التدخل فى الشئون الإلهيه . . سوء أدب مع الله

مجلة عقيدتى
عدد – 872
 
إن الواجب أن يتادب المؤمن مع الله ولا يتدخل فى الشئون الإلهيه وأن يخلى بين الله وعباده  . . فيرفع الله من يشاء ويخفض من يشاء . . ويعز من يشاء ويذل من يشاء . . ويرحم من يشاء . . ويجعل من يشاء يشفع لمن يشاء . .ويقبل شفاعة من يشاء . . ويرفض شفاعة من يشاء . . فيمن يشاء . . إنه على كل شىء قدير .
إن الإنسان وهو مخلوق ضعيف وهش ومحدود القدره والطاقه والإراده لا يقبل أن يتدخل احد فى شئونه الخاصه ولو كانت بينه وبين خادمه أوبينه وبين أبنه فكيف يتجرا أن يتدخل بين الله وعباده ويعترض مستغلاً انه حليم . . والحلم يغرى بالجهل . . أو مستغلاً أن الله كريم . . والكرم يغرى بالتجاوز .
ويبدو أن كرم الله وحلمه أغرى بعض العلماء الفاضل بالإعتراض على الشفاعه وهو أمر مثير للدهشه بدوا فيه وكانهم يعلمون الله أصول الدين . . إن الله لم يتخرج من كلية أصول الدين . . لكنه سبحانه وتعالى يقول : ” قل أتعلمون الله بدينكم ” بل ان الشفاعه لا تنفع فى الاخره فقط وغنما تنفع فى الدنيا أيضاً . . فصلة الرحم تشفع فى إطالة العمر . . والصدقه تشفع فى تداوى المريض والزكاه تشفع فى تحسين المال . . والله فى عون العبد مادام العبد فى عون اخيه . . هذه كذلك شفاعه . . وربما تشفع لنا من سبق وتشفعنا له . فقد تشفع سيدنا موسى لسيدنا هارون ليكون رسولاً ثم إستشفع به فى قوله تعالى : ” رب إشرح لى صدرى ويسر لى أمرى وأحلل عقده من لسانى يفقهوا قولى وإجعل لى وزيراً من اهلى هارون اخى أشدد به ازرى وأشركه فى أمرى ” وإستجاب الله لسيدنا موسى فى قوله تعالى : ” قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطاناً فلا يصلون إليكما بآياتنا انتما ومن إتبعكما الغالبون ” .
وقدرة الله على العفو كقدرته على العقاب . . بل قدرة الله على العفو دليل قدره أشد . . فالعفو عند المقدره الإلهيه المطلقه . . المقدره النسبيه فرق بين قوتين . . والمقدره المطلقه فرق بين منتهى القوه واللا قوه . فرق بين اللانهايه والصفر .
ولنا أن نتساءل : هل هناك إلزام على الله بالغستجابه للشافعين ؟ هل نتكل على أن الانبياء والاولياء والصالحين والأطفال الذين ماتوا قبل البلوغ سيشفعون لنا ؟ . . ما حدود ذلك ؟ .  بدون غطاله : حدود ذلك وغير ذلك إذن الله . . وإذنه سبحانه وتعالى شأن من شئونه الخاصه . . تحكمه فيه مطلق ومغيب . . لذلك فغن الجانب الكثر أمناً للمؤمن هو فى قوله تعالى : وما كان لمؤمن ولا مؤمنه لإذا قضى الله ورسوله امراً أن يكون لهم الخيره من أمرهم ” . . وأمر الشفاعه مما يقضيه الله بإرادته .
ولنا أن نتساءل أيضاً : هلى المل فى الشفاعه يعيب المؤمن ؟ هل هو نقص فى الأيمان ؟ . والإجابه : أنه من تمام الإيمان . . الإيمان أن يكون أمل المؤمن رحمة الله وليس فى عمله . . يقول سبحانه وتعالى : ” وقال ربكم أدعونى أستجب لكم ” . . والغستجابه هنا مطلقه . . لكن لا يجب ان يتوقف عمل المؤمن عند حدود وفى الوقت نفسه لا يستمثر على الله شىء . . فغن دعوناه فكما امر وغن إستجاب فكما وعد . . غير ملزم بذلك . . فقد جاز سبحانه وتعالى أن يعذب من اطاعه وأن يثيب من عصاه ذلك لأنه لا يسأل عما يفعل ونحن نسأل  . . فالمؤمنون المتوكلون هم الذين يتخذون السباب ويطلبون الشفاعه ثم يقبلون النتائج مهما كانت . . يقول سبحانه وتعالى : ” إنما التوبه على الله للذين يعملون السوء بجهاله ثم يتوبون من قريب ” . . فعلى من تطاول وتعدى حدوده وأنكر نعمة الله عليه أن يتوب وألا يكون من الذين يصرون على الإثم وهم يعلمون . .
 
ولا حول ولا قوة إلا بالله