الأوراد

مجلة التصوف الإسلامى
عدد نوفمبر 2004

[وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً ]
صدق الله العظيم

(19 يوسف)

بفرحة الوارد و سكينة الواجد للعلاقه بين الأحد و الواحد إلتقيت بسماحة الإمام . .
السلام عليكم مولانا الإمام . . و عليكم من الله السلام .

قلت : إن للصوفيه ما يسمى عندهم الأوراد وهى ذات نصوص و أعداد فهل تسمح لى بكرم عهدناه منكم بتوضيح الورد و معناه و مغزاه و مبتدأه و منتهاه ؟
قال سماحته : هذا سؤال فى الأصول و قد صحت فيه براهين الأدله و النقول فاستمع لما اقول . . يا بنى إن كلمة ورد هى كل قول أو فعل يتكرر بإنتظام بأعداد ثابته فى مواعيد ثابته سواء أكان ذلك القول أو الفعل عاده أو عباده . . . ثم سكت سماحته ليستيقن من إستيعابى . . ثم قال : وعلى ذلك فكل الناس يؤدون الأوراد التى تعتبر عادات مثل ذهاب الرجل إلى العمل كل يوم وتناول الطعام فى مواعيد ثابته و كذلك تناول الأدويه فى مواعيد ثابته بقدر ثابت فكل من اعتاد على أداء شىء فهو ورد له وأما العبادات فكلها تعتبر أورادا لمن يؤديها و بثبوت أعدادها أو ثباتها تعتبر أورادا وصيام رمضان من كل عام يعتبر ورد صيام كل عام و صلاة الجمعه من كل أسبوع هى ورد أسبوعى ومن أعتاد قراءة جزء أو أقل أو أكثر من القرآن كل يوم يعتبر وردا قرآنيا و من قال حين يصبح دعاء معينا يصبح ذلك وردا صباحيا و من قال حين يمسى دعاء مأثورا عن سيدنا رسول الله ^ يعتبر ذلك وردا مسائيا و لعلك تعجب إذا قلت لك إن الله تعالى عندما يقول عن الكافرين من آل فرعون [النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً] (46 غافر) أن هذا يعتبر وردا ولكنه بئس الورد المورود و أعلم يا بنى أن الورد قد يعنى ما يرد عليه الانسان طوعا أو كرها و قد يعنى التعريف السابق لقوله تعالى : [وَنَسُوقُ الْـمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً] (86 مريم) و لكل ورد وارد فبئر سيدنا يوسف كانت وردا يرد عليه الراغبون فى الماء و لذلك يقول تعالى :[ وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ] (19 يوسف) و من ليس له ورد ليس له وارد والصوفيه هم قوم عملوا بما علموا فاورثهم الله علم ما لم يعلموا أى عملوا بما يعلمون من دعاء وتسبيح فيسر الله عليهم الأمر وعلمهم أيسر السبل لإجابة الدعاء فأذنهم بالأوراد و الأذكار فى حضرة قربه تيسير على المريدين الأقل همه من المشايخ و أياك أن تظن أن اوراد الصوفيه عباره عن ادعيه مؤلفه بمعرفتهم و لكنها فتوح من الله على العارفين به كمن سلك طريقا طويلا حتى وصل إلى غايته فعلمه الله أقصر الطرق و أسلكها و أيسرها و أكثرها أمنا كما هو الحال بالنسبه لليلة القدر التى جعل الله ثوابها خيرا من ألف شهر و ذلك من نفحات الله تعالى التى أخبرنا عنها النبى ^ عندما قال ما معناه ( إن لله في أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها عسى أن تصيب أحدكم  رحمة لا يشقى بعدها أبدا ).(1)
انظر إلى قوله تعالى : [فَاذْكُرُونِىٓ أَذْكُرْكُمْ] (152 البقرة) فمن ذكره بما يشق عليه ذكره الله بما هو أيسر عليه [ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُّ اليسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ] (185 البقرة).
قلت يا مولانا أعلم أن هناك مسميات فى الطرق الصوفيه مثل مريد و خليفه و نائب و شيخ فما دلالة ذلك ؟
قال سماحته : تريد المعنى طبقا للقانون 118 لسنة 76 أم تريد الدلاله الدينيه التى تعبر عنها هذه الأسماء و الألقاب .
قلت : لا شك أنى أريد المدلول الدينى و الشرعى .
قال سماحته : إذن لا بد أن تعلم أن الشيخ له علامات و آيات يقول قائل الصوفيه :
و للشيــخ آيــات إذا لم تكن بـــه ….. فما هو إلا فى ليـل الهـوى يسـرى
إذا لم يــكن علــم لديــه بظاهـــر ….. ولا باطن فأضرب به لجج البحر
فأقرب أحوال المريد إلى الــردى …..  إذا لم يـكــن منـه الخبير عـلى خـبر

و أرى أن نؤجل ذلك إلى لقاء قادم فانظر ماذا ترى . .
قلت يا مولانا أرى أن الرأى ما ترى و كل عام و سماحتكم بخير و هيئة التحرير والقراء المحترمون و الله من وراء القصد و هو يهدى السبيل .

والسـلام عليكـم
وعليكم السـلام
مـريـد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من حديث المعجم الأوسط – الجزء (3) ، ص (408-409) رقم الحديث (2877) عن محمد بن مسلمة قال : قال رسول الله ^ : ” إن لربكم عز وجل في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها “