة واللحية وكيفية دخول الحمام ومدى شرعية ماكينة الحلاقة وهل التورتة بدعة , يكون نهاية من يأكلها النار ؟ لو عرفنا قواعد الدين كما نعرف السلم الموسيقي وكما نعرف جزاءات كرة القدم لاختفى الأدعياء ولاختفت الفهلوة أشهر أمراضنا الاجتماعية والنفسية وأكثرها توطنا .. ولتقارب الناس وتصالحوا مع أنفسهم ومع بعضهم البعض .. إن غياب القواعد في الطب جعلت الممرض طبيبا وغياب القواعد في الهندسة جعلت عامل البناء مهندسا .. وغياب القواعد في الدين جعلت الجاهل عالما وفقيها .. فكان كل ما نعاني منه من فوضى في الفتوى وسهولة في التكفير وتداخل بين خصائص البشر والحق الإلهي. إننا ِجميعا بشر نقف متهمين في قفص الحياة في انتظار سماع الحكم يوم القيامة .. لكن .. الجنون قد يصل بنا إلى حد أن نحكم على بعضنا البعض ونحن في هذا القفص .. نقول لمتهم مثلنا براءة .. ستدخل الجنة .. ونقول لمتهم آخر مثلنا إدانة مصيرك جهنم .. كيف سولت لنا أنفسنا أن نحكم على غيرنا ونحن متهمون مثلهم .. وقبل أن تأتى لحظة المحاكمة في القضية الكبرى التي سيحكم فيها الله .. إن شاء عفا عنا وإن شاء عذبنا .. وهو على كل شئ قدير .

وورد فى صحيح البخارى الجزء (2) ص(320) :
2856- حدثني إسحاق بن إبراهيم سمع يحيى بن آدم حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن معاذ رضي الله عنه قال : كنت رِدْف النبي ^ على حمار يقال له عفير فقال ( يا معاذ هل تدري حَقَّ اللهِ على عباده وما حق العباد على الله؟ ) . قلت الله ورسوله أعلم قال : ( فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا ) . فقلت: يا رسول الله أفلا أبشر به الناس ؟    قال : ( لا تُبشرْهم فيتكلُوا).
وورد فى صحيح البخارى الجزء (2) ص(499) :
3478 – حدثنا أبو الوليد حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن عقبة بن عبد الغافر عن أبي سعيد رضي الله عنه:عن النبي ^ (أن رجُلاً كان قبلَكم رَغَسَهُ الله مالا، فقال لبنيهِ لما حُضِرَ: أَيَّ أب كنتُ لكم؟ قالوا خيرَ أبٍ قال فإني لم أَعمَلْ خيراً قطُّ فإذا مُتُّ فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذَرُّوني في يومٍ عاصِف ففعلوا فجمعه الله عز وجل فقال ما حملك ؟ قال: مخافتُكَ فتلقَّاهُ برحمته) .
( رغسه الله مالاًَ: أي جعله الله ذا مال كثير)
إنه لا أحد من حقه أن يفعل ذلك حتى لو كان يحمل كل شهادات الجامعات والمساجد الإسلامية من اخبره بأن هذا مصيره الجحيم وذاك مصيره النعيم .. ولو كان هناك من اطمأن أنه في النار فلماذا يفعل الخير ويتوب ؟ .. ولو كان هناك من اطمأن على أنه في الجنة فلماذا يواصل ما هو فيه ؟ إن الذين يوزعون صكوك الغفران وأحكام الإدانة بالشرك والكفر والفسق والإلحاد يعطون لأنفسهم صفة الله .. استغفر الله .
وورد فى كشف الاستار عن زوائد البزار الجزء الثالث ص (159-160)
2476-حدثنا سلمة بن شبيب وأحمد بن منصور ، قالا: حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان،حدثنا أبى ، عن عكرمة، عن أبي هريرة :أن أعرابيا جاء إلى رسول الله ^ يَستعينه في شيءٍ – قال عكرمة : أُراه في دمٍ – فأعطاه رسول الله ^ شيئا، ثم قال: “أحسنتُ إليك؟ ” قال الأعرابي : لا ، ولا أجملتَ ، فغضب بعض المسلمين وهمّوا أن يقوموا إليه . فأشار النبي ^: أن كُفُّوا . فلما قام النبي ^ وبلغ إلى منزله دعا الأعرابي إلى البيت فقال له : ” إنك جئتنا فسألتنا فأعطيناك، فقلت ما قلت” ، فزاده رسول الله ^ شيئا فقال: ” أحسنت إليك ؟ ” فقال الأعرابي : نعم، فجزاك الله من أهلٍ وعشيرٍ خيراً . فقال له النبي ^: ” إنك كنتَ جِئتنا فسألتنا فأعطيناكَ، فقلت ما قلت وفي أنفس أصحابي عليك من ذلك شيءٌ ، فإذا جئت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي ،حتى يذهب عن صدورهم . قال: نعم، قال:فحدثني الحكم ان عكرمة قال: قال أبو هريرة: فلما جاء الأعرابي قال رسول الله ^: ” إن صاحبكم كان جاءنا فسألنا فأعطيناه ، فقال ما قال، وإنا قد دعوناه فأعطيناه، فزعم أنه قد رضي أكذلك ؟ ” قال الأعرابي : نعم فجزاك الله من أهل وعشير خيراً . قال أبو هريرة : فقال النبي ^: ( إن مَثلي ومثل هذا الأعرابي كمثلِ رجل كانت له ناقةٌ فشردت عليه، فاتبعها الناس فلم يزيدوها إلا نُفوراً، فقال صاحب الناقة : خلَّو بيني وبين ناقتي ،فأنا أرفق بها وأعلم بها، فتوجه إليها صاحب الناقة فأخذ لها من قشام الأرض ودعاها حتى جاءت واستجابت، وشدّ عليها رَحْلها واستوى عليها، ولو أني أطيعكم حيث قال ما قال دخل النار ).
فلو كان مطلوبا منا أن نخلي بين الرجل وناقته ونخلي بين الإعرابي ورسول الله ^ ألا نخلي بين الله وعباده .. إن من يصدر حكما على أحد لابد أن يملك القدرة على تنفيذه .. فلو منحك أحد شهادة النار عليه أن يضعك فيها .. ولو منحك شهادة الجنة عليه أن ينفذ ذلك .. لقد خلع هؤلاء ثياب العباد وارتدوا حلة الله .. خلعوا ملابس المتهمين وارتدوا ملابس القضاة . لقد سبقت رحمة الله غضبه .. والرسول يدعو إلى أن نيسر ولا نعسر .. أن نبشر ولا ننفر .. فمن ييسر يجد اليسر ومن يعسر يجد العسر .. ولو كان الرسول هو المثل الأعلى فلماذا نتخذ من أنفسنا أمثالا غيره ؟ .. وصفات الإسلام هي صفات الرسول ^ : العدل .. السماحة .. البساطة .. الرحمة .. الكرم .. فالرسول ^ كان قرأن يمشى .. فلماذا نقطع ما كان الرسول يصله ؟ .. لماذا نحرم ما كان الرسول^ يحلله ؟ .. لماذا تقسو على من كان الرسول^ يرحمه ؟ .. ( لو خلقتموهم لرحمتموهم ) .
 وورد في مسند أحمد بن حنبل – الجزء (10)، ص (300)
6160- حدثنا عليُّ بنُ عيّاش وعصام بن خالد ،قالا: حدثنا ابن ثوبان ،عن أبيه ،عن مكحولٍ ،عن جُبير بن نُفير عن بن عمر ،عن النبي ^ قال : (ان الله يقبلُ توبة العبدِ ما لم يُغَرْغِرْ) .. أي ما لم يكن في النفس الأخير .. والله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء .. إن الشرك هو الجريمة الكبرى فكيف تجرأ عليها كل من هب ودب ؟ .. كيف أصبحت تهمة شائعة نلقى بها بعضنا البعض ؟ .. وقد إستغرقنا كثيرا فرحنا نفرط فيها .. ورحنا نردها عن أنفسنا .. وفي غمرة ذلك نسينا إن الدين هو رأى الله وليس رأى العباد .. في غمرة ذلك إستهلكتنا التفاصيل .. مع أن الحقيقة واضحة وضوح الشمس .. إننا نعرف ما هو المال ؟ .. فلا يجوز أن نورط أنفسنا في السؤال عن أنواعه .. هل الدولار الأمريكي مال ؟ .. هل الليرة التركية مال ؟ .. هل الذهب مال ؟ .. ونحن نعرف الطعام فلماذا نتساءل : هل الفول طعاما ؟ .. هل السيمون فيميه أو السمك المدخن طعام ؟ .. هل التورتة طعام ؟ .. لو عدنا لأصول الدين ما وجدنا أنفسنا في حاجة لكل ما نتورط فيه من تفاصيل تسبب جدلا وشقاقا .. إن كل ما له أصل لا يسبب مشكلة .. وأصل الدين علاقة بين العبد وربه فلماذا نباعد بينهما بما نقول وبما نفتي ؟ . ثم إنه في كثير من الأحيان يحدث التناحر بلا سبب لمجرد الرؤية المحدودة للأشياء .. يقول القران : [وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ] (8المزمل).. و( اسْمَ رَبِّكَ ) هو الله . وعلينا ذكره
لكن هناك من يقول : إن الصلاة هي المقصودة بالذكر .. عملا بالآية الكريمة : [ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ] (36النور) وهذا صحيح .. وهناك من يقول : إن قراءة القران هو الذكر .. عملا بقوله تعالى : [ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ] (9الحجر).. وهذا أيضا صحيح .. ولا ينكره عاقل .. وهناك من يقول أن الحج ذكر .. عملا بقوله تعالى : [ فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللهَ ] (200البقرة) .. وهذا أيضا صحيح .. ولا ينكره عاقل وهناك من يقول إن المقصود بالذكر هو صلاة الجمعة .. عملا بقوله : [ يَآ أَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُواْ الْبَيْعَ ] (9الجمعة)
فالعبادات فيها ذكرالله .. لكن الذكر مستقل عنها .. تماما مثل الماء الموجود في الطعام لكنه ليس الماء المستقل عنه.
إن الذكر هو ترديد اسم الله دون طلب لمنفعة أو طلبا لكشف ضرر.. [ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ ] فلو تمسك كل برأيه في تفسير الذكر لتناحرنا .. وكففنا عن ترديد اسم الله .. ولو أغلقنا عقولنا على ما عرفناه لخسرنا ما كان يجب أن نعرفه . إنها دعوة للمصالحة بالحكمة والموعظة الحسنة بين الإنسان وربه .. بين الإنسان والإنسان .. ليس فيها مصادرة لرأى أو تحقير لفكر ولا هجوم على أهل تخصص .. ولا يزال هناك ما فاض الله به علينا ويستحق القول والمناقشة والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ..
 [ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ ](159آل عمران)
وصدق الله إذ يقول : [ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْـمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ] (125 النحل)[فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلَيٌّ حَمِيمٌ ] (34 فُصِّلَت) صدق الله العظيم.

ولا حول ولا قوة إلا بالله