القرض والنفع والربا

جريدة التصوف الإسلامى
يونيو 2006

[ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَاْ لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْـمَسِّ ]
صدق الله العظيم

(275 البقرة)

بفرحة الواثقين الذائقين والمرتوين من علوم أهل الله الصالحين . . ألتقيت بسماحة الإمام السلام عليكم مولانا الإمام . . . وعليكم من الله السلام .
قلت :
سيدى الفاضل أريد أن أعرف معنى القرض عموماً .

قال سماحته :
القرض قرضان أحدهما قرض غنى لفقير والآخر قرض فقير لغنى .
قلت :
كعادتى دائماً لا أفهم خصوصاً إذن كان الجواب كهذا الذى سمعته من سماحتكم وهو غريب . قال سماحته :
ما وجه الغرابه ؟
قلت :
قرض الفقير للغنى اليس غريباً ؟
قال سماحته :
إسمع يا بنى قول الله تعالى : [ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَ اللهُ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ] (15 فاطر)
من هذه الآيه تفهم أن الفقراء عموماً هم الناس وأن الغنى الحميد هو الله .
وهذا الغنى الحميد يقول لعباده [مَّن ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَـيُضَاعِفَهُ لَهُ] (245 البقرة،11الحديد) من هنا نفهم أن هذا القرض من الفقير الذى هو الانسان والمقترض هو الله الغنى الحميد ولأن سبحانه الغنى فإنه قادر على مضاعفة القرض أضعافاً مضاعفه من الرضا والنعيم فى الدنيا والآخره أما النوع الثانى من القرض فهو قرض الغنى للفقير وهو عاده ما يكون بين الناس وبعضهم البعض والأمر هنا غنى وفقير نسبى فمن يملك ولو القليل أغنى ممن لا يملك هذا القليل والقرض الأول يجر نفعاً على المقرض وهم الناس ولا ينتفع به المقترض وهو الله الغنى الحميد أما النوع الثانى فهو معامله ماديه يشترط فيها ألا تجر نفعاً على طرفى القرض فلا المقرض يحصل على زياده ولا المقترض المعسر يُكلف بدفع أكثر مما أخذ حتى لا يزيد المعسر إعساراً ويزيد الموسر يساراً على حساب إعسار أخيه . وببساطه شديده إذا كان القرض لغرض لا يجر نفعاً مادياً على صاحبه وجب على المقرض ألا يطلب زياده ووجب على المقترض عندئذ ألا يستخدم القرض فى التجاره فيجر عليه نفعاً فإن كذب على أخيه وخدعه وإستدان منه مالاً وأفهمه أنه لن يتكسب منه ثم تكسب من ورائه فما كسبه الطرف الثانى المدلس الكذاب المخادع يعتبر فى حكم الربا .
فالقرض هو مالا ينبغى أن يجر نفعاً حسب الإتفاق فإن جر نفعاً فهو ربا .
قلت :
هذا أمر خطير وخطورته أنه يمس أمراً هاماً يتعلق بالمعاملات البنكيه وحكم القروض البنكيه .
قال سماحته :
لا يجب أن يطلق على المعاملات البنكيه لفظ قرض من أساسه لأنها يتم الإتفاق عليها على أساس جر النفع المادى على الطرفين ( البنك والعميل ) وطالما تم الإتفاق على إستخدام المال فى التجاره فقد خرج الأمر عن حدود القرض فإن جر نفعاً فليس فيه ربا ولا تجاره بغير مال ولا نمو للمال بغير تجاره وقد ميز الله بعض خلقه بالعقل المفكر الذى يحسن التعامل فى التجاره وميز الآخرين بمال وأحوج كلا الطرفين بعضهم لبعض فلا ضرر ولا ضرار أى لا ينبغى أن يقع الضرر على صاحب المال فيأخذه غيره ويستفيد ويبقى هو بدون إستفاده وهذا الأمر أرجو أن يكون بسيطاً لدى السائل والقارىء والسامع والله أعلم .
قلت :
ماذا نسمى هذه المعامله .
قال سماحته :
نسميها أى إسم خلاف القرض .
قلت :
ما معنى الغنى الحميد ؟
قال سماحته :
الغنى هو الذى لا يحتاج لغيره أما الغنى الحميد فهو الغنى غنىً مطلقاً لا يحتاج لغيره ويحتاج اليه كل شىء ولا حدود لغناه ولم يستمد ما عنده أوبعض ما عنده من غيره وعندما تقترن أى صفه إلهيه بالحميد فإنها تحمل نفس المعنى مثل حكيم حميد – الغنى الحميد – حميد مجيد – صراط الحميد . . إلخ .
قلت :
الحمد لله الحميد المجيد الغنى الوحيد الذى جمعنا بكم اليوم على أمل فى لقاء جديد .

والسـلام عليكـم
وعليكم السـلام
مـريـد