لماذا عجزنا عن فهم ديننا ؟

جريدة عقيدتي
أكتوبر 2008
 
لقد وجدنا فى أمورنا الفقهية والشرعية من يتكلمون فى ألف موضوع ولكنهم فى الحقيقة لا يتكلمون . . يحركون شفاههم لكنهم لا ينطقون . . يشاهدون الأمة على ما هى عليه فلا يرحمون ولا يترحمون . . ويدعون أنهم ينفذون قواعد السماء وقوانينها ولكنهم فى الواقع يتصرفون على طريقة الباعة المتجولين .
إن أسماء الله الحسنى تشكل الرحمة , العدل , الكرم , السلام , النور , النفع , الرشد , المغفرة , العزة , الإيمان , الرفعة , فلا يجوز أن نضيق ما وسعه الله وأن نعقد ما بسطه , وأن نخجل مما أباحه فالحلال بين والحرام بين فإذا كان الإسلام قد ظهر فى مجتمع جاهلي معقد ومتصارع ونجح فى تغييره فكيف لا يحدث ذلك فى مجتمعنا الآن وقد زاد الفهم والعلم والوعي ( فرضاً ) كيف إستوعب الجاهلون دين الله وعجزنا نحن بكل ما نملك من قدرات عقليه وثقافيه عن ذلك ؟
لعل السبب هو أولئك الذين وضعوا أنفسهم فى موقع الوساطة بين الناس والسماء دون أن يفقهوا . . فراحوا يفتون بغير رويه . . وبعيداً عن أحكام الله فكان أن خاف الناس من الدين بدلاً من أن يحبوه وكان أن شعر الناس أن الدين هو سجاده من المسامير والأشواك , لا سجاده من الحرير ونسيج الإيمان .
إن كل شئون الدين أسهل وأبسط وأرحم مما يعرفه الناس ويعتقد الناس ويتصوره الناس وسأضرب مثلاً على ذلك لو فرض إن مسلماً جاور مشركاً وكان بيت المشرك فى اتجاه القبلة فهل تبطل صلاة المسلم ؟ لقد سمعت رجلاً فى زاوية صغيره على الطريق الصحراوي يحرم ذلك ويدعو المسلم للانتقال إلى سكن آخر بحيث لا يمنعه من القبلة مانع غير إسلامي أو غير شرعي على حد قوله والحقيقة أن ما سمعته من الرجل الطيب ليس له ظل من أحكام الله فليس هناك ما يمنع أن يصلى فى اتجاه بيت غير بيت مسلم بل زد على ذلك أن يكون لدى هذا الجار كلب أو حمار أو أى حيوان ثم نفقت هذه الحيوانات كلها وقام الجار بدفنها تحت الجدار الذي يفصل بين بيتي وبيته , إن ذلك أيضاً لا يمنع صلاتي ولا يبطلها هى صلاه صحيحة ولو كان بيننا وبين اتجاه القبلة مقبرة حيوانات ولو كان ما بيننا وبين اتجاه القبلة ما يسبب الدنس والنجاسة .
ولو كان ذلك سليماً وصحيحاً وشرعاً فما هو الرأي بمسجد فيه ضريح لولى مسلم من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ إن البعض يحرم الصلاة فى المساجد التي بها ضريح لولى أو لواحد من آل البيت فلو كانت الصلاة مباحة فى بيت يلتصق به قبر حيوان فهل تكون محرمه فى مسجد به ضريح لولى من أولياء الله الصالحين .
إن الصلاة تكون باطله لو أنصرف المسلم عن القبلة قلباً ” عقيدة ” وقالباً ” جسداً ” أو أحدهما ” مجتمعين أو منفصلين ” ولو صلى خلف نبي من الأنبياء حياً يرزق ” مجازاً ” أما إذا أتجه إلى القبلة قلباً وقالباً فلا يضر ما اعترضه من الموتى سواء أكانت حيوانات أو بشراً . . مسلمين أو مشركين لكنه إذا ما انصرف عن القبلة فلا ينفعه ما اتجه إليه ولو كان نبياً حياً , أما المقصود باتخاذ القبور مسجداً – الذي نهى الدين عنه – فمعناه أن يصلى المسلم على القبر نفسه فوقه أو يتجه إليه فى غير اتجاه القبلة .
إن لنا عقولاً تميز ولنا ديناً لا يسد منافذ الرحمة فلماذا يعاملوننا وكأننا قطيع لا يفهم ؟ وكما قلنا ونقول ويقول كل عاقل منصف إنه لا تحريم إلا بنص وما لم يحرم بنص فحكمه فى الدين الإباحة وتحريم المباح تشريع بغير نص وحكم بغير ما أنزل الله ولا أزيد .
 
ولا حول ولا قوة إلا بالله