النفس المطمئنة

مجلة التصوف الإسلامى
عدد رقم (303 ) مايو 2004

[يَآ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْـمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي]
صدق الله العظيم

(28،27الفجر)

فرحة المستقين باليقين. ومن أوتى كتابه باليمين .المستبشر بعليين .رفيقا بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين والحمد لله رب العالميين. السلام عليكم سماحة الإمام .. وعليكم من الله السلام. لقد تشوقت كما تشوق القراء لهذه المجلة الغراء الي سماع القول الفصل من سماحتكم عن النفس المطمئنة قال سماحته : ما ظنك بها وما هو مبلغ علمك عنها؟

قلت : إن ظني بها خيرا وظن الناس جميعا كذلك فقد تعودنا أن نستبشر عند سماع القراء في الجنائز والمآتم يقرأونها ليدخلوا السرور علي أهل الميت بأن الله قد ختم له بخير.
قال سماحته : ماذا يقرأون؟
قلت : يقولون يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الي ربك.. فاستوقفني سماحته وقال : أما توقفت عند قول الله تعالي لهذه النفس ارجعي الي ربك؟
قلت : أي الي الدار الآخرة ..
قال سماحته : وهل الله وجوده فقط في الدار الآخرة؟
قلت : حاشا لله فهو في الدارين إله. وفي السماء إله وفي الأرض إله.ولكن لم أفهم وأملي في سماحتكم كبير ألا تعول علي ذكائي كثيرا فما هو المقصود؟
قال سماحته : يا بنى لو أنك انصرفت عن الحق الي الباطل .أوانصرفت عن الانصاف الي الإجحاف أو انصرفت عن النص الي الهوى فمن الطبيعي والمنطقي أن يقال لك إرجع الي الحق .. إرجع الي الانصاف .. ارجع الي النص .. وكذلك يقال للنفس التي انصرفت عن ربها واطمأنت بما تفعل وهي تحسب أنها تحسن صنعا. يقال لها يا أيتها النفس المطمئنة الي الخطأ وترينه صوابا، المطمئنة بالبعد عن الله. ارجعي الي ربك راضية مرضية راغبة غير مكرهة لتكوني مقبولة عنده سبحانه. مرضية لديه. فإن حدث منك هذا فإنك تكونين ضمن عبادي المضافين الي… ويكون لك شرف الخطاب منى بالإضافة ..لأن كلمة عبادي في اللغة مضاف ومضاف اليه.. ولا يستحق الإضافة الي الله إلا الطيبون الذين هم بقبوله سبحانه في جناته يدخلون ..وبها يتمتعون.
قلت : زدنى زادكم الله من فضله.. هل هناك عباد يضافون الي الله وعباد لا يضافون؟
قال سماحته : اسمع الي قوله تعالي:[ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ اليوْمَ] (68 الزخرف) و [ إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ] (42الحجر) [إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْـمُخْلَصِينَ] (83 ص) [ عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً ] (6 الانسان) الي غير ذلك.
وسيد العباد المضافين الي الله هو سيدنا ومولانا رسول الله ^ قال تعالي :  [ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً] (1 الإسراء) [ وَأَنَّهُ لـَمَّـا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ ] (19 الجن) .
وعلي ذلك فالعبادة الطوعية إيمان وأما أن يكون العبد عبدا بالقهر فلا دليلا لإيمان فيه ومن أجل ذلك يقول الله لهذه النفس أرجعي الي ربك راضية .. يا بنى لا ينبغي أن يغتر الانسان بعمله وعلمه وتقواه. ولابد أن يرجع كل ذلك لخالقه ومولاه.. فكيف يقبل من النفس التي تطمئن الي مساوئها وتراها حسنات ومزايا.. لابد أن ترجع الي الله راضية لتكون عنده مرضية ويدخل صاحبها في عباد الله [ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلَاماً ] (63 الفرقان).
قلت : هل النفس المطمئنة من الران؟..
قال سماحته : نعم ولا يضرنك أن خوطبت بقول حسن فهو لها تبكيت وإظهار حال لا يرضى عنه الله تعالى أما سمعت قول الله تعالي لمن يعذب في النار:[ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ](49 الدخان) مع أنه لا عزيز بمعني منيع الحمي ولا كريم بالمعني الإيماني.
قلت : يا مولانا فما القول في الراضية والمرضية؟
قال سماحته : يا بنى إذا أردت دوام الوصل فاجعل دائما للحديث بقية جعلك الله من أهل البقية

الذين ينهون عن الفساد في الأرض .. قلت أمين لنسلم يوم العرض.

والسـلام عليكـم
وعليكم السـلام
مـريـد