عنزة وإن طــارت

جريدة البحيره و الأقاليم
عدد رقم – 120
 
عاد الأب من عمله وبعد أن إستراح إنشغل بقراءة كتاب فى يده وانصرف كل واحد من الأسرة إلى هوايته وكان أحد الأبناء يشاهد إحدى الفضائيات فرأى نقاشاً حاداً أوشك على التشابك بالأيدى فقال لوالده يا أبت  أنظر معى إلى هذه المناظرة الحامية قال الأب يابنى : ليست هذه بالمناظرة ولكنها المجادلة قال الإ بن 00 وما الفرق بينهما ؟
قال الأب  هناك فرق كبير بين المناظرة والمحاورة والمجادلة والمكابرة والمراء 00 فالمناظرة يجب أن تكون بين طرفين عالميين ومعهما طرف ثالث يرتضيانه ويتكلمان بإذنه ويقبلان حكمه 0
قال الإ بن  أعطنى مثلاً 00 قال الوالد أتذكر يوم أن إصطحبتك إلى المحكمة لترى ما يحدث فيها قال   الإبن  نعم 00 قال الوالد إن الدفاع طرف والإدعاء طرف وهما عالمان بالقانون والقاضى أعلم منهما وهو الحكم فيعرض الدفاع ما عنده ويطلب البراءة ويفوض الأمر للمحكمة ويعرض الإ دعاء ما عنده ويطلب الإدانه ويفوض الأمر إلى المحكمة والقاضى يناظر بين العرضين ثم يصدر الحكم بحياد تام وهذه هى المناظرة أما الحوار فإنه يدور بين طرفين يجلى كل منهما للآخر حقيقة غابت عنه دون أن يكون عنده هوى أو مأرب شخصى وأما الجدال والعياذ بالله فإنه يقع بين طرفين عند كل منهما هوى ولكل منهما مأرب كما رأيت على الشاشة ويريد أن ينتصر لنفسه وليس للحق ولو على حساب الحق 0
وأما المكابرة فهى أن يكذب أحد الطرفين الآخر رغم علمه بصدق ما يقول صاحبه ولو رأى الحق بأم عينه ” يكتمون الحق وهم يعلمون ” وأما المراء فهو أن يكذب أحد الطرفين أخاه وهو لا يعلم ” بل كذبوا  بما لم يحيطوا بعلمه ” كما كذب أهل مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم  بعد عودته   من الإسراء والمعراج وهو رأى وهم لم يروا ومع ذلك  أخذوا يمارونه فقال الله تعالى ” أفتمارونه على ما يرى” فقال الإ بن  أشكر الله سبحانه وتعالى أن جعلك لى مرجعاً كلما غم عليا أمر ويؤسفنى لو قطعت عليك قرأئتك لكتابك قال الأب يا بنى كنت  أقرأ لك قصة رجلين مبصرين وصاحبهما أعمى كان ثلاثتهم يسيرون فرأى المبصران سواداً من بعيد 00 قال أحدهما إنه طائر أسود وقال الأخر إنه عنزة سوداء” هذا حوار” وقال الأعمى  أعتقد بل وأجزم  أنها عنزة سوداء ولما وصلوا  إلى قريب مما رأوا فإذا به نسر كبير أسود 00 فرد جناحية وطار فقال الأول الأن صح كلامى فهو طائر 00 وقال الثانى هى عنزة وإن طارت ” مكابرة” وقال الأعمى صدقت0
عزيزى القارئ 00 ليتنا ننأى بأنفسنا عن الجدال والمراء والمكابرة ونترك المنظارة  لأهلها بشروطها  وأركانها
عزيزى القار ئ 00 هل إلى حوار من سبيل
 
ولا حول ولا قوة إلا بالله