الصوم . . والصيام

مجلة البحيره و الأقاليم
عدد رقم – 219
 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وأصحابه والتابعين . . وبعد فإن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها . . ومعنى وسعها أى أقل من طاقتها أى يجعل فى الطاقه سعه للمزيد . . وقوله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام ” معناه أن ماكتبه الله سبحانه وتعالى على المؤمنين فى حدود السعه وليس فى حدود الطاقه لأنه سبحانه وتعالى قال ” وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ”
ومعنى يطيقونه أى لا يستطيعون ومن هذا المنطلق يكون الصيام فى حدود السعه والصوم فى حدود طاقة العوام أى لا يستطيعونه . . فكم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش فالإمساك عن الطعام والشراب صيام ولكنه صيام العوام ومن أراد أن يكمل السعه إلى مادون الطاقه فليكملها بالصوم . . وأول الصوم هوالإمساك عن الطعام والشراب وكل قول أوفعل عدا ذكر الله تعالى وهذا صوم الخواص وغاية الصوم أوحده الأقصى هو الطعام والشراب وكل شىء حتى ذكر الله وصولاً إلى غايه أسمى هى الله ومعناه الإمساك عن كل ما سوى الله وهو صوم خواص الخواص . . وهناك فرق بين الصيام والصوم فليس فى الصيام إمساك عن الكلام مع الناس ولكن الصوم يحتمل هذا المعنى فى قوله تعالى : ” فكلى وإشربى وقرى عيناً فإما ترين من البشر أحداً فقولى إنى نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً ” وقوله تعالى على لسان نبيه زكريا عليه السلام ” قال رب إجعل لى آيه , قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سوياً ” وفى موضع آخر ” ثلاث أيام إلا رمزاً ” فالسيده مريم رضى الله عنها وسيدنا زكريا عليه السلام كانا فى مقام الصوم لأنهما من خواص الخواص فالسيده مريم أشاره إلى الأولياء وسيدنا زكريا إشاره إلى الأنبياء والرسل . . فالصوم خاص بالأنبياء والرسل أصالةً وبالأولياء وراثةً
وأما الصيام فمن رحمة الله أنه إرتضاه من العوام وجعله فى السعه ” لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ” . . عزيزى القارىء إن وافقتنى فى هذا الرأى فإن إجتهادى أصاب ولى أجران وإن خالفتنى فإن إجتهادى أخطأ ولى أجر واحد
 
ولا حول ولا قوة إلا بالله
المحرر