إستقيموا يرحمكم الله
جريدة الأهرام القاهريه
8 – 4 – 2006
8 – 4 – 2006
فى البدء كانت الكلمه . . خلقها الله نوراً فكشفت ظلام الشر . . خلقها الله حروفاً فصاغت بريق الشعر . . خلقها الله نغمه فكان شجن الوتر . . خلقها الله لونا فرسم البشر سحر القمر وخضرة الشجر . إن كل ما منحه الله لنا من مواهب ومشاعر لا يمكن أن يثير فينا مشاعر الكفر والضجر .
إن الإبداع البشرى هو صياغة الضمير الإنسانى ليعلو فوق باقى المخلوقات والكائنات والتصورات والمفردات .
لكن فضيلة المفتى خرج دون سابق إنذار ليحرم علينا عيشتنا . . ومشاعرنا . . وما تبقى من لمحة الجمال فى عيوننا . . التماثيل تطرد الملائكه . . تطاردها . . وتقلقها. وتزعجها . . فتحرمنا منها . . وتبعدنا عنها . . ياالله . . ينقصنا هذا الإجتهاد ليضاعف مساحة القبح والهباب من حولنا . . ليجعل كلمة أكوام القمامه هى العليا, بعد أن نشنق النحاتين والتشكيليين ونعلقهم فى ميدان التحرير, لقد حطم سيدنا إبراهيم عليه السلام التماثيل التى يعبدها قومه . . وكانوا يعتبرونها آلهه . . وإن ترك كبيرهم رمزاً . . لكنه . . لم يقض على صناعتها . . بل على العكس راجت وقويت . . ونحتت من صخور يصعب كسرها . . فالاهم من تكسير الأصنام باليد خروجها من القلب . . إن الرسول الكريم لم يقرب تمثالاً بأذى وكان يصلى فى البيت الحرام وحوله ما حوله من تماثيل . . ولم يكن ذلك إقراراً منه بها . . وإنما لأنه تعامل معها بطريقه مختلفه من التكسير المادى . . فقد بدأ بإدخال التوحيد فى القلوب حتى طرد الشرك منها . . كما يطرد النور العتمه . . فتعلم الناس منه أن لا إله إلا الله . . فبطلت كل الآلهه .
وعندما فتح الله على الرسول مكه دخلها هو وصحابته وفى يده قضيب صغير . . لا معول ولا فأس . . يشير إلى الصنم بالقضيب ويقول : ” وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً ” فإذا إنكفأ صنم على رأسه لم يجد من يعدله . . وإذا إنكفأ على ظهره لم يجد من يغيثه . . وكان رجاله يدحرجون الآلهه المزعومه بأرجلهم بعد أن كانوا يعبدوها من قبل . . لقد نزع النبى هذه الأشياء من ضمائرهم فماتت واقفه .
إن التمثال لا شىء فيه . . مجرد كتله جماليه فى الفراغ . . لكن إن عبدته طائفه ليقربها إلى الله زلفى, يصبح عندئذ صنماً بالنسبه إليهم فقط . . وإذا قامت طائفه أخرى بعبادة التمثال لا ليقربهم إلى الله ، بل بإعتباره هو الأله نفسه ، يصبح التمثال وثناً بالنسبه إليهم فقط . . إن الخلط اللغوى بين التمثال والوثن والصنم هو المسئول عما نحن فيه من خلط المعانى . . وخلل فى الإجتهادات الفقهيه ولو فهمناها لإسترحنا .
وعندما سيطر المسلمون على مصر كلها . . شمالها وجنوبها . . شرقها وغربها . . وجدوا فيها الآثار الفرعونيه والقبطيه والرومانيه على جميع أشكالها . . بشر وحيوانات ونبات وحشرات . . لكنهم لم يقربوها . . لم يحطموها . . وبقيت على ما هى عليه حتى اليوم . . فلماذا لم يكسرها المسلمون من صحابه رسول الله الذين فتحوا مصر ؟ .
هناك ثلاثة إحتمالات :
( 1 ) إن هذه الآثار يومها كانت مخبأة فى سراديب وأنفاق تحت الأرض فلم يروها
( 2 ) إن هذه الآثار كانت صعبه الكسر فلم يستطيعوا تحطيمها وأبقوا عليها مرغمين ( 3 ) أن يكون الصحابه يوم أن دخلوا مصر مستضعفين فيها ولا حول لهم ولا قوة.
( 4 ) أن يكونوا على علم من رسول الله بالفرق بين التمثال والصنم والوثن .
والإحتمال الأول مرفوض لأن الآثار لم تكن فى سراديب ولا أنفاق بل كانت معابد وتماثيل شامخه فى الهواء الطلق .
والإحتمال الثانى مرفوض لأن الآثار كان من الممكن كسرها .
والإحتمال الثالث مرفوض لأن المسلمين كانوا حكاماً ولم يكونوا محكومين . . وكانت لهم اليد العليا فى كل شىء .
ولا يبقى سوى الإحتمال الرابع . . وهو أنهم كانوا يعرفون الفرق بين التمثال والصنم والوثن . . وأنهم تعلموا معنى التوحيد على يد رسول الله الذى لم يقلد أباه إبراهيم فى التعامل مع التماثيل .
وهناك حديث شريف يقول فيه سيدنا رسول الله : ” المصورون فى النار ” . . وقد أستخدم هذا الحديث فى تحريم التصوير والنحت والفن التشكيلى . . ووصل الأمر بالبعض إلى تحريم رسوم علم الأحياء والطب . . بل وصل التحريم إلى النقود التى عليها صور ورسوم . . فمن هم المصورون الذين سيكونون فى النار ؟ .
إن المصورون الذين فى النار هم المصورون الذين يعتقدون أن لله صوره فى قلوبهم فيعبدونه عليها . . مثل الذين يعتقدون أن الله يشبه الشمس فيرسمون شمساً على أنها الله . . أومثل الذين يعتقدون أن الله يشبه نجماً أوقمراً أوغيرهما من المخلوقات . . لقد أعتقدوا أن الله يشبه هذه المخلوقات فعبدوها . . أن التصوير فى هذه الحاله حرام . . ويلقى بصاحبه فى النار . . فهولاء نسوا أن الله سبحانه وتعالى منزه عن الكم ، والكيف ، والند ، والضد ، والشبيه ، والمثيل ، والشريك ، والزوجه ، والولد وكل ما خطر ببالك فهو هالك وسبحانه وتعالى بخلاف ذلك .
وعند نزول قول الله تعالى : ” وإن هذا صراطى مستقيماً فإتبعوه ” خط النبى خطاً مستقيماً ثم خط على يساره ستة خطوط وعلى يمينه ستة خطوط تشبه جريد النخل . . وكان ذلك نوعاً من الرسم التوضيحى الذى لا يمكن أن يكون حراماً . . والرسم التوضيحى هو وسيله من وسائل المعرفه نلجأ إليه فى الخطط العسكريه والخرائط الجيولوجيه والجغرافيه والهندسيه . . مثلاً . . بل إن الحروف التى نكتبها نوع من الرسم . . فلا يمكن أن ينهانا الرسول صلى الله عليه وسلّم عنها . . عن أشياء نحن فى حاجه إليها .
ويجب ألا نتعامل مع ما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلّم بهذه السطحيه . . أنه أوتى جوامع الكلم . . فالكلمه قليلة الحروف منه باقيه ولها فى كل زمن معنى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . . وعزاؤنا إن شراح القرآن والأحاديث فى غالبيتهم كعمى يصفون فيلاً . . من وقعت يده على ذيله قال أنه خشن ، ومن وقعت يده على ظهره قال أنه بدين ، ومن وقعت يده على بطنه قال أنه رخو . . ولا أحد يقدر أن يدعى أنه محيط جملة بما فى النصوص الإسلاميه المقدسه من كنوز وأسرار .
وقد كان النبى سليمان عليه السلام يأمر الجن بصناعة التماثيل . . ” يعملون له مايشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات ” . . ومن ثم فإن تمثالاً ( أوصورة ) فى بيت يعبد ( بضم الياء ) من دون الله أويعبد ( بضم الياء أيضاً ) للتقرب إلى الله زلفى أويعبد لذاته فإن الملائكه لا تدخله . . الحرام فقط هو إقتناء هذه الأشياء بغرض العباده . . أما لو كان إقتناؤها بغرض الإستفاده والجمال والزينه فهى حلال . . وتدعو الملائكه لزيارة البيت . . بل والإقامه فيه .
لكن . . قبل ذلك كله وبعده . . ألم يحن الوقت للكف عن إستنزاف الوقت فى هذه القضايا الوهميه الخادعه ؟ . .
أليس فى حياتنا ما هو أجدر بإهتمام فضيلة المفتى وصحابته ؟ . . إستقيموا يرحمكم الله
إن الإبداع البشرى هو صياغة الضمير الإنسانى ليعلو فوق باقى المخلوقات والكائنات والتصورات والمفردات .
لكن فضيلة المفتى خرج دون سابق إنذار ليحرم علينا عيشتنا . . ومشاعرنا . . وما تبقى من لمحة الجمال فى عيوننا . . التماثيل تطرد الملائكه . . تطاردها . . وتقلقها. وتزعجها . . فتحرمنا منها . . وتبعدنا عنها . . ياالله . . ينقصنا هذا الإجتهاد ليضاعف مساحة القبح والهباب من حولنا . . ليجعل كلمة أكوام القمامه هى العليا, بعد أن نشنق النحاتين والتشكيليين ونعلقهم فى ميدان التحرير, لقد حطم سيدنا إبراهيم عليه السلام التماثيل التى يعبدها قومه . . وكانوا يعتبرونها آلهه . . وإن ترك كبيرهم رمزاً . . لكنه . . لم يقض على صناعتها . . بل على العكس راجت وقويت . . ونحتت من صخور يصعب كسرها . . فالاهم من تكسير الأصنام باليد خروجها من القلب . . إن الرسول الكريم لم يقرب تمثالاً بأذى وكان يصلى فى البيت الحرام وحوله ما حوله من تماثيل . . ولم يكن ذلك إقراراً منه بها . . وإنما لأنه تعامل معها بطريقه مختلفه من التكسير المادى . . فقد بدأ بإدخال التوحيد فى القلوب حتى طرد الشرك منها . . كما يطرد النور العتمه . . فتعلم الناس منه أن لا إله إلا الله . . فبطلت كل الآلهه .
وعندما فتح الله على الرسول مكه دخلها هو وصحابته وفى يده قضيب صغير . . لا معول ولا فأس . . يشير إلى الصنم بالقضيب ويقول : ” وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً ” فإذا إنكفأ صنم على رأسه لم يجد من يعدله . . وإذا إنكفأ على ظهره لم يجد من يغيثه . . وكان رجاله يدحرجون الآلهه المزعومه بأرجلهم بعد أن كانوا يعبدوها من قبل . . لقد نزع النبى هذه الأشياء من ضمائرهم فماتت واقفه .
إن التمثال لا شىء فيه . . مجرد كتله جماليه فى الفراغ . . لكن إن عبدته طائفه ليقربها إلى الله زلفى, يصبح عندئذ صنماً بالنسبه إليهم فقط . . وإذا قامت طائفه أخرى بعبادة التمثال لا ليقربهم إلى الله ، بل بإعتباره هو الأله نفسه ، يصبح التمثال وثناً بالنسبه إليهم فقط . . إن الخلط اللغوى بين التمثال والوثن والصنم هو المسئول عما نحن فيه من خلط المعانى . . وخلل فى الإجتهادات الفقهيه ولو فهمناها لإسترحنا .
وعندما سيطر المسلمون على مصر كلها . . شمالها وجنوبها . . شرقها وغربها . . وجدوا فيها الآثار الفرعونيه والقبطيه والرومانيه على جميع أشكالها . . بشر وحيوانات ونبات وحشرات . . لكنهم لم يقربوها . . لم يحطموها . . وبقيت على ما هى عليه حتى اليوم . . فلماذا لم يكسرها المسلمون من صحابه رسول الله الذين فتحوا مصر ؟ .
هناك ثلاثة إحتمالات :
( 1 ) إن هذه الآثار يومها كانت مخبأة فى سراديب وأنفاق تحت الأرض فلم يروها
( 2 ) إن هذه الآثار كانت صعبه الكسر فلم يستطيعوا تحطيمها وأبقوا عليها مرغمين ( 3 ) أن يكون الصحابه يوم أن دخلوا مصر مستضعفين فيها ولا حول لهم ولا قوة.
( 4 ) أن يكونوا على علم من رسول الله بالفرق بين التمثال والصنم والوثن .
والإحتمال الأول مرفوض لأن الآثار لم تكن فى سراديب ولا أنفاق بل كانت معابد وتماثيل شامخه فى الهواء الطلق .
والإحتمال الثانى مرفوض لأن الآثار كان من الممكن كسرها .
والإحتمال الثالث مرفوض لأن المسلمين كانوا حكاماً ولم يكونوا محكومين . . وكانت لهم اليد العليا فى كل شىء .
ولا يبقى سوى الإحتمال الرابع . . وهو أنهم كانوا يعرفون الفرق بين التمثال والصنم والوثن . . وأنهم تعلموا معنى التوحيد على يد رسول الله الذى لم يقلد أباه إبراهيم فى التعامل مع التماثيل .
وهناك حديث شريف يقول فيه سيدنا رسول الله : ” المصورون فى النار ” . . وقد أستخدم هذا الحديث فى تحريم التصوير والنحت والفن التشكيلى . . ووصل الأمر بالبعض إلى تحريم رسوم علم الأحياء والطب . . بل وصل التحريم إلى النقود التى عليها صور ورسوم . . فمن هم المصورون الذين سيكونون فى النار ؟ .
إن المصورون الذين فى النار هم المصورون الذين يعتقدون أن لله صوره فى قلوبهم فيعبدونه عليها . . مثل الذين يعتقدون أن الله يشبه الشمس فيرسمون شمساً على أنها الله . . أومثل الذين يعتقدون أن الله يشبه نجماً أوقمراً أوغيرهما من المخلوقات . . لقد أعتقدوا أن الله يشبه هذه المخلوقات فعبدوها . . أن التصوير فى هذه الحاله حرام . . ويلقى بصاحبه فى النار . . فهولاء نسوا أن الله سبحانه وتعالى منزه عن الكم ، والكيف ، والند ، والضد ، والشبيه ، والمثيل ، والشريك ، والزوجه ، والولد وكل ما خطر ببالك فهو هالك وسبحانه وتعالى بخلاف ذلك .
وعند نزول قول الله تعالى : ” وإن هذا صراطى مستقيماً فإتبعوه ” خط النبى خطاً مستقيماً ثم خط على يساره ستة خطوط وعلى يمينه ستة خطوط تشبه جريد النخل . . وكان ذلك نوعاً من الرسم التوضيحى الذى لا يمكن أن يكون حراماً . . والرسم التوضيحى هو وسيله من وسائل المعرفه نلجأ إليه فى الخطط العسكريه والخرائط الجيولوجيه والجغرافيه والهندسيه . . مثلاً . . بل إن الحروف التى نكتبها نوع من الرسم . . فلا يمكن أن ينهانا الرسول صلى الله عليه وسلّم عنها . . عن أشياء نحن فى حاجه إليها .
ويجب ألا نتعامل مع ما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلّم بهذه السطحيه . . أنه أوتى جوامع الكلم . . فالكلمه قليلة الحروف منه باقيه ولها فى كل زمن معنى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . . وعزاؤنا إن شراح القرآن والأحاديث فى غالبيتهم كعمى يصفون فيلاً . . من وقعت يده على ذيله قال أنه خشن ، ومن وقعت يده على ظهره قال أنه بدين ، ومن وقعت يده على بطنه قال أنه رخو . . ولا أحد يقدر أن يدعى أنه محيط جملة بما فى النصوص الإسلاميه المقدسه من كنوز وأسرار .
وقد كان النبى سليمان عليه السلام يأمر الجن بصناعة التماثيل . . ” يعملون له مايشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات ” . . ومن ثم فإن تمثالاً ( أوصورة ) فى بيت يعبد ( بضم الياء ) من دون الله أويعبد ( بضم الياء أيضاً ) للتقرب إلى الله زلفى أويعبد لذاته فإن الملائكه لا تدخله . . الحرام فقط هو إقتناء هذه الأشياء بغرض العباده . . أما لو كان إقتناؤها بغرض الإستفاده والجمال والزينه فهى حلال . . وتدعو الملائكه لزيارة البيت . . بل والإقامه فيه .
لكن . . قبل ذلك كله وبعده . . ألم يحن الوقت للكف عن إستنزاف الوقت فى هذه القضايا الوهميه الخادعه ؟ . .
أليس فى حياتنا ما هو أجدر بإهتمام فضيلة المفتى وصحابته ؟ . . إستقيموا يرحمكم الله
في تصنيف : مقالات أخرى في سبتمبر 8th, 2010