أغـــرب الفـــتاوى

مجلة التصوف الإسلامى
يوليو 2007

( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرىء ما نوى )

بفرحة الواثق من بلوغ الحقائق فى بطون الرقائق التقيت بسماحة الإمام . . .
السلام عليكم مولانا الإمام
وعليكم من الله السلام
قلت سيدى الكريم . . إن لى صديقاً عزيزاً زارنى مصطحباً معه شخصاً لا أعرفه وكنت مريضاً بآلام فى القدمين والظهر .

قال سماحته شفاك الله قلت : آمين
قال سماحته : ثم ماذا ؟ قلت : حدث أمر فى منتهى الغرابه حيث إن الطبيب وصف لى علاجاً طبيعياً وهو عباره عن نفس أفعال المصلى من قيام وركوع ورفع وسجود وجلوس غير أنه إستبدل لى التسبيح والتكبير والتلاوه بأعداد معينه .
قال سماحته : ماذا تقصد بأعداد معينه ؟
قلت : يعنى بدلاً من التسبيح أعد من واحد لعشره وهكذا فى كل حركه والسؤال : هل فى ذلك أى نوع من التحريم ؟
قال سماحته : لا يوجد تحريم ولا تجريم ولكن يجب الإحتياط للأمر بأن تصلى أقصد تقوم بالتمرينات إلى غير القبله حتى لا يأتى أحد المسلمين ويظنك تصلى الفريضه فيأتم بك .
قلت : أكمل قصتى فبعد أن رحبت بضيفى قمت بعمل تلك التمرينات وهما جالسان ينظران إلى وكنت أتحدث معهما إذا لزم الأمر . . ثم لاحظت أن أحد المضيفين أخرج من جيبه ورقه وقلماً وأخذ يكتب . . قلت هذا شأنه وبعد أن أنتهيت جلست معهما نكمل معاً تبادل عبارات الترحيب والثناء غير أن صاحبنا رأيته وقد تغير لونه وتهدج صوته وأحمرت عيناه ثم سألنى سؤالاً غريباً فقال : هل أنت مسلم ؟
قلت : الحمد لله ، فقال : هل تجهل القبله وأنت فى بيتك ؟
قلت : بالطبع لا .
قال : منذ متى وأنت تصلى ؟ أقصد منذ متى وأنت مسلم ؟
قلت : منذ ولدت فكل مولود يولد على الفطره .
فقال : ألم يشرح لك أحد من قبل كيفية الصلاه ؟
قلت : بارك الله فى علمائنا الذين يولون إهتماماً كبيراً بأمور الصلاه بالذات ويعتبرونها الدين كله رغم أنها عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين .
وإذا بالرجل يا مولانا يخرج عن حدود الوقار واللياقه ويقول لى وهو فى بيتى وفى ضيافتى وفى أول لقاء بيننا : يا هذا أنت كافر . . وهنا لف المكان صمت قاتل وإختلط الأمر بين فقدان الأعصاب ومراعاة أصول الضيافه والغيره على دينى وغيرته هو على الدين غير أنى تماسكت وسألته لماذا يا أخى أنا كافر؟!
فقال : أولاً لا تقل لى يا أخى لأن الله يقول: [ إِنَّمَـا الْـمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ] (10 الحجرات) وأنت لست بمؤمن فتدخل صاحبى لإنهاء الأمر ففشل إلا أن الرجل أمسك بالورقه التى كان يكتب فيها وأخذ يقرأ حيثيات حكمه بل أحكامه . فقال : أولاً صليت بغير وضوء ثم صليت إلى غير القبله – ثم لم تبدأ بتكبيرة الإحرام ثم إنك كنت تعد الأعداد جهراً بدلاً من التسبيح مع أنك كنت تصلى العصر ثم أنك صليت العصر ركعتين فقط ثم أنك لم تقرأ التشهد ثم إنصرفت من الصلاه بغير سلام بل قلت شرفتونا يا إخوان بدلاً من أن تقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عن اليمين وعن الشمال ثم إستطرد يقول : هل هناك من الكفر غير ذلك الفعل ؟!
فقلت له وقال صديقى: إن ما رأيته لم يكن صلاة فقال : ماذا يكون إذن فقلت له: إنها تمارين علاجيه للمفاصل والظهر فقال : ولكنك صليت ، قلت : يا أخى لم أنو الصلاه فقال : لا ولكنك نويت ، قلت : هل سمعت نيتى ؟
فقال : طالما فعلت فقد نويت وإذا لم تصدقنى فإسأل الشيخ فلان أوالشيخ علان فقلت لن أسأل إلا شيخ الشيوخ .
فتبسم الإمام وقال : أى حظ عاثر أوقعك مع هذه العينه ؟
قلت : أهو عينه من ظاهره معروفه ؟
قال الإمام : يا بنى كم أكتوينا من أمثال ذلك الجاهل الذين يزورون فى كل شىء فى الأحاديث وفى الآيات وفى معانى القرآن وفى مدلولات الأحكام والفتاوى التى بين أيدى المسلمين عن سلفهم الصالح حتى وصل الأمر بهم إلى تزوير النوايا أى أن الواحد منهم يأتى بنيه من عنده ثم يصفها فى قلوب العوام ثم يحاسبهم عليها بأن يصدر عليهم ما يروق له من أحكام فأمثال ذلك الرجل هم الذين يقولون أن الصوفيه يعبدون الأولياء ليقربوهم إلى الله زلفى وينزلون عليهم الأحكام كالمطر المنهمر فأفواههم فى إصدار الفتاوى الغبيه كأفواه القرب .
قلت يا سيدى : هل أخطأت أنا ؟
قال سماحته : نعم أخطأت . . فأصابنى الفزع الشديد فقال مولانا : أنت أخطأت عندما أقمت لكلام ذلك الجاهل وزناً لأن من كفر مسلماً فقد كفر والكفار لا يقيم الله لهم يوم القيامة وزناً . . يا بنى كل عبد يهمه إرضاء سيده ولو كره الآخرون فهل سمعت الحكمه الرابعيه عن رابعه العدويه إذ تقول :

فليــت الـذى بينى وبينك عامــر ….. وبينى وبين العالميــن خــراب
إذا صح منـك الــود فالكــل هين ….. وكل الذى فوق التراب تراب

قلت : لا حرمنى الله من علمك وحلمك وصبرك على أمثالى فقد أجبت سؤالى وأرحت بالى وبعد هذا اليوم بغير لله لا أبالى .

والسـلام عليكـم
وعليكم السـلام
مـريـد