موقف المسلم من الكافرين والكفره

مجلة التصوف الإسلامى
أبريل 2007

[قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَآ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ]
(1،2 الكافرون)

بفرحة المؤمنين بالإصطفاء والذين أمنوا بالإجتباء التقيت بسماحة الإمام وحوله جمع كبير من الذين آمنوا حافين به كالنجم بالبدر أو كالجٌند بالعلَم . . .
السلام عليكم ورحمة الله . . . وعليكم مثل ما قلتم وبركاته .
قلت : سيدى الكريم . . . هل أرسل الرسول ( أى رسول ) لإبادة الكفار وإفناؤهم ؟ وهل الرسول يكره الكافرين ؟ فبادرنى سماحته قائلاً : يا بنى إن الرسول لم يرسله الله إلا رحمه لقومه ليخرجهم من الظلمات إلى النور بإذن الله تعالى وعلى ذلك فالله لم يكره خلقه ولو كفروا فلما رأى ما بى لم يستوقفه إستغرابى .

قال : لو كان الله يكرههم ما أرسل اليهم صفوة خلقه ليعيدهم اليه بعد أن أضلهم أسوأ خلقه ولما أرسل اليهم مع رسوله الكتاب ولما خاطبهم بالعتاب ولما فتح لهم اليه أوسع الأبواب ولما فتح لهم أبواب الجنه ولآخذهم بالمظنه ولكن الحليم الكريم الغفور الرحيم الذى سبقت رحمته فى الدنيا غضبه فى الآخره والرسول يحمل معه مفتاح الجنه لمن أطاعه وعاد معه إلى الله فعندما يرسل الله رسولاً إلى قوم كافرين فإنه أمر من الله أن يعاملهم بالحسنى ويصبر على أذاهم ولا يحزنه قولهم ولكن يعز عليه كفرهم مع أن كفرهم لا يضر الله ولا رسوله والرسول ( أى رسول ) لا يقسو على غير المؤمنين ولو كفروا بل لو أدعى أحدهم الربوبيه فقال : [ أَنَاْ رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ ] (24 النازعات) ولو إدعى أيضاً الألوهيه فقال : [ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِى ] (38 القصص) وقد حدث ذلك مع سيدنا موسى وسيدنا هارون عليهما وعلى نبينا السلام عندما قال لهما رب العالمين : [ اذْهَبَآ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ]  (44،43 طه ) . . . منتهى الرحمه ولو كان الأمر أمر إباده لما جعل الله ذلك مهمة لرسوله فإنه سبحانه الأقدر على ذلك من الرسل وكان الأولى من ذلك كله ألا يخلقهم أصلاً اليس الله بقادر ؟ قلت : بلى سبحانه .
ثم إستطرد الإمام يقول : لو خلقناهم لرحمناهم ولكن الله خلقهم ولذلك رحمهم ولذلك أرسل اليهم الرسل مبشرين ومنذرين وخلق الجنه وحسنها وطيبها وزينها للعائدين منهم اليه الراغبين فيما لديه وبعد إتباع النبى أو الرسول فتح الله باب المغفره لمن أذنب والتوبه لمن أخطأ وجعل الشفاعه بأنواعها للعباد ولما رأى الحاضرون الشيخ مسترسلاً فى العجائب مسهباً فى الغرائب صمتوا صمتاً رهيباً كأنما الطير حطت فوق رؤسهم لا خوف مكر ولكن خوف إجلال حتى حبست منهم الانفاس آملين فى الفوز بالإقتباس وتوقفت فى أيديهم المسابح حتى قطع الصمت صائح يقول : صلوا على رسول الله التفت اليه الأمام وقال لأنه ^ الرحمه المهداه من الله فإنه يستحق الصلاه عليه من الله وملائكته والمؤمنين ، ألم يقل عنه ربه : [ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ] (107 الانبياء) .
ثم سأله أحد الحاضرين قائلاً : هل هناك فرق بين الكفار والكافرين ؟
قال سماحته وأيضاً الذين كفروا والكفره .
فالكافرون لم يدخل الإيمان قلوبهم بعد ولذلك يقول الله لنبيه ^: [قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَآ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ] . . (1،2 الكافرون). إلى أن قال سبحانه وتعالى : [لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ] (6 الكافرون) أما الذين كفروا فهم الذين خرجوا من النور إلى الظلمات وهم خلاف الذين آمنوا الذين أخرجهم الله من الظلمات إلى النور . قال تعالى : [اللهُ وَلِىُّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ يُـخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ] (257 البقرة)
أما الكفره فإنهم الذين لم يؤمنوا ولن يؤمنوا وهؤلاء قال عنهم ربنا: [أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ] (42 عبس).
وبقى أن نعرف الكفار(1) وهذه كلمه جامعه تقع فى السياق فتعطى المعنى ثم تقع فى سياق آخر فتعطى معنى آخر مثل قوله تعالى : [وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ] (18 النساء) هذا مفهوم حسب السياق القرآنى العجيب يفيد الكفر بمعنى الضلال .
أما قوله تعالى : [ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ] (29 الفتح) . فهذا مفهوم يفيد غير ذلك وغير هذا وذاك والسؤال : هل بعث الله الرسل للقضاء على أهل الكفر ؟ طبعاً لا هذا هو الجواب كما يسألنى أحدكم : هل جعل الله الطبيب للقضاء على المرضى ؟ أقول أيضاً لا ولكن الرسول طبيب قلوب وأرواح إنما يبعثه الله للقضاء على الكفر فيسلم الكافر منه كما جعل الطبيب للقضاء على المرض فيسلم المريض منه والسؤال اليس من المناسب واللائق والمعقول أن يكون الدين عند الله الإسلام ؟

والسـلام عليكـم
وعليكم السـلام
مـريـد

———————————————————————–
(1)من حديث البخاري الجزء (1)-ص(26)حديث رقم (29) عن ابن عباس قال: قال النبي ^ ( أُرِيِتُ النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن ) قيل: أيكفرن بالله ؟ قال ( يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خير قط)
(1)من حديث سنن أبى دواد الجزء(2)-ص(671)رقم الحديث(4813) عن جابر بن عبد الله قال: قال ^”من أعطي عطاء فوجد فليجز به فإن لم يجد فليثن به فمن أثنى به فقد شكره ومن كتمه فقد كفره “