الزواج العرفي

مجلة التصوف الإسلامي
يناير2005

[وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُـوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً]
صدق الله العظيم

(21 الروم)

بفرحة العارفين بالأعراف . . الواقفين على النعوت و الأوصاف المتصفين بالسوية و الانصاف . . . التقيت بسماحة الأمام و بعد رد السلام قلت :

لقد كثر الحديث و الفتاوى و ثبت من ثبت و البعض قد تهاوى في أمر أسموه الزواج العرفي ولا أريد الحكم بل التعريف لأن الحكم على شئ غير معروف يأتى بشيء غير مألوف حتى السادة العلماء منهم من أنصف و منهم من غوى و هوى و لكل أمرىء ما نوى و أما العامة فقد اختلطت لديهم المعروف و تشابكت حول رقابهم الحروف فخالطوا بالخرافة الخريف و الخروف حتى أن الحليم منهم عن السؤال عزوف وإني موقن أنى سوف أستجلي من سماحتكم الحقيقة بالمعروف    ولن أبرح حتى أعلم ولو طال بي على باب علمكم الوقوف .
قال سماحته : صبرا أيها السائل الشغوف اللهوف الذى لا يعرف فى سبيل العلم الحياء ولا كما يقولون ” الكسوف ” ثم بدأ سماحته يقول : يا بنى إن الزواج زواج و العرف عرف فإذا إجتمعا معا كان الزواج المعروف الذى هو فى كتاب الله موصوف و معروف و مألوف .
قلت كنت قبل اليوم أقول تواضعا لا أفهم و الان أقسم أننى بذلك أقطع و أجزم . .
قال سماحته : لا تجزم و لا تقطع و لكن عليك أولا أن تسمع فما ساقك إلى ساحتنا إلا ما تقول ثم أخذ يقول إن الزواج فى شرع الله الحكيم مبنى على إيجاب و قبول و مهر وعقد ( عقد النكاح ) وشهود وولى و إعلان و هى ثوابت زمانا و مكانا و أما العرف فإنه من مكملات الزواج و ليس ذلك بقليل الأهميه حتى يهمل مثل الأتفاقات الجانبيه المكمله واللازمه إجتماعيا مثل المشاركه فى نفقات الزواج و الشروط المسبقه التى تجيب على أسئلة لم تطرح سدا للذرائع و توثيقا للوقائع و قد أخذ الأمام أبو حنيفه رضى الله عنه بذلك فى مذهبه العظيم و أنزل العرف منزل التشريع الحكيم وهذه الأعراف تتغير بتغير الأماكن و الأزمنه و المستويات و الظروف و لا ينبغى ان نجعل الشرع عرفا لأن ذلك سيجعل العرف شرعا فإذا خالف العرف شرعا فلا عبرة به و إن خالف الشرع عرفا فهو الغالب بإذن الله و على ذلك ينبغى أن تكون الزوجه من ذوات الدين(1) و كذلك الزوج أما أصحاب الأهواء فإنهم ينقبون فى جدار الشرع على مقاس هواهم متلاعبين بالحكام عابثين بالأحكام .
قلت : الان أجمل ما فهمت إن الزواج بشروطه الشرعيه و العرفيه معا يسمى أو الأصح أن يسمى الزواج العرفى فما هو موضوع الوريقه أو القصاصه التى يكتبها الراغب للراغبه أو الهارب للهاربه ثم استوقفنى سماحته برفق و لين و قال :يا بنى إن ذلك لا يسمى زواجا بل هو علاقه سريه تتم فى غفله عن الدين و تستهوى العابثات والعابثين و حتى بعض الناضجات و الناضجين فأنهم بدعوى قطع المعاش متعليين و متعللات وهذه العلاقه يغلب عليها العقوق و ضياع الحقوق خاصه عند موت الرجل أو ضياع قصاصة الورق أو ضياع ذمته فى زحام الانانيه . إذا وجد أخرى أسهل من الأولى و أغنى و أجمل .
ثم قال : كيف يسمى عرفيا و هو لا يعرف به أحد . . . هل تريد المزيد ؟
قلت : المزيد يفيد و لكن الله يبغض الآكل فوق شبعه . . . . و إنى أشكر الله تعالى الذى جعل لكل داء دواء ولكل مشكلة حلا عند أهل العلم وأسأله أن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما جهلنا            ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .

والسـلام عليكـم
وعليكم السـلام
مـريـد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البخارى الجزء (3)-(360)
5090 – عن أبي هريره رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك”