وإن أحد من المشركين استجارك فأجره ثم أبلغه مأمنه

مجلة البحيرة والأقاليم
عدد رقم – 896
 
 النبى عليه الصلاة والسلام لم يرسل لاستعباد البشر ولا أى نبى أرسل كى يستعبد الخلق قال تعالى:(( وما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لى )) .  صدق الله العظيم
 رغم التفجيرات التى تحدث فى أماكن مختلفة من خريطة الدنيا وتنسب إلى مسلمين متطرفين فإننا نصر على أن الإسلام لا يحرض على الإرهاب ولا يدعو إليه.
 الإسلام يحرص على أرواح المسلمين وأرواح غير المسلمين.. فغير المسلمين هو مشروع مسلمين فيما بعد.. لايجوز خسارتهم فى أى وقت.. ولو كان فى الإسلام إرهاب فهو لمنع الحرب والموت والخراب وليس إرهاباً للقتل وسفك الدماء.. إن التهديد بالقوة فى الإسلام أفضل من استخدامها.. وعلى الذين يفهمون غير ذلك أن يعيدوا حساباتهم.. وعلى الذين يفعلون غير ذلك أن يراجعوا تصرفاتهم وتفسيراتهم.. فالخطأ فيهم وليس فى الإسلام.. وفى عقولهم وليس فى الإسلام.
 لقد رفض المشركون أن يدخل المسلمون مكة ونقضوا العهد معهم.. فأمر النبى صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يشعلوا ناراً كثيفة ينبعث منها دخان ليرهب المشركين.. وكان ضمن قواعد الإستطلاع  أيامها أن كل عمود دخان يجلس حوله 10 أفراد.. فإذا أحصى الطرف الأخر عدد أعمدة الدخان عرف عدد المقاتلين.. استفاد الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه الحقيقة.. وأمر كل واحد من صحابته بإشعال من عشرة إلى عشرين عمود نار.. فنظر أهل مكة فقدروا أعداد المسلمين بأكثر من حقيقتهم.. قدروها بحساباتهم المعتادة.. وقالوا :( إن محمد أتى بجيوش لا قبل لنا بها).. فألقى الرعب فى قلوبهم.. وقرروا أن يرسلوا من يتفاوض معه سلمياً.
 هذا هو الإرهاب فى الإسلام.. أن يشعر الطرف الأخر بالقوة الرهيبة حتى لا يضطر إلى التورط فى القتال.. أرسل المشركون من يتفاوض مع المسلمين.. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن تمكن منهم: (( ما تظنون إنى فاعل بكم )) .. قالوا : ( أخ كريم وابن أخ كريم ) .. قال لهم الرسول : (( اذهبوا فأنتم الطلقاء )).
 لم يثأر لنفسه ولا لطرده من بلده ولم يتذكر استيلاءهم على أموال المسلمين ولم يقتص منهم لقتل المسلمين فى الغزوات السابقة.. بل قال لهم : (( من دخل البيت الحرام فهو أمن ومن دخل داره فهو أمن )).. وقال العباس : (يا رسول الله أجعل لابى شيئاً فإنه رجل يحب الفخر).. فقال النبى : (( ومن دخل دار أبى سفيان فهو أمن )).. فأين الإرهاب هنا؟!.
 لقد حدث أرهاب ولكنه إرهاب وقائى يمنع بدء المعركة ويحقن الدماء ويظهر عفو رسول الله عند قدرته على القصاص.. فإذا كان هذا الإرهاب يؤدى إلى الأمن فلتسمه أرهاباً.. لكن.. الرسول عليه الصلاة والسلام لم يدخل مكة منتهكاً لأعراض  أهلها مستبيحاً أموالهم.. وبعدها دخل الصحابة المسجد الحرام أمنين.
 يقول سبحانه وتعالى :() لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام  إن شاء الله أمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لاتخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً )).. وكان أن أسلم عدد كبير من أهل مكة بعد الفتح.. لقد كان يمكن أن يقتل هؤلاء لو جرت معركة قبل الفتح بين المشركين والمسلمين.. ماذا لو كان هؤلاء الذين دخلوا الإسلام قد قتلوا؟.. كانوا سيكونون خصماً من رصيد الإسلام وخسارة من منظور النبى.. قتل المشركين خسارة من منظور النبى .. فهم مشروع مسلمين ولو كانوا مشركين.
 إن النبى عليه الصلاة والسلام لم يرسل لإستعباد البشر ولا أى نبى أرسل كى يستعبد الخلق.. قال تعالى :(( وما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لى )).. ولا يختلف نبى عن نبى ولا رسول عن رسول.. لأن كل الأنبياء ارسلوا من عند الله إلى خلق الله بمراد الله .. ولو كان مراد الله إفناء الخلق لما خلقهم أساساً .. ولكن ديمقراطية التشريع هى التى جعلت الرسل يعلمون الناس الخطأ والصواب ويتركون لهم حرية الإختيار.. ثم ينبه الله إلى الثواب والعقاب.. وكذلك يفتح باب الشفاعة والإستغفار والتوبة.. يقول سبحانه وتعالى للنبى: (( وإن أحداً من المشركين إستجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه )).. إذن لا اعتداء على السياح والأجانب حتى لو كانوا مشركين .. هذا مخالف للدعوة الإسلامية وسلوك النبى وللأوامر الإلهية .. فهو إذا دخل بيننا فهو أمن .. وواجبنا حمايته.. نحميه حتى نبلغه مأمنه.. يقول سبحانه وتعالى :(( أدخلوا مصر إن شاء الله أمنين )).. ويقول سبحانه وتعالى عن البيت الحرام :() ومن دخله كان أمناً )).. ومن ثم فإن التفجيرات التى تروع المسلمين فى مكه.. وغير المسلمين فى أماكن إسلامية أخرى حرام .. ولا أحد يقدر على أن يفتى بغير ذلك إلا إذا كان متعسفاً قاسياً فى تفسير كلام الله وسنة رسوله ..
 
ولا حول ولا قوة إلا بالله