رب ضاره نافعه

مجلة التصوف الإسلامى
مارس 2006

[ هُنَالِكَ ابْتُلِىَ الْـمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً ]
(11الأحزاب)

بفرحة الداخلين من عباد الله فى رحمة الله ،الواثقين من نصر الله، المعتصمين بحبل الله، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله . .
إلتقيت بسماحة الإمام، وبعد تفضله ومن معه برد السلام،إستأذنت فى بداية الحوار، وكنت كعادتى عجولاً ملولاً، وقد خيل إلى أن الحوار هذه المره سوف يطول ويطول . . فقلت : يا سيدى من أين أبدأ ؟ وماذا أقول ؟
قال سماحته : إبدأ من حيث شئت ،وقل ما تريد أن تقول .

قلت : الأحداث كثيره، فمن زلزال، إلى إنهيارات أرضيه، إلى مجاعات، إلى إنفلونزا الطيور، إلى كاريكاتيرات، إلى حماس، إلى نووى إيران، إلى لبنان وعوده إلى الكوارث الطبيعيه والصناعيه [وَأَنَّا لَا نَدْرِىٓ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فىِ الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً ] (10الجن) ألست محقاً فيما أقول من أين أبدأ ؟
قال سماحته : لا، لست محقاً، فليست كل أمورنا على درجة واحدة من الأهميه، وبالتالى يسهل عليك تحديد أولوياتك حسب الأهميه والحساسيه .
قلت : ليس عندى ولا عند أى أحد من المسلمين أهم من سيدنا رسول الله ^ ، ولذلك أقول لماذا كل هذه الكراهيه لمنقذ البشريه، وما الذى أدى إلى تجرؤ هؤلاء المجرمين على سيدنا رسول الله ^ .
قال سماحته :
إذا أنت لم تعرف لنفسك حقها  ….. هواناً بها كانت على الناس أهون
وكذلك إذا نحن لم نعرف لنبينا حقه، من التعظيم والتوقير والإحترام، فإن ذلك يهون أمر النبى لدى الغير .
قلت : أرجو الإيضاح والتبسيط، والقول المباشر جداً
قال سماحته : لو أن المسلمين إلتزموا الأدب مع سيدنا رسول الله ^ وآل بيته، وتناولوا سيرتهم بما يليق بهم من الإحترام والتكريم اللائقين بهم، لما تجرأ أحد من غير المسلمين على سيد العالمين، فالأولى ثم الأولى أن يتف^ق المسلمون على أن رسول الله ^ له ذات معتبره ، لا تتساوى مع ذواتنا ومهما بلغنا من الرفعه والعلو، فرسول الله فوق كل ذلك العلو والسمو، ولا يقول قائل إن فى ذلك شبهة من الغلو ، ولكن عندما يختلف مسلمان على أن السياده واجبه لرسول الله ^، فإن ذلك سيكون مدخلاً للآخرين، الذين يحتجون بكلام المسلمين الذين يقولون إن الرسول^ بشرعادى، ليس له فوق ذلك درجه، وأنه مات وإنتهى أمره وإنه لا سياده له، ولا أفضليه فماذا ننتظر من الآخرين؟. لقد تطاول بعض المسلمين فنزعوا الخطوط الحمراء ، وأزالوا قداسة رسولهم^، ظانين أن تعظيم رسول الله يؤدى إلى عبادته من دون الله، وكأنهم يخافون على الناس من رسول الله، ولا يخافون على رسول الله ^ من الناس،مع العلم أن رسول الكريم ، لا خوف عليه لأنه الأولى بالحفظ من الأولياء الذين قال الله عنهم : [ أَلَآ إِنَّ أَوْلِيَآءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ] (62 يونس) والله تعالى قد عصم نبيه من الناس فقال : [ وَ اللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ] (67 المائدة) وإذا استهزأ بعضهم بحضرته الشريفه، فقد حصل له ذلك سابقاً ، بل لقد أستهزىء بالرسل من قبله وقد كفاه الله ذلك بقوله : [ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْـمُسْتَهْزِءِينَ ] (95 الحجر) ونحن يا بنى بين شقي الرحى،فإما أن نسكت، وإما أن نرد ، فإذا سكتنا أدميت قلوبنا، وإذا قمنا بالرد، فأى رد نرد به فهل نهين أنبيائهم ورسالاتهم ورسلهم ؟ إن الرسول يمنعنا من ذلك، وديننا ينهانا عن ذلك، فنحن لسنا كالسفهاء المتطاولين، لأنهم ليسوا مثلنا يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله، ولا يفرقون بين أحد من رسله، قلت : ماذا نفعل إذن ؟
قال سماحته : أولاً هذا الأمر الذى حدث، وإن كان مراً، إلا أنه أظهر للعالم أن المسلمين وإن إختلفت مذاهبهم ولغاتهم وجنسياتهم فإنما يجمعهم حب نبيهم ^، وقد رأينا الأقليات والأغلبيات فى جميع أرجاء المعموره تلهج قلوبهم وألسنتهم بحب رسول الله ^، وأتمنى أن يكون المسلمون فى كل بقاع الأرض كعبه يحج اليها المستفسرون والسائلون عن ذلك الرجل، الذى يحبه كل هؤلاء الناس مع إختلاف لغاتهم، وألوانهم، فقد يرى الناس غرابة فى هذا الحب ويذهبون إلى المسلمين فيعرفهم المسلمون قواعد الإسلام الصحيحه، وإنى لا أستبعد ذلك، فإن الذى جمع الناس وقادتهم من السحره ليكذبوا سيدنا موسى كان فرعون جمعهم ليكذبوا رسول الله فإذا بهم يؤمنون به ويصدقونه، وإرتد كيد فرعون إلى نحره، والذى جمع الناس صبيحة الإسراء والمعراج ليكذبوا رسول الله كان أبو لهب ، فإذا بهم يؤمنون به ^ ويصدقونه ، ويتبعون النور الذى أنزل معه ويرتد كيد أبى لهب إلى نحره .

وإذا أراد الله نشـــــر فــضيلــــة ….. طويت أتـاح لها لســـان حســود
لولا إشتعال النار فيما جاورت ….. ما كان يُعرف عَرف عُرف العود

فرب ضاره نافعه، والله تعالى قادر قدره مطلقه على أن ينفع عباده بما تعودوا منه ضراً، فالنفع والضر من الله لا من الأحداث .
والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل .

والسـلام عليكـم
وعليكم السـلام
مـريـد