الشرك والمولد والبــــدعه

مجلة التصوف الإسلامى
مايو 2007

[وَالسَّلَامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ]

(33 مريم)

بفرحتى كعادتى أتيت لسيد من علمه إرتويت ووجدته كعادتى رحيباً . سألته وكان لى مجيباً وبعد أن بدأت بالتحيه السلام أجابنى : وعليكم السلام .

قلت : سيدى الكريم ما حكم الإحتفال ( الإجتماع ) للإحتفاء بأصحاب الموالد .
قال سماحته : وما هى موانع الإحتفال ؟
قلت: أنا شخصياً ليس عندى أى مانع ولكن بعض الناس يحرمون ذلك ويعتبرونه نوعاً من الشرك.
قال سماحته : وما معنى الشرك ؟
قلت : إن اللقاء اليوم أراه غريباً .
قال سماحته : وما وجه الغرابه .
قلت : إنى أسأل وأتلقى السؤال .
قال سماحته : لأن بعض الناس يرددون الكلام ولا يدرون له معنى لأن الذى يقول بأن الموالد والإحتفال بها يعتبر نوعاً من الشرك لا نجده يعرف الشرك بمعناه العقائدى .
قلت : لا أنكر أنى واحد من هؤلاء ما هو الشرك ؟ .
قال سماحته : الشرك هو أن يُجعل مع الله غيره فى مالا ينبغى إلا له . ثم سكت الإمام .
فقلت : الحمد لله قد فهمت .
قال الحاضرون : ولكننا لم نفهم شيئاً .
قلت : إسألوا الإمام وسأنقل الإجابه لقراء الحوار .
قال أحدهم : يا مولانا ما معنى قولكم : مالا ينبغى إلا له ؟
قال سماحته : هى مقتضيات الألوهيه وهى السبق ومعناه الأوليه بلا إبتداء أى المطــلقه ( غير المسبوقه ) هذه واحده وأما الثانيه فهى الإطلاق ومعناه : لايحده حد ولا يقيده قيد ذات وصفات وأسماء وأفعال وأما الثالثه فهى السرمديه ومعناها الإمتداد إلى ما بعد البعد ومعناها أيضاً الآخر بلا إنتهاء وبقيت الرابعه وهى الذاتيه وهى تعنى أن كل شىء عند الله لم يستمده ولا بعضه من غيره سبحانه فعلمه وقدرته وكرمه و….. و ….. كل ذلك من عنده أى ليس مستمداً من غيره ومن كمال الإيمان وأساسه ألا ينسب السبق والإطلاق والسرمديه والذاتيه إلا لله وأما من نسب السبق مثلاً إلى أحد غير الله ، فقد أشرك ومن نسب الإطلاق إلى غيره فقد أشرك ومن نسب البقاء السرمدى إلى غيره فقد أشرك ومن نسب النعم والنفع والضر لغير الله فقد أشرك .
فكل ما عند خلقه مستمد منه سبحانه وتعالى وهو الأوحد الذى لا يستمد من غيره شيئاً ومن أعتقد أن بعض الأشياء من عند الله وبعضها من عند آخرين فقد جعل الآخرين شركاء لله بل [كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللهِ] (78 النساء).
قال الحاضرون : أين يقف المولد من هذا السياق ؟ .
قال السيد : ليس له مجال وبالتالى فهو ليس من الشرك .
قلت : ربما يكون من قبيل البدعه .
قال سماحته : نعمت البدعه هذه ومع ذلك فمن يدعى أن الموالد بدعه هو أصلاً لا يعرف معنى البدعه .
قال أحدهم : نعرف أن البدعه ما لم يكن فى عهد رسول الله .
قال السيد : هذا الكلام مما عمت به البلوى ذلك لأن البدعه هى إطلاق ما قيده الله ورسوله أو تقييد ما أطلقه الله ورسوله أو إدخال أمر على الدين وهو ليس منه” من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ” (1)
ولو لم يكن هناك إعتبار ليوم الولاده ويوم الوفاه ويوم البعث لما ورد ذلك فى قوله [وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً] (15 مريم) وقوله [وَالسَّلَامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً] . (33 مريم)
وحتى لا يضيع الموضوع فى زحام الأسانيد والأدله أقول لكم ببساطة الصوفيه : نحن عندما نقيم إحتفالاً بذكرى مولد ولــى لله أوبذكرى وفاته ثم نتحدث عنه فى ذكراه ونقول ولد رضى الله عنه يوم كذا ولحق بالرفيق الأعلى يوم كذا كل ذلك لا يدل على أنه إله – حاشا لله – فالإله ليس هكذا لأنه لا يولد ولا يموت ولا يتتلمذ على أحد ولا يتمذهب على شيخ ولكن من يقول بغير ذلك فهذا هو الحرام بعينه أما ما قد يصاحب المولد من منكرات فهى مثل الذباب الذى يتجمع حول الجزارين فهو لا يمكن الإحتراز منه ولكنه لا يحرم اللحوم المذبوحه شرعاً والمشيخه العامه للطرق الصوفيه جهة ترخيص وتصريح لمن يذكر الله فى المولد وليست جهة ترخيص لأى شىء مخالط أو مصاحب للمولد فهذا ليس من المولد ولذلك فهو رد ثم قال الشيخ : نكتفى بهذا القدر لأنى ذاهب إلى السرادق فى مولد الإمام الحسين رضى الله عنه .

والسـلام عليكـم
وعليكم السـلام
مـريـد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)من حديث مسلم – الجزء (3)، ص (1343) رقم الحديث17 – ( 1718 ):عن عائشة قالت: قال رسول الله ^ ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )