أولو الأمر

مجلة التصوف الإسلامى
أكـــــتوبر 2005

[ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ]
(59النساء)

بفرحة المريد بلقاء شيخه التقيت بسماحة الإمام :
السلام عليكم ورحمة الله . . . . . وعليكم بركاته .

قلت : سيدى أريد أن أعرف خواطركم حول قوله تعالى : [ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ] ولماذا لم يقل ربنا وأطيعوا أولى الأمر منكم ؟.
قال سماحته :هذه ملاحظه يضاف اليها أن هذا الأمر لا يستثنى منه أحد لا حاكم ولا محكوم .
قلت : هل الأمر المقصود هو [ وَأَطِيعُواْ] لأنه فعل أمر ولذلك يحتمل أن يكون المعنى وأطيعوا أولى طاعة الله ورسوله ؟
قال سماحته : قد يكون ولكن من بعيد . قلت : ما هو الأمر المقصود ؟
قال سماحته : الأمر ورد فى كتاب الله وفى السنه وفى اللغه بمعان كثيره جداً فمره يكون الأمر بمعنى التكليف ومره يكون بمعنى الدين ومره يكون بمعنى الغايه ومره يكون بمعنى الشأن وأعتقد أن الآيه التى نحن بصددها كلمة الأمر فيها تعنى الشأن وبالتالى لابد أن نعرف أن :
–  طاعة الله عباده ويلزم لها الإيمان بالغيب والتصديق المطلق .
–  وطاعة الرسول إتباع ويلزم لها الإيمان بالغيب والتصديق المطلق .
– وطاعة أولى الأمر أى أصحاب الشأن أو أهل الإختصاص والتميز وهذا لا يلزمه إيمان بالغيب بل إحترام المنه التى تفضل الله بها على عباده وأنه سبحانه أحوج كل عباده . بعضهم لبعض على أساس أن الغنى غنى مطلقاً هو الله والعبيد يحتاجون إلى بعضهم فالمحكوم يحتاج إلى حنكة الحاكم والحاكم يحتاج إلى خبرة المحكومين من أهل الإختصاص وعلى ذلك فأصحاب الشأن [أُوْلِي الْأَمْرِ] هم كل من ولاه الله تعالى أى أمر من أمور الناس وأعطاه القدره على القيام به بشرط ألا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً فيأتمر بما يأمر به الله ويطيع ويطاع ففى بعض الأمور يجب طاعته لأنه بإذن الله تعالى أقدر من غيره وأعلم من غيره فى أمر ما فيكون من أولى الأمر ثم يطيع غيره عندما يأتى عليه الدور فى الطاعه إذا صادفه أمر هو ليس فيه بخبير ولا عالم ولا قادر . ساعتها يجب طاعة أولى ذلك الأمر  (الشأن ) وبذلك ينتظم المجتمع ويترابط ويتحاب ويتسق وتعرف كل طائفه قدر الطائفه الأخرى مهما صغر الشأن الذى تميزت فيه وبالتالى فإن المهن كلها محترمه والأعمال كلها مقدره إجتماعياً وأصحاب الخبره هم أولو الأمر كل فيما يخصه وبهذا المعنى الشامل فإن المصلحه العامه تقتضى إسناد الأمر إلى أهله وطاعتهم فيه دون إعتبار لأى شىء آخر حتى ولا الدين . قلت : ولا الدين ؟
قال : نعم فلما أدرك بفراسته إستغرابى قال : هذا أمر خاص بالمسلمين فى كل زمان وكل مكان ولو أقمت إعتباراً للدين لوصل الأمر إلى خروج المسلمين على حاكمهم فى البلاد التى يحكمها غير المسلمين أوعدم إستعمال المخترعات التى إخترعها غير المسلمين من لوازم الحياه ولذلك لم يقل ربنا وأطيعوا أولى الأمر منكم لأنها ليست أمور تشريعيه وإنما هى أمور تنظيميه وخدميه . . . . والطاعه فيها إلتزام بالتعليمات الخاصه بها فمثلاً قواعد المرور لم ينزل بها نص فى كتاب الله ولا السنه المطهره ولكنها يجب الإلتزام بها من باب طاعة أولى المرور أصحاب هذا الشأن خبراء فيه وكذلك ما يتعلق بالطب فالكلمه فيه لأصحاب الشأن أو أولى أمر الطب أى الأطباء . . . . وقس على ذلك .
قلت : فى النهايه نفهم أن كل فرد فى المجتمع يعتبر مره مطالباً بالطاعه لأهل الخبره ومره يطالب الآخرين بطاعته فيما هو خبير ومتمكن ومميز وقادر عليه بشرط ألا يأمر بما نهى الله عنه ولا ينهى عما أمر الله به أى لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً ولا يطلق ما قيده الله ورسوله ولا يقيد ما أطلقه الله ورسوله أى لا يبتدع ولكن يبدع ويحسن ويخترع . ولا حول ولا قوة إلا بالله .


والسـلام عليكـم
وعليكم السـلام
مـريـد