النفس الملهمة

مجلة التصوف الإسلامى
عدد رقم ( 302 ) إبريل 2004

[ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْـهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا]
صدق الله العظيم

بفرحة يعقوب إذ جاءه الرسول بشيرا وألقى عليه قميص يوسف فارتد بصيرا ….وكفى بالله نصيراً .السلام عليكم صاحب السماحة … وعليكم من الله السلام .هل توجد نفس تسمى النفس الملهمة ؟
قال سماحته: لعلك قرأت أو سمعت قوله تعالي : [ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْـهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا] ؟ (7-8الشمس)

قلت : زدنى زادكم الله من فضله قال سماحته : إن هذه النفس هي أحدى طبقات الران أو الصدأ الذي يبتلى به المؤمن فيحجب قلبه عن إدراك أنوار التجليات الإلهية فإذا ما من الله علي المؤمن بشيخ عالم خبير في قتل النفوس بالحق وأزال الله به أولي العقبات وهي النفس الأمارة بالسوء ثم النفس اللوامة التي تحدثنا عنها سابقا تظهر حول القلب النفس الملهمة وهي أخطر أنواع الانفس وهي عقبة ذات شقين أو ذات شعبتين ومن كان مسعدا في الدارين يزال الشق السيئ وهو جانب الفجور عندئذ يلهم المؤمن التقوى ويكمل سيره الي الله ولا خوف من عقبات تصادفه لان مصيرها الي زوال أما إن كان من أهل الشقوتين ( دنيا وأخري ) فإن الذي يزال هو جانب التقوى ويبقي جانب الفجور والعياذ بالله يسمى عند أهل الله الصالحين سلبا بعد عطاء أو نكسة بعد بعض الشفاء. أو خلود في الشقاء .وعلي هذا فإن هذه النفس الملهمة من زكاها فقد أفلح ومن دساها فقد خاب ويعتمد جانب كبير في هذه العملية علي إرادة العبد وفعله ونيته لأن الخيار له [ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ](3 الانسان) وقال تعالي:[ وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ ](29 الكهف) .
قلت : اليس الله بقادر علي أن يهدي عبده رغما عنه ويصلح فساد نفسه ولا يتركه لهواه ؟
قال سماحته : إن الله تعالي يستطيع فعل كل ذلك وحتى تكتمل الحكمة من المقدرات الإلهية يجب أن تعلم أن الله تعالي قادر قدرة مطلقة وهذا يعني أن كل شئ ممكن وهذا يعني القدرة علي الشئ وضده بطلاقة الإمكان فالله قادر علي فعل كل ممكن أو تركه فإذا ترك الخيار للعبد حاسبه وإن سلبه الخيار سامحه ومن ترك له الخيار يسمى عبد أمر. ومن سلب الخيار يسمى عبد إرادة .أنظر الي حكمة الله تعالي في شأن ثمود قال تعالي : [ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى عَلَى الْهُدى] (17 فصلت) .
قلت : اللهم لا تكلني الي نفسي وإن كانت ملهمة وألهمني التقوى ومن سمعني أمين .. يا مولانا هل بقي من آفات القلب شئ بعد الأمارة واللوامة والملهمة ؟
قال سماحته : نعم بقيت المطمئنة وإياك أن تستعجل وكالعادة وتقول اللهم أجعلني من أهلها .
قلت : وهل في ذلك ضير يا ترى ؟
قال سماحته : في اللقاء القادم سوف ترى .
قلت : يا مولانا لكم من القلب السلام والتحية والي لقاء إن شاء الله إن كان في العمر بقية .

والسـلام عليكـم
وعليكم السـلام
مـريـد