الملتقى الصوفى السادس – الذكر بين المعطوف والمعطوف عليه
الملتقى الصوفى السادس لعلماء ومشايخ التصوف
فبراير 2006
عقد هذا الملتقى بدار الطريقه الجازوليه وفى ضيافة شيخها فضيلة الشيخ سالم جابر الجازولى مقرر الملتقى وتحت رعاية ورئاسة شيخ المشايخ ورئيس المجلس الصوفى الأعلى الشيخ حسن الشناوى , وبعد قراءة الفاتحه إيذاناً بالإفتتاح رحب السيد المقرر بالحاضرين من شيوخ الطرق الصوفيه وحمد الله على سلامة عودة بعضهم من الحجاز بعد قضاء المناسك ثم قال : اليوم هو الملتقى الصوفى السادس ويسعدنا أن يكون موضوع اللقاء هو الذكر وإنى أترك أمر إدارة الحوار لفضيلة المهندس الشيخ عبد الخالق الشبراوى شيخ الشبراويه ثم تناول الشيخ الشبراوى أمر اللقاء منبهاً ومؤكداً على ضرورة تحرى البساطه فى الأسلوب بعيداً عن دهاليز اللغه العربيه الفصحى التى لا يتقنها معظم الناس وفى نفس الوقت بعيداً عن سطحية العاميه وهذه بعض سمات وسطية الصوفيه , ثم توجه بسؤال حول من يطلب الكلمه , وكانت البداية طيبه .
القرآن هو الذكر ولكن ! !
قال السيد طالب الكلمه : أرى أن القرآن هو الذكر ولكن ليس على سبيل الحصر والإجمال وإن كان على سبيل اقطع .
فعلى سبيل القطع يقول تعالى { إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } , وقال تعالى { وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين } .
الذكر شرف :
وأما كونه ليس على سبيل الحصر فذلك لأن معنى الذكر يختلف من آيه إى آيه فمره ياتى معنى الذكر بأنه شرف { وإنه لذكر لك ولقومك } .
الذكر تأريخ وإثبات :
ومره يأتى الذكر بمعنى التأريخ للسابقين من النبياء والمرسلين إحياء لذكراهم وإثباتاً لمعجزتهم كقوله تعالى { وأذكر فى الكتاب } ثم يذكر النبى أوالرسول وقوله { وأذكر فى الكتاب مريم } وقوله { وأذكر عبدنا داوود } .
القرآن ذكر معطوف على الذكر :
وهنا قال أحد الساده إن القرآن وإن كان ذكراً إلا أنه أحياناً يكون معطوفاً على الذكر كقوله تعالى { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً }.
القرآن ذكر معطوف عليه عبادات أخرى :
وذلك كقوله تعالى فى شأن بيوت الله { فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها أسمه يسبح له له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاه وإيتاء الزكاه } وهذا يوضح أن الذكر ( إسم الله ) ليس هو حصرياً الصلاه بدليل عطف الصلاه عليه وعطف الزكاه على الصلاه حتى لا يظن ظان أن الذكر هو الصلاه أو الزكاه .
وصلاة الجمعه ذكر لله ولكن :
قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاه من يوم الجمعه فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } إلى هنا والجمعه ذكر , أما ولكن فذلك لتتمة الآيه الكريمه { فإذا قضيت الصلاه فانتشروا فى الأرض وإبتغوا من فضل الله وإذكروا الله كثيراً } وهذا يدل على أن هناك معنى آخر يضاف إلى كونه صلاة الجمعه فبعد الأمر بها جاء الأمر بالسعى على الرزق والإنتشار فى الأرض ثم جاء الأمر بذكر الله كثيراً وقال تعالى { فإذا قضيتم الصلاه فإذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم } وقوله { فإذكروا الله } جاء بعد قوله { قضيتم الصلاه } .
ومناسك الحج ذكر ولكن :
هى ذكر لأنها عباده أما ولكن فلأن الله يقول { فإذا قضيتم مناسككم فإذكروا الله عند المشعر الحرام } ومره يقول تعالى { فإذكروا الله كذكركم آبائكم أو أشد ذكراً } .
سؤال : هل هناك فرق بين ذكر الله وذكر أسم الله ؟
نعم لأن بعض الآيات تأمر بذكر الله كما سبق وبعض الآيات تأمر بذكر الله كما سبق وبعض الآيات تأمر بذكر اسم الله كقوله تعالى { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } وقوله تعالى { يذكر فيها اسمه } وقوله تعالى { وأذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلاً } . . . . إلخ ولا يعقل أن يكون اسم الله هو الصلاه فإن الصلاه إسمها إجمالاً
( الصلاه ) وتفصيلاً ( صبح – ظهر – عصر – مغرب – عشاء ) ولها أسماء توضح تفاصيلها .
كالقيام والركوع والسجود والتسبيح والتلاوه . ولا يعقل أن يكون اسم الله هو شىء من ذلك , فكل ذلك داخل فى ذكر الله وليس فى ذكر اسم الله لأن اسم الله هو ( الله ) وليس الصلاه وليس الصيام وليس الزكاه وليس الحج من سماء اللع تعالى وذلك بأدنى مفهوم للغه العربيه أو أى لغه أخرى لأن :
تعريف الذكر :
1- هو ما يجرى على اللسان .
2- وهو الشرف .
3- وهو التاريخ .
4- وهو السرد .
5- وهو خلاف النسيان .
6- وهو غير ذلك .
أما ذكر اسم ربنا فهو أن يقول الذاكر ” الله ” .
فالذكر : هو ترديد أو نطق المذكور دون طلب منفعه أو دفع لمضره غير مسبوق بحرف ولا متبوع بحرف .
أنظر لقوله تعالى { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً } .
وبالمنطق فلا يوجد شىء مما ذكر يحل محل اسم الله فى الصوامع ولا البيع ولا الصلوات ولا المساجد مما هو صيام أو حج أو زكاه أو عمره , ثم تدخل أحد المشايخ قائلاً : أرى أن هذا الأمر لا نهايه له إذا كان السير على هذا المنوال للوصول إلى القول الفصل وإلى الآن لم نتطرق لما ورد فى الحديث الشريف ولا الأحاديث القدسيه مع أنها زاخره عامره بالإستحسان والحض والحث بل والأمر بذكر الله ولا ينبغى أن نسمح لأحد أن يضرب القرآن بعضه ببعض ذلك لأن القرآن مثانى يثنى بعضه على بعض وكل دليل مع كتاب الله إنما هو نافله وكل قول بعد حديث رسول الله إن كان معه فهو حكمه ونعمه وإن لم يكن كذلك فإن على صاحبه تره ونقمه والواضح أن الآيات الداله على الذكر فى القرآن . . . موجوده . والآحاديث القدسيه الداله على الذكر . . . موجوده . والأحاديث النبويه الداله على الذكر . . موجوده . والتفاسير موجوده .
ولكن مع ذلك كله فإن الخلاف لا زال قائماً وموجوداً فمن الناس من ينزل الذكر منزله الفريضه ومنهم من يضع الذكر موضع البدعه التى هى ضلاله فى النار والله أصدق أذ يقول { وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخره وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون } فما هو السبب ؟ وما هو الحل ؟
سبب الخلاف : هو الخلط بين معنى ذكر الله وذكر اسم الله والسبب أيضاً هو تمسك بعض الناس بأن كل العبادات ذكر والبعض يرفض هذا المعنى ويفرق فى المفهوم فقط بينهما وهذا ناتج عن التفسير المتعجل والعجله فى إصدار الأحكام شأنها شأن العجله فى أمور الدنيا ونتيجنها الندم أو الندامه , قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم ( إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق , ولن يشاد الدين أحداً إلا غلبه ) . وبعد استراحه قصيره قال أحد الحاضرين إنها جلسه تشبه ما يحدث فى البورصه فكأننا فى بورصه المعانى فإنى أرى المعنى يبدأ ثم يعلو معه مؤيدوه ثم يستقر قليلاً فيقابله نص آخر فيسلم النص اانص و بالتالى يسلم المعنى للمعنى ويسلم مع كل ذلك أصحاب المعانى – راسمين بذلك منحنيات رشيقه فلا جدال ولا مكراء ولا مكابره فالله من وراء القصد .
الحل الأمثل :
رأى بعض العلماء من الحضور وأيدهم فى ذلك كل الجمع الحاضرين أن :
1- النصوص لا خلاف عليها ولا فيها ولا معها ولا بينها ولا بسببها .
2- الخلاف أساسه الفهم الخاطىء للنصوص الصحيحه .
3- كل من رزقه الله ببعض المعانى فهو من ذوى العلوم ( وفوق كل ذى علم عليم ) .
4- إن شراح القرآن يمثلون عمياً يصفون فيلاً , يصف كل منهم الفيل على قدر ما طالت يده فكلهم صادقون إلا من كذب أخاه لإن الإحاطه مستحيله .
الأطعمه والماء :
كل الأطعمه تحتوى على الماء سواء كانت جافه أو رطبه فلا يخلو طعام من الماء ولكن الطعام لا يوجد فيه الماء الكافى لحاجة من يطعمه وهى نسبه الرطوبه فى الطعام ولذلك يقول ربنا { فكلوا واشربوا } وهذا يعنى أن الله الذى خلق الطعام والشراب وخالق من خلق لأجله يعرف أن الماء الموجود فى الطعام لا يكفى حاجة من يطعمه فجعل الماء الذى يشرب وهذا لا ينفى الماء الذى فى الطعام فمن كان لديه الماء لا يسمى الأطعمه ولو كانت سائله ماءاً ومن فقد الماء فإنه يطلق على بعض الأطعمه ماء فماء زمزم طعام وشراب ودواء وهذا لا يعمم , واللبن طعام وشراب فمن يجد الماء يستغنى عنه بشرب اللبن ويطلق عليه ماء .
العبادات والذكر : لا شك أن جميع العبادات تعتبر ذكراً فلو لم نتذكر ربنا ما عبدناه ولذلك فإن العبادات تذكر المؤمن بربه وقدرته عليه وعلى كل شىء فيعمل ما يرضيه من باب التذكر لا من باب ما يجرى على اللسان , فإن الصيام ذكر لله ولا يجرى على اللسان وكذلك الزكاه والصدقه ذكر لله ولكن لا يجرى على اللسان وإماطة الأذى عن الطريق ذكر ولكن لا يجرى على اللسان والتسبيح والتهليل والتحميد والحوقله والبسمله والإستغفار والوضوء والدعاء كذلك فضلاً عن الفرائض كل ذلك ذكر من باب التذكر لا يرقى إلى معنى ذكر أسم الله فذكر الأسم هو النطق به مره وذكر أسم الله كثيراً هو النطق به ( الله ) وترديده كثيراً تنبيهاً للجوارح وزجراً للخواطر الشيطانيه ولكن وبنفس مفهوم الأطعمه والماء نقول إن كل العبادات تحتوى على الذكر , إلا أن ذلك لا يمنع أن يكون هناك الذكر المقصود بذكر اسم الله فى قوله تعالى ( واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلاً ) ويلاحظ أنها وردت فى سورة المزمل وقد أمر النبى بالذكر الكثير جداً منقطع النظير قبل جميع الفرائض .
سؤال : وقد أستقر الأمر على أن ذكر اسم الله ( الله ) بغير نفى ويسبقه الذكر بلا إله إلا الله وهو أمر هام جداً فما كيفيته وما حكمه من حيث السر والعلن والإنفراد والإجتماع والمكان والزمان والجهه والهيئه من حيث القيد والإطلاق .
الجواب : من العبادات ما هو مطلق ومنها ما هو مقيد فلصلاه مقيده أى مربوطه أى موقوفه على دخول الوقت والطهاره وإستقبال القبله والأقوال والأفعال التى تبدأ بتكبيره الإحرام وتنتهى بالسلام ومدار ذلك كله قوله صلى الله عليه وسلًم : ( صلوا كما رأيتمونى أصلى ) والحج مقيد بقوله ( خذوا عنى مناسككم ) والصيام مربوط برمضان والزكاه ببلوغ النصاب والحول , فكل فريضه هى فى عينيها فريضه , وقيدها فريضه , والذكر فريضه فى عينه ولكنه مطلق ولذلك فإطلاقه فريضه , لذلك فهو فى جميع الأحوال والأوقات والهيئات والإتجاهات والجماعه والإنفراد والسر والعلن جائز و كما أن الله لم يحدد الأدويه التى يتناولها المريض ترك ذلك لتقدير الطبيب فإنه تعالى لم يحدد للعامه كيفية الذكر وترك أمره لأهله الذين أهلهم له ووفقهم لذكره فذكروه حتى تفضل عليهم بذكره لهم { فاذكرونى أذكركم واشكروا لى ولا تكفرون } ثم قال { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } .
سؤال : يقول البعض إن الذكر لا يكون جهراً وسندهم فى ذلك قوله تعالى : { واذكر ربك فى نفسك تضرعاً وخفيه ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين } .
الجواب : هذه الآيه لا تمنع الجهر بالذكر مطلقاً ولكنها تختص بحاله واحده فى قوله تعالى { وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون } ثم قال الله بعد لك { واذكر ربك فى نفسك . . . . الآيه } وهذا يدل على جواز الذكر فى السر عند سماع القرآن ولا يعتبر الذاكر من الغافلين عندئذ , والخلاصه أن معنى الذكر عند الغافلين هو كل العبادات بمعنى أن الغافلين يسمون كل عباده ذكراً , أما عند الذاكرين الله كثيراً باسمه المفرد ( الله ) فإن كل عباده تسمى باسمها فالصيام صيام والذكر ذكر وكذلك الصلاه والزكاه وقراءة القرآن أيضاً تسمى باسمها وذلك لعله جكيمه أننا طولبنا بالكثره فى ذكر الله أما كل العبادات الأخرى فلكل عباده حكمها وعددها ووقتها وكون الذكر مطلقاً محرراً من القيود فإن ذلك يرجع إلى أهميته وضرورته ولا يعفى منه أحد لأنه يصلح من الأعذار وبغير الأعذار .
فى النهايه قدم السيد المقرر بحثاً عنوانه سر الكلمه الطيبه وهو ليس للمبتدئين وهو بحث تخصص جاء فيه ما يكمل المعنى عن الذكر من حيث ذكر اللسان وذكر القلب وذكر الروح وأهمية الشيخ للمريد الذى يترقى به من النفس الأماره بالسوء إلى النفس اللوامه إلى الملهمه إلى المطمئنه إلى الراضيه إلى المرضيه وصولاً إلى النفس الكامله التى هى من نور سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهى الفطره التى قال عنها الله سبحانه وتعالى { فطرة الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم } ثم وضع هذا البحث وبقية الأبحاث تحت تصرف الساده المشايخ وقرأ الحاضرون الفاتحه إيذاناً بإختتام الملتقى السادس على أمل اللقاء فى الملتقى السابع إن شاء الله تعالى
القرآن هو الذكر ولكن ! !
قال السيد طالب الكلمه : أرى أن القرآن هو الذكر ولكن ليس على سبيل الحصر والإجمال وإن كان على سبيل اقطع .
فعلى سبيل القطع يقول تعالى { إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } , وقال تعالى { وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين } .
الذكر شرف :
وأما كونه ليس على سبيل الحصر فذلك لأن معنى الذكر يختلف من آيه إى آيه فمره ياتى معنى الذكر بأنه شرف { وإنه لذكر لك ولقومك } .
الذكر تأريخ وإثبات :
ومره يأتى الذكر بمعنى التأريخ للسابقين من النبياء والمرسلين إحياء لذكراهم وإثباتاً لمعجزتهم كقوله تعالى { وأذكر فى الكتاب } ثم يذكر النبى أوالرسول وقوله { وأذكر فى الكتاب مريم } وقوله { وأذكر عبدنا داوود } .
القرآن ذكر معطوف على الذكر :
وهنا قال أحد الساده إن القرآن وإن كان ذكراً إلا أنه أحياناً يكون معطوفاً على الذكر كقوله تعالى { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً }.
القرآن ذكر معطوف عليه عبادات أخرى :
وذلك كقوله تعالى فى شأن بيوت الله { فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها أسمه يسبح له له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاه وإيتاء الزكاه } وهذا يوضح أن الذكر ( إسم الله ) ليس هو حصرياً الصلاه بدليل عطف الصلاه عليه وعطف الزكاه على الصلاه حتى لا يظن ظان أن الذكر هو الصلاه أو الزكاه .
وصلاة الجمعه ذكر لله ولكن :
قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاه من يوم الجمعه فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } إلى هنا والجمعه ذكر , أما ولكن فذلك لتتمة الآيه الكريمه { فإذا قضيت الصلاه فانتشروا فى الأرض وإبتغوا من فضل الله وإذكروا الله كثيراً } وهذا يدل على أن هناك معنى آخر يضاف إلى كونه صلاة الجمعه فبعد الأمر بها جاء الأمر بالسعى على الرزق والإنتشار فى الأرض ثم جاء الأمر بذكر الله كثيراً وقال تعالى { فإذا قضيتم الصلاه فإذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم } وقوله { فإذكروا الله } جاء بعد قوله { قضيتم الصلاه } .
ومناسك الحج ذكر ولكن :
هى ذكر لأنها عباده أما ولكن فلأن الله يقول { فإذا قضيتم مناسككم فإذكروا الله عند المشعر الحرام } ومره يقول تعالى { فإذكروا الله كذكركم آبائكم أو أشد ذكراً } .
سؤال : هل هناك فرق بين ذكر الله وذكر أسم الله ؟
نعم لأن بعض الآيات تأمر بذكر الله كما سبق وبعض الآيات تأمر بذكر الله كما سبق وبعض الآيات تأمر بذكر اسم الله كقوله تعالى { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } وقوله تعالى { يذكر فيها اسمه } وقوله تعالى { وأذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلاً } . . . . إلخ ولا يعقل أن يكون اسم الله هو الصلاه فإن الصلاه إسمها إجمالاً
( الصلاه ) وتفصيلاً ( صبح – ظهر – عصر – مغرب – عشاء ) ولها أسماء توضح تفاصيلها .
كالقيام والركوع والسجود والتسبيح والتلاوه . ولا يعقل أن يكون اسم الله هو شىء من ذلك , فكل ذلك داخل فى ذكر الله وليس فى ذكر اسم الله لأن اسم الله هو ( الله ) وليس الصلاه وليس الصيام وليس الزكاه وليس الحج من سماء اللع تعالى وذلك بأدنى مفهوم للغه العربيه أو أى لغه أخرى لأن :
تعريف الذكر :
1- هو ما يجرى على اللسان .
2- وهو الشرف .
3- وهو التاريخ .
4- وهو السرد .
5- وهو خلاف النسيان .
6- وهو غير ذلك .
أما ذكر اسم ربنا فهو أن يقول الذاكر ” الله ” .
فالذكر : هو ترديد أو نطق المذكور دون طلب منفعه أو دفع لمضره غير مسبوق بحرف ولا متبوع بحرف .
أنظر لقوله تعالى { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً } .
وبالمنطق فلا يوجد شىء مما ذكر يحل محل اسم الله فى الصوامع ولا البيع ولا الصلوات ولا المساجد مما هو صيام أو حج أو زكاه أو عمره , ثم تدخل أحد المشايخ قائلاً : أرى أن هذا الأمر لا نهايه له إذا كان السير على هذا المنوال للوصول إلى القول الفصل وإلى الآن لم نتطرق لما ورد فى الحديث الشريف ولا الأحاديث القدسيه مع أنها زاخره عامره بالإستحسان والحض والحث بل والأمر بذكر الله ولا ينبغى أن نسمح لأحد أن يضرب القرآن بعضه ببعض ذلك لأن القرآن مثانى يثنى بعضه على بعض وكل دليل مع كتاب الله إنما هو نافله وكل قول بعد حديث رسول الله إن كان معه فهو حكمه ونعمه وإن لم يكن كذلك فإن على صاحبه تره ونقمه والواضح أن الآيات الداله على الذكر فى القرآن . . . موجوده . والآحاديث القدسيه الداله على الذكر . . . موجوده . والأحاديث النبويه الداله على الذكر . . موجوده . والتفاسير موجوده .
ولكن مع ذلك كله فإن الخلاف لا زال قائماً وموجوداً فمن الناس من ينزل الذكر منزله الفريضه ومنهم من يضع الذكر موضع البدعه التى هى ضلاله فى النار والله أصدق أذ يقول { وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخره وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون } فما هو السبب ؟ وما هو الحل ؟
سبب الخلاف : هو الخلط بين معنى ذكر الله وذكر اسم الله والسبب أيضاً هو تمسك بعض الناس بأن كل العبادات ذكر والبعض يرفض هذا المعنى ويفرق فى المفهوم فقط بينهما وهذا ناتج عن التفسير المتعجل والعجله فى إصدار الأحكام شأنها شأن العجله فى أمور الدنيا ونتيجنها الندم أو الندامه , قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم ( إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق , ولن يشاد الدين أحداً إلا غلبه ) . وبعد استراحه قصيره قال أحد الحاضرين إنها جلسه تشبه ما يحدث فى البورصه فكأننا فى بورصه المعانى فإنى أرى المعنى يبدأ ثم يعلو معه مؤيدوه ثم يستقر قليلاً فيقابله نص آخر فيسلم النص اانص و بالتالى يسلم المعنى للمعنى ويسلم مع كل ذلك أصحاب المعانى – راسمين بذلك منحنيات رشيقه فلا جدال ولا مكراء ولا مكابره فالله من وراء القصد .
الحل الأمثل :
رأى بعض العلماء من الحضور وأيدهم فى ذلك كل الجمع الحاضرين أن :
1- النصوص لا خلاف عليها ولا فيها ولا معها ولا بينها ولا بسببها .
2- الخلاف أساسه الفهم الخاطىء للنصوص الصحيحه .
3- كل من رزقه الله ببعض المعانى فهو من ذوى العلوم ( وفوق كل ذى علم عليم ) .
4- إن شراح القرآن يمثلون عمياً يصفون فيلاً , يصف كل منهم الفيل على قدر ما طالت يده فكلهم صادقون إلا من كذب أخاه لإن الإحاطه مستحيله .
الأطعمه والماء :
كل الأطعمه تحتوى على الماء سواء كانت جافه أو رطبه فلا يخلو طعام من الماء ولكن الطعام لا يوجد فيه الماء الكافى لحاجة من يطعمه وهى نسبه الرطوبه فى الطعام ولذلك يقول ربنا { فكلوا واشربوا } وهذا يعنى أن الله الذى خلق الطعام والشراب وخالق من خلق لأجله يعرف أن الماء الموجود فى الطعام لا يكفى حاجة من يطعمه فجعل الماء الذى يشرب وهذا لا ينفى الماء الذى فى الطعام فمن كان لديه الماء لا يسمى الأطعمه ولو كانت سائله ماءاً ومن فقد الماء فإنه يطلق على بعض الأطعمه ماء فماء زمزم طعام وشراب ودواء وهذا لا يعمم , واللبن طعام وشراب فمن يجد الماء يستغنى عنه بشرب اللبن ويطلق عليه ماء .
العبادات والذكر : لا شك أن جميع العبادات تعتبر ذكراً فلو لم نتذكر ربنا ما عبدناه ولذلك فإن العبادات تذكر المؤمن بربه وقدرته عليه وعلى كل شىء فيعمل ما يرضيه من باب التذكر لا من باب ما يجرى على اللسان , فإن الصيام ذكر لله ولا يجرى على اللسان وكذلك الزكاه والصدقه ذكر لله ولكن لا يجرى على اللسان وإماطة الأذى عن الطريق ذكر ولكن لا يجرى على اللسان والتسبيح والتهليل والتحميد والحوقله والبسمله والإستغفار والوضوء والدعاء كذلك فضلاً عن الفرائض كل ذلك ذكر من باب التذكر لا يرقى إلى معنى ذكر أسم الله فذكر الأسم هو النطق به مره وذكر أسم الله كثيراً هو النطق به ( الله ) وترديده كثيراً تنبيهاً للجوارح وزجراً للخواطر الشيطانيه ولكن وبنفس مفهوم الأطعمه والماء نقول إن كل العبادات تحتوى على الذكر , إلا أن ذلك لا يمنع أن يكون هناك الذكر المقصود بذكر اسم الله فى قوله تعالى ( واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلاً ) ويلاحظ أنها وردت فى سورة المزمل وقد أمر النبى بالذكر الكثير جداً منقطع النظير قبل جميع الفرائض .
سؤال : وقد أستقر الأمر على أن ذكر اسم الله ( الله ) بغير نفى ويسبقه الذكر بلا إله إلا الله وهو أمر هام جداً فما كيفيته وما حكمه من حيث السر والعلن والإنفراد والإجتماع والمكان والزمان والجهه والهيئه من حيث القيد والإطلاق .
الجواب : من العبادات ما هو مطلق ومنها ما هو مقيد فلصلاه مقيده أى مربوطه أى موقوفه على دخول الوقت والطهاره وإستقبال القبله والأقوال والأفعال التى تبدأ بتكبيره الإحرام وتنتهى بالسلام ومدار ذلك كله قوله صلى الله عليه وسلًم : ( صلوا كما رأيتمونى أصلى ) والحج مقيد بقوله ( خذوا عنى مناسككم ) والصيام مربوط برمضان والزكاه ببلوغ النصاب والحول , فكل فريضه هى فى عينيها فريضه , وقيدها فريضه , والذكر فريضه فى عينه ولكنه مطلق ولذلك فإطلاقه فريضه , لذلك فهو فى جميع الأحوال والأوقات والهيئات والإتجاهات والجماعه والإنفراد والسر والعلن جائز و كما أن الله لم يحدد الأدويه التى يتناولها المريض ترك ذلك لتقدير الطبيب فإنه تعالى لم يحدد للعامه كيفية الذكر وترك أمره لأهله الذين أهلهم له ووفقهم لذكره فذكروه حتى تفضل عليهم بذكره لهم { فاذكرونى أذكركم واشكروا لى ولا تكفرون } ثم قال { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } .
سؤال : يقول البعض إن الذكر لا يكون جهراً وسندهم فى ذلك قوله تعالى : { واذكر ربك فى نفسك تضرعاً وخفيه ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين } .
الجواب : هذه الآيه لا تمنع الجهر بالذكر مطلقاً ولكنها تختص بحاله واحده فى قوله تعالى { وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون } ثم قال الله بعد لك { واذكر ربك فى نفسك . . . . الآيه } وهذا يدل على جواز الذكر فى السر عند سماع القرآن ولا يعتبر الذاكر من الغافلين عندئذ , والخلاصه أن معنى الذكر عند الغافلين هو كل العبادات بمعنى أن الغافلين يسمون كل عباده ذكراً , أما عند الذاكرين الله كثيراً باسمه المفرد ( الله ) فإن كل عباده تسمى باسمها فالصيام صيام والذكر ذكر وكذلك الصلاه والزكاه وقراءة القرآن أيضاً تسمى باسمها وذلك لعله جكيمه أننا طولبنا بالكثره فى ذكر الله أما كل العبادات الأخرى فلكل عباده حكمها وعددها ووقتها وكون الذكر مطلقاً محرراً من القيود فإن ذلك يرجع إلى أهميته وضرورته ولا يعفى منه أحد لأنه يصلح من الأعذار وبغير الأعذار .
فى النهايه قدم السيد المقرر بحثاً عنوانه سر الكلمه الطيبه وهو ليس للمبتدئين وهو بحث تخصص جاء فيه ما يكمل المعنى عن الذكر من حيث ذكر اللسان وذكر القلب وذكر الروح وأهمية الشيخ للمريد الذى يترقى به من النفس الأماره بالسوء إلى النفس اللوامه إلى الملهمه إلى المطمئنه إلى الراضيه إلى المرضيه وصولاً إلى النفس الكامله التى هى من نور سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهى الفطره التى قال عنها الله سبحانه وتعالى { فطرة الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم } ثم وضع هذا البحث وبقية الأبحاث تحت تصرف الساده المشايخ وقرأ الحاضرون الفاتحه إيذاناً بإختتام الملتقى السادس على أمل اللقاء فى الملتقى السابع إن شاء الله تعالى
في تصنيف : مقالات أخرى في سبتمبر 8th, 2010