إرهاب الإرهاب

مجلة التصوف الإسلامى
عدد (296) أكتوبر 2003

[بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ]
[ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ ]

(60 الانفال)

فرحة المؤمنين بنصر الله.. المحتمين بجناب الله المتوسلين بأعظم جاه المعتصمين بحبل الله ولا حول ولا قوة إلا بالله وبعد..
فقد طال إنتظار اللقاء بسماحة الإمام شهرا كانه لطوله الدهر والتقيت بسماحة الإمام.

وألقيت تحية الإسلام وتلقيت من سماحته التحية والسلام .
قلت: سماحة الإمام يقول الله تعالى : [ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ] (38 الانعام)
قال سماحته : صدق الله العظيم
قلت : هل ورد فى القرآن شىء عن الرهُب والرهَب والإرهاب ؟ فقد امتلأ الأفق بهذا القول حتى كاد يصم الآذان بطنينه وأزيره وعزيفه حتى كاد من يسمع لا يدرى ماذا يقول قال سماحته : كل ذلك قد ورد ولكل لفظ مبنى ومعانى تختلف حسب الإدراك والثقافة فالمؤمنون يدعون ربهم رغبا ورهبا وقال الله تعالى لسيدنا موسى :[ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ ] (32 القصص) وأما الإرهاب وأظنك تعنيه تحديدا فقد ورد فى كتاب الله تعالى فقال للمؤمنين : [ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ ] ولا يعنى ورود لفظ الإرهاب فى القرآن الكريم أننا أمة إرهابية بالمعنى الأمريكى أو القاعدى أو الإعلامى فهذا مصطلح يحمل معنى آخر غير المقصود به دينيا فالإرهاب الذى يتحدثون عنه هو نوع من الإستعباد والقرصنة والبلطجة وهذا ليس سلوك الانبياء والمرسلين. يابنى لا يعقل أن يجعل الله أحد أنبيائه أو رسله مخربا فى الأرض وقد ارسلوا رحمة للعالمين [ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّـبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِي] (79 آل عمران).ولكن إستمع الى جيدا لتفهم معنى ترهبون. لم يقل ربنا ترهبون الناس جميعا ولكن ترهبون عدو الله وعدوكم وهذا هو الإرهاب الحقيقى الذى يتناسب مع القول الشائع فعدو الله وعدو المسلمين يسعى لإذلالهم والإستيلاء على خيراتهم والنيل من كرامتهم والمعادلة الصعبة هى إذا التقى المؤمنون مع الكافرين فى المعركة ثم حدثت خسائر فى الطرفين هل هذا يرضى الله رب العالمين ورسوله الذى أرسل رحمة للعالمين وليس للمسلمين فقط النتيجة يراها الرسول خسارة حتى لو حققت نصرا لانه خسر من امن به ثم خسر الأخرين الذين لم يرسل لقتلهم ولكن لهدايتهم وذلك فانه ^ يلجأ بأمر الله إلى حقن الدماء ومنع وقوع المعركة ومنع الإشتباك بان يظهر قوة المسلمين ويبالغ فى إظهار الكثرة والقوة حتى يراجع الكفار أنفسهم ويكسر فيهم الجرآة على خوض المعركة ولذلك [ وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ ] (61 الانفال) فكون الرسول الكريم ^ يظهر القوة ويوهم بكثرة العدد فلكى يرهبهم بالقدر الذى يمنعهم عن بدء القتال.ولذلك أيضا فائدة كبيرة ليعطى الفرصة للمستضعفين لكى يظهروا إيمانهم ويرفع عنهم بطش الجبابرة المتحكمين فيهم وحتى أسهل عليك فهم المراد تذكر يوم أن أسلم سيدنا عمر بن الخطاب وأعلنت الدعوة فى مكة ماذا حدث ؟ سار المسلمون فى طرقات مكة يتقدمهم رسول الله ^ وأمام الجميع سيدنا عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – شاهرا سيفه فخرج أهل مكة سادة ومستضعفون فإذا رأى المستضعفون دخلوا فى الإسلام وإذا رأى سادتهم سيدنا عمر جبنوا ودخلوا بيوتهم خوفا من سيدنا عمر هذا نوع من الإرهاب يسمى الإرهاب الوقائى ولم ينتج عنه خسائر ماذا لو خرج المسلمون بدون سيدنا عمر كان سيحدث جرآة من الكفار على المسلمين ويحدث إشتباك وخسائر فى الطرفين وتباد الدعوة وقس على ذلك .
قلت إذن هو إرهاب الإرهاب .
قال سماحته : نعم يجب أن نفرق بين إرهاب البلطجة للناس وإرهاب الشرطة للبلطجية إرهاب الإرهاب .
قلت زادنا الله من علمكم وزادكم الله من فضله فهل أطمع ؟ فقاطعنى سماحته قائلا : فى لقاء أخر كالعادة : أهلا بك.

والسـلام عليكـم
وعليكم السـلام
مـريـد