النفس اللوامة

مجلة التصوف الإسلامى
عدد رقم ( 301 ) مارس 2004

[ لَآ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَآ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ]

(2،1 القيامة)

فرحة العائد من عرفات المحمل بالنفحات الذي تقبل الله منه صالح الأعمال والدعوات .
السلام عليكم صاحب السماحة … وعليكم من الله السلام .

قلت : لقد اشتقت الي سماع فضيلتكم كما وعدتني عن النفس اللوامة المحترمة جعلنا الله من أهلها.. وكلى آذان صاغية .
فتبسم ضاحكا من قولي وقال : هذه النفس لا هي عظيمة و لا هي محترمة إلا إذا كانت المقارنة بينها وبين النفس الأمارة بالسوء وهي مقارنة بين سيئ وأسوأ منه لا بين عظيم وأعظم منه ويبدو أنك لا تعلم عنها شيئا بدليل أنك تمنيت أن تكون من أهلها فلا يتمناها إلا أهل الأمارة بالسوء ولا أحسبك كذلك .
قال : جزاكم الله خيرا إن الجهل موت .
قال سماحته : يا بنى يكفى أن تعلم أن اسمها يدل عليها ، فمعني اللوامة التي تلوم صاحبها علي ماذا ؟ علي ذنب يتكرر .. لوم يتكرر .
قلت : ألم يقسم الله بها في الآية .
قال سماحته : هكذا يقول بعض الناس ولكن الله تعالي يقول لا أقسم بأعظم حدث وهو يوم القيامة ولا أقسم بأخبث خبث وهو النفس اللوامة وبقي أن تعلم أن هذه النفس هي صنيعة الران ووليدته ، والران من المعاصي فكيف يقسم الله بشئ من صنع الانسان المذنب ؟
قلت : لقد ازدت حيرة وشوقا لتصحيح مفهومي
قال سماحته : إذا أذنب العبد تتكون علي القلب طبقات من الصدأ تسمى الران أو الانفس : أسوأها الأمارة بالسوء فإذا استغفر العبد وتاب ورزقه الله بدليل أو إمام شيخ مسلك مربي يسمي الولي المرشد فإن أول منحة ينالها المريد هو التخلص من الأمارة وليس هذا نهاية المطاف بل يبقي عليه الكثير من الران وأوله بعد ذلك النفس اللوامة وهذه النفس لها من الدهاء والكيد ما يجعل الكثير من الناس بمن فيهم العلماء يحترمونها فهي تزين للإنسان إرتكاب المعاصي وبعد ذلك تلومه وتؤنبه بشدة وهذا ســـلوك شيطاني[كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّـا كَفَرَ قَالَ إِنِّى بَرِىٓءٌ مِّنكَ إِنِّىٓ أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ] (16 الحشر) ثم تعيد الكرة بعد الكرة تغرى الانسان ثم تلومه وتلومه وتلومه اليست لوامة بدهائها للناس بين تقارب وتنائى في خيرها شر وشر ضرها ولكنها علي أية حال خطوة علي طريق التوبة أقل سوءا مما قبلها وهي النفس الأمارة بالسوء وأحسن حال منها ولكنها في نفس الوقت أسوأ من التي تليها ولا يشعر بذلك إلا من يتخلص بفضل الله من شرورها ويعيش المرحلة التي تليها مع النفس الملهمة ، وهي الثالثة أقل منها خطرا ولكن الخطر لا يزال قائما .
قلت : يا الله يا كريم اقبل دعائي فلا تجعلني حبيس هذه النفس وارزقني نفسا ملهمة .
قال سماحته : لا تستعجل فإن النفس الملهمة ليست كما تظنها من الحسن ولا تغرك الأسماء والألقاب .
قلت : لولا الصالحون لهلك أمثالي ولكن كما قال إمامهم : وعلم ولي ملجأ في الشدائد وكلي أمل في استكمال الحديث عن هذا النوع الغريب من الآفات التي بداخل الانسان جلبها بنفسه بسهولة ودون إعانة من أحد فهل لي من أن أحلم بلقاء جديد قال سماحته : يا بنى يفعل الله ما يريد .

والسـلام عليكـم
وعليكم السـلام
مـريـد