إختلاف العلماء رحمة فهل إتفاقهم عذاب؟

جريدة البحيره و الأقليم
عدد رقم – 116
 
الحمد لله الذى أخفى الحكمة من القضاء حتى يثاب الذين يؤمنون بالغيب وأعجز مدركات الخلائق على الإحاطة بشئ من علمه إلا بما يشاء ، وجعل من عباده المتقين الواصلين خلائف الأرض وسماهم الأ ولياء وجعل لأمة النبى صلى الله عليه وسلم الرحمة فى  إختلاف العلماء 0
فما معنى إختلاف العلماء ؟ وهل يعنى ذلك أن إتفاقهم عذاب مادام إختلافهم رحمة وأين هذا من القول الخالد ” لا تختلفوا فتختلف قلوبكم ” وقوله تعالى ” إن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص” وهل الإسلام يدعو الى الإ ختلاف ؟
عزيزى القارئ 00 فلنتأمل سوياً قوله تعالى ”  إن فى خلق السموات والأرض و إختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم” 00 الآية  إن إختلاف الليل والنهار لا يعنى أن  الليل مظلم والنهار مضئ ولا يعنى أن الليل سكن و إستراحة والنهار معاش وكد وسعى على الأرزاق فإن الله لم يقصد فى هذه الآية  إظهار الإ ختلاف بينهما وإلا لقال سبحانه وإختلاف الليل عن النهار ، أما وإنه سبحانه قد جعل الواو بدلاً من عن فهو لإظهار التعاقب بينهما فكلمة إختلاف لا تعنى دائماً وقوع خلاف أو حدوث مفارقة جراء مقارنة فاختلاف الشكل ليس كاختلاف الزمان وعلى نفس هذا المنوال  ينسج معنى إختلاف العلماء فهو لاشك ليس المقصود به وقوع الخلاف بينهم ولا حدوث شقاق ومنازعة على شئ وأعتقد والله أعلم أن المقصود هو التعاقب أى تعاقب العلماء وعالم بعد عالم منهم يُيسر للأمة الدين حسب معطيات العصر وهذه الرحمة لا يساويها رحمة ولنتخيل معا الأمه لو إنقطع تعاقب العلماء لم يتواصل عطاؤهم 00 ترى من الذى سيوضح ما غُم عليهم من مستجدات الأ مور فهم أهل الإ ستنباط أى الذين يستنبطون الأحكام للأمور التى لم يرد فيها نص صريح غير مخلين بالنصوص ولا عابثين بالعقيدة كما يستنبط العلماء منتجات اللبن على تعددها وتنوعها وفى النهاية لا يخرج كل ذلك عن كونه لبناً فى الأصل ، وكما يستنبط أهل العلم من البترول الخام كل معطياته بدءاً بأخفها وإنتهاءاً بأثقلها وعلى ذلك فالعلماء المعنيون بالإ ختلاف الذى يعنى التعاقب هم الذين قال الله تعالى لعباده عنهم ” فإن تنازعتم فى شئ فروده الى الله والرسول” ثم يكمل المعنى بقوله تعال ” ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ” فالعلماء الذين يحفظ الله بهم الدين لم يجعل  لأ حد منهم الخلد ولو كان الأمر كذلك ما كانت الحاجة إلى التعاقب ”  الإختلاف”  أما وقد قضى الله على رسله جميعاً بعدم الخلود فى الدنيا جسداً فجعل رسولاً يخلف رسولاً ونبياً يخلفه نبى حتى كان مسك الختام بسيد الأنام سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام  حيث قال له الله ” وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون” وعلى ذلك فقد جعل الله للدين حفظة يتعاقبون خلفاً بعد سلف وهذا معنى الإختلاف الذى هو التعاقب والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل والله أعلم
 
المحرر