في الملتقى الصوفي الثالث – أنوار النظرة .. طريق إلى فيوضات المدد
في الملتقى الصوفي الثالث لعلماء ومشايخ التصوف
مجلة التصوف الإسلامى نوفمبر 2005
مجلة التصوف الإسلامى نوفمبر 2005
عقد هذا الملتقى تحت رعاية وبرئاسة وحضور سماحة الشيخ / حسن محمد سعيد الشناوى شيخ المشايخ ورئيس المجلس الصوفى الأعلى وكان الملتقى في مقر الطريقة الشبراوية
وكان مقرر الملتقى هذه المرة فضيلة الشيخ المهندس محمد عبد الخالق الشبراوى شيخ الطريقة الشبراوية وعضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية وقد عقد الملتقى بعد صلاة العصر وفى رمضان وكما هو معلوم أن معظم السادة الحضور يلزمهم الراحة إما لمرض أو لصيام أو لكبر فى السن، إلا أنهم جميعاً بارك الله فيهم آثروا المصلحة العامة للتصوف، ووجدوا فيها راحتهم الخاصة ولأن هذا الملتقى يعقد شهرياً وينشر على السادة القراء من أحباب هذا المشرب الصوفى الصافى لذلك فقد كان لزاماً أن يعقد تحت أى ظرف.
وتبدأ وقائع هذا الملتقى الكريم بقراءة الفاتحة إيذاناً بالإفتتاح وكلما نتهى أحد الشيوخ من قراءة الفاتحة فإنه يمسح وجهه بكفيه ويقول نظره ومدد ولكن لا يستطيع أحد أن يتبين ما بعدها فقد يقول أحدهم نظرة ومدد يا أبى ومنهم من يقول ياجدى ومنهم من يقول يارسول ومنهم من أضمرها بينه وبين الله.
المهم أن الشيخ الشبراوى قال أيها السادة الأفاضل إن أبناء الطرق يقلدون مشايخهم ولا سألونهم عن أقوالهم وذلك لثقة المريد أن شيخة يعلم السند الشرعى لما يقول غير أنهم يتعرضون للأسئلة والمضايقات فهم لا يعرفون السند ومن يضايقهم لا يعرف السند وهذا الأمر كلنا يعلمه وقد جلينا بعض الغموض عن موضوع التوسل فى اللقاء الأول وموضوع الموالد فى اللقاء الثانى وكان طبيعياً ومنطقياً أن يكون هذا اللقاء عن معنى النظرة والمدد لأنها كلمة تكثر من المحبين وتؤدى إلى كثرة التجاوز والتطاول عليهم وعلى أهل الله الصالحين ممن لا يفهمون، وهنا تدخل أحد المشايخ مندفعاً بقوله: أنت قلت أنهم لا يفهمون أى يجهلون ومنذ متى كان الجهل حجة؟
ثم تدخل سماحة شيخ المشايخ وقال نحن لا يهمنا الجهل فالجهل ليس بحجة بالنسبة للمعترض ولكنه لا يصلح كسلاح بالنسبة للمحب فالعبادة على علم خير من العبادة على جهل ثم قال السيد المقرر: يبدو أن السادة المشايخ مشحونون بروحانيات الصيام وسوف يكون لهم اليوم أحلى الكلام وأخذ المشايخ يلقون بخيرات علمهم فى ساحة الملتقى مما فتح الله عليهم من الآيات والأحاديث، والجميل أن الشيوخ اتفقوا على تبسيط المعلومة على مريديهم دون إقحامهم فى التفاصيل والأسانيد والمتون والنقول حتى قال قائلهم: يا مشايخ لا تنسوا أن تبسيط العلوم من أرقى العلوم ولسنا فى مجال مناظرة مع أبنائنا فجدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم ولم يقل على قدر ما عندنا ثم ساد المجلس لحظات من الصمت لا نعلم لها مناسبة وطالت فترة الصمت والسكينة حتى قال أحد الشيوخ: هذه علامة حدوث النظرة حلاوة فى القلب وسكينة فى النفس وطمأنينة فى الجوارح واستمتاع بالرضا والصمت لتلقى الحكمة (إذ رايتم الرجل صامتاً فإنه يلقن الحكمة) ثم قال سماحة الشيخ حسن الشناوى لو نشرنا كل ما يقال فقد يتكرر النشر مرات عديدة وهذا وارد لأن الحقائق ثابته ولذلك نعتبر أن القول والإقرار والسكوت قول.
قال أحد المشايخ ما قولكم فى الآية الكريمة “واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ولا تعد عيناك تريد زينة الحياة الدنيا” وقال آخر أو قوله تعالى ” لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا” ثم قال أحد الشيوخ: قال تعالى “ولو أن ما فى الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفذت كلمات الله” وقال آخر: قال تعالى”قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربى لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربى ولو جئنا بمثله مدداً” ثم تدخل أحد المشايخ فقال: كل هذه الآيات عن النظرة والمدد معروفة ولكن اختلف فى تفسيرها قال أحد السادة : طالما اختلف فى تفسيرها فهذا يدل على تعدد معانيتها ومعطياتها من العلوم فما الذى يمنع أن تحمل الآيات ما نقصد قال آخر :ليس المقصود هو المناظرة ولكنها المسامرة.
ومما دار فى الملتقى يتبين لك أخى العزيز أن الأمور التى لا نلقى لها بالا ونظنها نوعاً من العبث أوسبق اللسان أوعجز البيان ذات جذور وأصول وقد صحت بها الأدلة والبراهين والنقول حتى ولو ضاقت بها العقول وقد يكون زاد الأرواح غريباً على العقول والمحرر مضطر إلى هذا القول فمما كان لافتاً للنظر أن أحد المشايخ طلب استراحة قصيرة ثم بدأ يحكى حكاية غريبة قال: لو أن رجلاً من حضراتكم طلب منه السفر إلى بلاد لم يزرها من قبل فماذا يفعل؟ قالوا: يسأل من زارها فيعرف منه ما يوجد عندهم مما يلزمه وما ينقص عندهم وهل ممكن شراؤه أو مستحيل وهل ممكن استعارته أم مستحيل فإذا عرف أن الأشياء الضرورية جداً لا تباع فى تلك البلاد وبالتالى فهى لا تشترى ولا تعار ولا يمكن الحصول عليها من أقرب الأقارب فلا شك أنه إما أن يجهزها وإما أن يرفض السفر …. وإذا كان من المستحيل رفض السفر عندئذ يصبح من الضرورى تجهيز اللازم… … … ثم استطرد الشيخ يقول: كل ما يلزمنا فى الآخرة لا يباع فى الآخرة ولا يعار ولا يتنازل عنه أحد والسفر إلى الآخرة حتمى لا عذر فيه ولذلك فلابد أن يأخذ الإنسان ما يلزمه فى الآخرة يأخذه من الدنيا. “ولا تنسى نصيبك من الدنيا” وعلى قدر ثقتك فى صدق المبلغ يكون الاستعداد فما بالنا لو كان المبلغ هو الله ؟
قالوا جميعاً: سبحانه وتعالى.
قال السيد: هناك ما أخبرنا به الله عما يدور يوم القيامة بين المنافقين والمنافقات وبين الذين آمنوا من حوار يطلب فيه المنافقون والمنافقات من الذين آمنوا أن ينظروهم ويقولون لهم إذا نظرتمونا أى أعطيتمونا نظرة فإننا سوف نقتبس من نوركم أنتم ثم يحدث الحوار العجيب قال تعالى:” يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم. قيل أرجعوا وراء كم فالتمسوا نوراً فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهرة من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وإرتبتم وغرتكم الأمانى حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور” وللآيات بقية سنعود إليها. فلننظر كيف أن المنافقين والمنافقات يذهبون إلى الذين آمنوا فى الحشر ماذا يقولون لهم: “أنظرونا” أى النظرة “نقتبس” نحصل على قبس ” من نوركم ” أى النور الذى معكم المنسوب إليكم كما يقال لأحدنا يدك أو عينيك أومالك أوغيره لأن للمؤمنين نور يسعى بين أيديهم وبأيمانهم – ثم يأتيهم القول وفى الآية غير واضح من أين يأتيهم” قيل أرجعوا وراءكم” أى ابحثوا فى ماضيكم وهو الدنيا “فالتمسوا نوراً” أى فأتوا بمستند يعطيكم الأحقية فى الحصول على نور يؤخذه بالنظرة.
ثم حدث أمر عجيب “فضرب بينهم” أى بين المنافقين والذين آمنوا “بسور له باب” والغريب أن السور له باب ولكن هذا الباب غير متاح رؤيته إلا بنور الإيمان الأصلى فإنه قيل ظاهرة” وظاهرة من قلبه العذاب” فلما حيل بينهم وبين ما يبتغون وأصبح المنافقون لا يرون الذين آمنوا تغير الحال واصبح القول نداءاً ” ينادونهم” بأعلى أصواتهم إظهاراً لحاجتهم الماسة إلى ما عند الذين آمنوا من نظرة يخرجون بها من تحت طائلة النفاق المؤدى إلى الدرك الأسفل من النار إلى مظلة باطن السور ذى الباب الذى بداخله أولوا الألباب. نرجع إلى ندائهم المنافقين يقولون للذين آمنوا” ألم نكن معكم” أى فى الدنيا كأقارب وجيران وزملاء ورفقاء وشركاء وكنا أغنياء وكنتم فقراء وكنتم مرضى وكنا أصحاء فيقول الذين آمنوا من داخل السور “بلى” أى نحن نعرف أنكم كنتم معنا ونحن اليوم فى حال وأنتم فى حال والأسباب تأتى بعد قولهم “ولكنكم”:
أولها:” فتنتم أنفسكم” ولم يفتنكم أحد بأن كنتم تعظمون حسناتكم وتحقرون سيئاتكم وترون لأنفسكم الفضل فى كل ما تعلمون.
وثاينها:”وتربصتم”أى كنتم دائما تتربصون وتتمنون الشر وتظنون أنه واقع بنا لا محالة وتنتظروه وكأنكم وما تتمنون على موعد.
وثالثها:” وارتبتم” من الريبة فكنتم كلما أخبرناكم عن أمر هذا اليوم وما يحدث فيه وبالذات هذا الموقف الذى أنتم فيه كنتم تقابلون قولنا بالريبة والشك وعدم اليقين بل بالسخرية والتطاول
ورابعها:” وغرتكم الأمانى حتى جاء أمر الله” أى فاقت أمنياتكم طاقة أعمالكم أى تمنيتم أكثر مما تستحقون وقلتم نحن نحسن الظن بالله وكذبتم فلو أحسنتم الظن لأحسنتم العمل وظلمتم على هذه الحال حتى جاء أمر الله الذى هو لا شك آت.
وخامسها:” وغركم بالله الغرور” وهذا معناه أن الشيطان غركم بعد أن جهزتم له أنفسكم بما سبق فوجدكم لقمة سائغة فهل يمكن أن تقول أن أى متطاول على أهل البيت والأولياء لا دخل للشيطان بما يفعل ؟ وهل يمكن أن نقول أن النفس تفتن صاحبها أما المنافق فإنه يفتن نفسه؟ ربما والله أعلم.
نعود إلى الآيات: بعد ذلك يقول الذين آمنوا للمنافقين بعد ان أسمعوهم حيثيات الحكم اسمعوا إلى الحكم” فاليوم لا يؤخد منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هى مثواكم وبئس المصير”.
ومن هنا يلاحظ الأتى:
1 – إن من فتن نفسه فهو منافق يحرم من النظرة يوم القيامة.
2 – إن من تربص الشر بالذين آمنوا فهو منافق يحرم من النظرة يوم القيامة.
3 – إن من يرتاب فى أى خبر يورده القرآن عن يوم القيامة فهو منافق محروم من النظرة يوم القيامة.
4 – إن من غرته أمانيه فحسب ما له ولم يحسب ما عليه فهو منافق محروم من النظرة يوم القيامة.
5 – أن من فتح الباب وهيأ نفسه لعبث الشيطان فهومنافق محروم من النظرة يوم القيامة.
6 – يلاحظ أن الحوار كله الوارد فى الآيات كان بين المنافقين والمنافقات من جهة وبين الذين آمنوا من جهة أخرى طرف يقول وطرف يرد عليه والحكم على المنافقين سمعوه من الذين آمنوا!!! ثم قال المشايخ بعد ذلك أن هذا الكلام فيه الاشارات الكثيرة سوف يتولى كل شيخ شرحها لأولاده فى الطريقة ونكتفى بهذا القدر ثم قرأ الجميع الفاتحة بختام اللقاء.
ثم قال رئيس التحرير لسماحة شيخ المشايخ. مولانا: هناك بعض الملاحظات.
قال سماحته: ماهى؟
قال رئيس التحرير: أولاً قلتم أن للآيات بقية سنعود إليها.
قال سماحته: لقد وردت فى السياق قال تعالى” فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا”. قال رئيس التحرير: ما علاقةالمنافقين بالذين كفروا؟
قال الشيخ: عندما أمر الله الرسول صلى الله عليه وسلم ألا يصلى على أحد المنافقين قال” ولا تصلى على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفرواً بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون”. وهناك آية أخرى توضح اشتراك المنافقين والكافرين المجرمين فى عمل واحدة وهو اتخاذ الأولياء هزواً والتطاول عليهم قال تعالى” إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فاكهين وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون. فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون”.
هذا هو وجه الشبه بين المنافقين والكفار فى علاقتهم بالأولياء.
قال رئيس التحرير: اسمح لى بسؤال لاتجاوز فيه فالقرآن يتكلم عن الذين آمنوا وأنتم تتكلمون عن الأولياء.
قال سماحته: ليس كل الأولياء فهناك أولياء الرحمن وهناك أولياء الشيطان. قال رئيس التحرير : أقصد أولياء الله.
قال الشيخ:” ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة لا تبديل لكلمات الله”.
فلو تتبعت الأيات السابقة مع هذه لعرفت أن أولياء الله هم الذين آمنوا بالأصالة ويضاف إليهم الآخرون.
ثم عاد المجلس للانعقاد التلقائى وهم منصتون إلى سماحة الشيخ ومحاوره.
ثم قال رئيس التحرير: أرجو ألا يضيق صدر الحاضرين بأسئلتى أما صاحب السماحة فأنا على ثقة من سعة صدر سماحته.
فقال الشيوخ: أكمل فإن حسن الختام غاية.
قال رئيس التحرير: لو سمحت ياسيدى لقد سمعت ما قيل وعرفنا أن كل هذا يجرى بين المنافقين والمنافقات من جهة وبين الذين آمنوا من جهة أخرى فقد يقول قائل أن هذا الأمر يحدث مع المنافقين فما دخلنا نحن.
فضحك سماحة الشيخ وقال: ليس هناك مجال لقد قيل من الكثيرين أن هذا الأمر يخص المنافقين وأقول أن هذا الأمر وهو طلب النظرة من آخرة ليوم القيامة فهو منافق وأن يقول لنا هذه العبرة لا كقصة بغير هدف ولكن يقول أن البعض استهان بذلك فاضطره الله إليه يوم القيامة وأن هذا الأمر المتروك فى الدنيا لا ينال يوم القيامة بأى حال من الأحوال ومن طلبه فى الدنيا فهو مؤمن ومن أخره ليوم القيامة حتى يطلبه وهو مضطرا فهو منافق.
ثم قال أحد المشايخ: هذا ما عرفناه عن النظرة فماذا عن المدد؟ قال سماحة الشيخ: يا أخى العزيز إن النظرة عبارة عن نور يقذفه الله فى قلب من يشاء فإذا أخذ أحدنا نظرة ووجد لها فى قلبه راحة وفى نفسه سكينه وفى جوارحه طمأنينة فإنه سوف يطلب أخرى ثم أخرى ولا يشبع فهذا هو معنى المدد أى التكرار من نفس العطية أو الزيادة منها أو الإضافة إليها.
قال أحد الحضور: لماذا لا نقول نظرة يارب ومدد يارب؟
قال صاحب السماحة: وما ومن منعك؟ فما قلنا لا يعنى هدم طلب النظرة والمدد من الله ولكن لا يمنع طلب النظرة والمدد من أهل الله أما علمت قوله تعالى:” قل كل من عند الله” والمدد الذى هو من الله لا يختص به الصالحين ولكن المدد الإلهى للصالحين وغير الصالحين قال تعالى”من كان يريد العاجلة عجلنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً” هذان نوعان مريد الدنيا ومريد الآخرة أنظر إلى النتيجة” كلاً هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً”.
فالماء إذا شربته من النيل مباشرة فهو من عند الله وإذا شربته من الثلاجة فهو أيضاً من النيل وهو من عند الله فالله يوم القيامة يمد أهل الجنة بما يتنعمون به.
ويمد أهل النار بما يعذبون فيه” وأن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً”.
فما عند الله يصلح لإمداد إبليس ومن إبليس يستمد أعوانه.
وما عند الله يصلح لإمداد الأنبياء والأولياء ومما عندهم يستمد أحبابهم.
فالبديهى هو ما تقول أن المدد من الله وكذلك النظرة ولكن العجيب أنه جعل المنافقين يستهينون بطلبها من الأولياء فألجأهم الله إليهم دون جدوى لأن الدنيا عمل ولا حساب والآخرة حساب ولا عمل وفى النهاية إذا يسر الله لك ذلك تجده يسيراً وإذا عسره عليك فإنك تحس باحتكاك هذا المعنى بالعقيدة فتخشى فسادها فمن حقك أن تقول ومن حق غيرك أن يقول ومن حقك ألا تقول ولا تلزم ولا نلزم وفى النهاية فهى كلمة يعرف الصالحون لها قدرها والمنافقون لا يرون فيها إلا ما يراه المستهزئون والله يقول للرسول الكريم” إنا كفيناك المستهزئين”.
هذا وكان يمكن أن يستمر الملتقى أكثر من ذلك الوقت لولاأن صاحب السماحة أمر برفع الجلسة وقراءة الفاتحة مرة أخرى للختام حتى يتمكن الحاضرون للاستعداد لصلاة المغرب والإفطار فى ضيافة الشيخ الشبراوى وذلك لأن الملتقى عقد بعد صلاة العصر وهذا ما فتح الله به على السادة مشايخ الطرق وهم صائمون
وكان مقرر الملتقى هذه المرة فضيلة الشيخ المهندس محمد عبد الخالق الشبراوى شيخ الطريقة الشبراوية وعضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية وقد عقد الملتقى بعد صلاة العصر وفى رمضان وكما هو معلوم أن معظم السادة الحضور يلزمهم الراحة إما لمرض أو لصيام أو لكبر فى السن، إلا أنهم جميعاً بارك الله فيهم آثروا المصلحة العامة للتصوف، ووجدوا فيها راحتهم الخاصة ولأن هذا الملتقى يعقد شهرياً وينشر على السادة القراء من أحباب هذا المشرب الصوفى الصافى لذلك فقد كان لزاماً أن يعقد تحت أى ظرف.
وتبدأ وقائع هذا الملتقى الكريم بقراءة الفاتحة إيذاناً بالإفتتاح وكلما نتهى أحد الشيوخ من قراءة الفاتحة فإنه يمسح وجهه بكفيه ويقول نظره ومدد ولكن لا يستطيع أحد أن يتبين ما بعدها فقد يقول أحدهم نظرة ومدد يا أبى ومنهم من يقول ياجدى ومنهم من يقول يارسول ومنهم من أضمرها بينه وبين الله.
المهم أن الشيخ الشبراوى قال أيها السادة الأفاضل إن أبناء الطرق يقلدون مشايخهم ولا سألونهم عن أقوالهم وذلك لثقة المريد أن شيخة يعلم السند الشرعى لما يقول غير أنهم يتعرضون للأسئلة والمضايقات فهم لا يعرفون السند ومن يضايقهم لا يعرف السند وهذا الأمر كلنا يعلمه وقد جلينا بعض الغموض عن موضوع التوسل فى اللقاء الأول وموضوع الموالد فى اللقاء الثانى وكان طبيعياً ومنطقياً أن يكون هذا اللقاء عن معنى النظرة والمدد لأنها كلمة تكثر من المحبين وتؤدى إلى كثرة التجاوز والتطاول عليهم وعلى أهل الله الصالحين ممن لا يفهمون، وهنا تدخل أحد المشايخ مندفعاً بقوله: أنت قلت أنهم لا يفهمون أى يجهلون ومنذ متى كان الجهل حجة؟
ثم تدخل سماحة شيخ المشايخ وقال نحن لا يهمنا الجهل فالجهل ليس بحجة بالنسبة للمعترض ولكنه لا يصلح كسلاح بالنسبة للمحب فالعبادة على علم خير من العبادة على جهل ثم قال السيد المقرر: يبدو أن السادة المشايخ مشحونون بروحانيات الصيام وسوف يكون لهم اليوم أحلى الكلام وأخذ المشايخ يلقون بخيرات علمهم فى ساحة الملتقى مما فتح الله عليهم من الآيات والأحاديث، والجميل أن الشيوخ اتفقوا على تبسيط المعلومة على مريديهم دون إقحامهم فى التفاصيل والأسانيد والمتون والنقول حتى قال قائلهم: يا مشايخ لا تنسوا أن تبسيط العلوم من أرقى العلوم ولسنا فى مجال مناظرة مع أبنائنا فجدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم ولم يقل على قدر ما عندنا ثم ساد المجلس لحظات من الصمت لا نعلم لها مناسبة وطالت فترة الصمت والسكينة حتى قال أحد الشيوخ: هذه علامة حدوث النظرة حلاوة فى القلب وسكينة فى النفس وطمأنينة فى الجوارح واستمتاع بالرضا والصمت لتلقى الحكمة (إذ رايتم الرجل صامتاً فإنه يلقن الحكمة) ثم قال سماحة الشيخ حسن الشناوى لو نشرنا كل ما يقال فقد يتكرر النشر مرات عديدة وهذا وارد لأن الحقائق ثابته ولذلك نعتبر أن القول والإقرار والسكوت قول.
قال أحد المشايخ ما قولكم فى الآية الكريمة “واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ولا تعد عيناك تريد زينة الحياة الدنيا” وقال آخر أو قوله تعالى ” لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا” ثم قال أحد الشيوخ: قال تعالى “ولو أن ما فى الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفذت كلمات الله” وقال آخر: قال تعالى”قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربى لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربى ولو جئنا بمثله مدداً” ثم تدخل أحد المشايخ فقال: كل هذه الآيات عن النظرة والمدد معروفة ولكن اختلف فى تفسيرها قال أحد السادة : طالما اختلف فى تفسيرها فهذا يدل على تعدد معانيتها ومعطياتها من العلوم فما الذى يمنع أن تحمل الآيات ما نقصد قال آخر :ليس المقصود هو المناظرة ولكنها المسامرة.
ومما دار فى الملتقى يتبين لك أخى العزيز أن الأمور التى لا نلقى لها بالا ونظنها نوعاً من العبث أوسبق اللسان أوعجز البيان ذات جذور وأصول وقد صحت بها الأدلة والبراهين والنقول حتى ولو ضاقت بها العقول وقد يكون زاد الأرواح غريباً على العقول والمحرر مضطر إلى هذا القول فمما كان لافتاً للنظر أن أحد المشايخ طلب استراحة قصيرة ثم بدأ يحكى حكاية غريبة قال: لو أن رجلاً من حضراتكم طلب منه السفر إلى بلاد لم يزرها من قبل فماذا يفعل؟ قالوا: يسأل من زارها فيعرف منه ما يوجد عندهم مما يلزمه وما ينقص عندهم وهل ممكن شراؤه أو مستحيل وهل ممكن استعارته أم مستحيل فإذا عرف أن الأشياء الضرورية جداً لا تباع فى تلك البلاد وبالتالى فهى لا تشترى ولا تعار ولا يمكن الحصول عليها من أقرب الأقارب فلا شك أنه إما أن يجهزها وإما أن يرفض السفر …. وإذا كان من المستحيل رفض السفر عندئذ يصبح من الضرورى تجهيز اللازم… … … ثم استطرد الشيخ يقول: كل ما يلزمنا فى الآخرة لا يباع فى الآخرة ولا يعار ولا يتنازل عنه أحد والسفر إلى الآخرة حتمى لا عذر فيه ولذلك فلابد أن يأخذ الإنسان ما يلزمه فى الآخرة يأخذه من الدنيا. “ولا تنسى نصيبك من الدنيا” وعلى قدر ثقتك فى صدق المبلغ يكون الاستعداد فما بالنا لو كان المبلغ هو الله ؟
قالوا جميعاً: سبحانه وتعالى.
قال السيد: هناك ما أخبرنا به الله عما يدور يوم القيامة بين المنافقين والمنافقات وبين الذين آمنوا من حوار يطلب فيه المنافقون والمنافقات من الذين آمنوا أن ينظروهم ويقولون لهم إذا نظرتمونا أى أعطيتمونا نظرة فإننا سوف نقتبس من نوركم أنتم ثم يحدث الحوار العجيب قال تعالى:” يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم. قيل أرجعوا وراء كم فالتمسوا نوراً فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهرة من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وإرتبتم وغرتكم الأمانى حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور” وللآيات بقية سنعود إليها. فلننظر كيف أن المنافقين والمنافقات يذهبون إلى الذين آمنوا فى الحشر ماذا يقولون لهم: “أنظرونا” أى النظرة “نقتبس” نحصل على قبس ” من نوركم ” أى النور الذى معكم المنسوب إليكم كما يقال لأحدنا يدك أو عينيك أومالك أوغيره لأن للمؤمنين نور يسعى بين أيديهم وبأيمانهم – ثم يأتيهم القول وفى الآية غير واضح من أين يأتيهم” قيل أرجعوا وراءكم” أى ابحثوا فى ماضيكم وهو الدنيا “فالتمسوا نوراً” أى فأتوا بمستند يعطيكم الأحقية فى الحصول على نور يؤخذه بالنظرة.
ثم حدث أمر عجيب “فضرب بينهم” أى بين المنافقين والذين آمنوا “بسور له باب” والغريب أن السور له باب ولكن هذا الباب غير متاح رؤيته إلا بنور الإيمان الأصلى فإنه قيل ظاهرة” وظاهرة من قلبه العذاب” فلما حيل بينهم وبين ما يبتغون وأصبح المنافقون لا يرون الذين آمنوا تغير الحال واصبح القول نداءاً ” ينادونهم” بأعلى أصواتهم إظهاراً لحاجتهم الماسة إلى ما عند الذين آمنوا من نظرة يخرجون بها من تحت طائلة النفاق المؤدى إلى الدرك الأسفل من النار إلى مظلة باطن السور ذى الباب الذى بداخله أولوا الألباب. نرجع إلى ندائهم المنافقين يقولون للذين آمنوا” ألم نكن معكم” أى فى الدنيا كأقارب وجيران وزملاء ورفقاء وشركاء وكنا أغنياء وكنتم فقراء وكنتم مرضى وكنا أصحاء فيقول الذين آمنوا من داخل السور “بلى” أى نحن نعرف أنكم كنتم معنا ونحن اليوم فى حال وأنتم فى حال والأسباب تأتى بعد قولهم “ولكنكم”:
أولها:” فتنتم أنفسكم” ولم يفتنكم أحد بأن كنتم تعظمون حسناتكم وتحقرون سيئاتكم وترون لأنفسكم الفضل فى كل ما تعلمون.
وثاينها:”وتربصتم”أى كنتم دائما تتربصون وتتمنون الشر وتظنون أنه واقع بنا لا محالة وتنتظروه وكأنكم وما تتمنون على موعد.
وثالثها:” وارتبتم” من الريبة فكنتم كلما أخبرناكم عن أمر هذا اليوم وما يحدث فيه وبالذات هذا الموقف الذى أنتم فيه كنتم تقابلون قولنا بالريبة والشك وعدم اليقين بل بالسخرية والتطاول
ورابعها:” وغرتكم الأمانى حتى جاء أمر الله” أى فاقت أمنياتكم طاقة أعمالكم أى تمنيتم أكثر مما تستحقون وقلتم نحن نحسن الظن بالله وكذبتم فلو أحسنتم الظن لأحسنتم العمل وظلمتم على هذه الحال حتى جاء أمر الله الذى هو لا شك آت.
وخامسها:” وغركم بالله الغرور” وهذا معناه أن الشيطان غركم بعد أن جهزتم له أنفسكم بما سبق فوجدكم لقمة سائغة فهل يمكن أن تقول أن أى متطاول على أهل البيت والأولياء لا دخل للشيطان بما يفعل ؟ وهل يمكن أن نقول أن النفس تفتن صاحبها أما المنافق فإنه يفتن نفسه؟ ربما والله أعلم.
نعود إلى الآيات: بعد ذلك يقول الذين آمنوا للمنافقين بعد ان أسمعوهم حيثيات الحكم اسمعوا إلى الحكم” فاليوم لا يؤخد منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هى مثواكم وبئس المصير”.
ومن هنا يلاحظ الأتى:
1 – إن من فتن نفسه فهو منافق يحرم من النظرة يوم القيامة.
2 – إن من تربص الشر بالذين آمنوا فهو منافق يحرم من النظرة يوم القيامة.
3 – إن من يرتاب فى أى خبر يورده القرآن عن يوم القيامة فهو منافق محروم من النظرة يوم القيامة.
4 – إن من غرته أمانيه فحسب ما له ولم يحسب ما عليه فهو منافق محروم من النظرة يوم القيامة.
5 – أن من فتح الباب وهيأ نفسه لعبث الشيطان فهومنافق محروم من النظرة يوم القيامة.
6 – يلاحظ أن الحوار كله الوارد فى الآيات كان بين المنافقين والمنافقات من جهة وبين الذين آمنوا من جهة أخرى طرف يقول وطرف يرد عليه والحكم على المنافقين سمعوه من الذين آمنوا!!! ثم قال المشايخ بعد ذلك أن هذا الكلام فيه الاشارات الكثيرة سوف يتولى كل شيخ شرحها لأولاده فى الطريقة ونكتفى بهذا القدر ثم قرأ الجميع الفاتحة بختام اللقاء.
ثم قال رئيس التحرير لسماحة شيخ المشايخ. مولانا: هناك بعض الملاحظات.
قال سماحته: ماهى؟
قال رئيس التحرير: أولاً قلتم أن للآيات بقية سنعود إليها.
قال سماحته: لقد وردت فى السياق قال تعالى” فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا”. قال رئيس التحرير: ما علاقةالمنافقين بالذين كفروا؟
قال الشيخ: عندما أمر الله الرسول صلى الله عليه وسلم ألا يصلى على أحد المنافقين قال” ولا تصلى على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفرواً بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون”. وهناك آية أخرى توضح اشتراك المنافقين والكافرين المجرمين فى عمل واحدة وهو اتخاذ الأولياء هزواً والتطاول عليهم قال تعالى” إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فاكهين وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون. فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون”.
هذا هو وجه الشبه بين المنافقين والكفار فى علاقتهم بالأولياء.
قال رئيس التحرير: اسمح لى بسؤال لاتجاوز فيه فالقرآن يتكلم عن الذين آمنوا وأنتم تتكلمون عن الأولياء.
قال سماحته: ليس كل الأولياء فهناك أولياء الرحمن وهناك أولياء الشيطان. قال رئيس التحرير : أقصد أولياء الله.
قال الشيخ:” ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة لا تبديل لكلمات الله”.
فلو تتبعت الأيات السابقة مع هذه لعرفت أن أولياء الله هم الذين آمنوا بالأصالة ويضاف إليهم الآخرون.
ثم عاد المجلس للانعقاد التلقائى وهم منصتون إلى سماحة الشيخ ومحاوره.
ثم قال رئيس التحرير: أرجو ألا يضيق صدر الحاضرين بأسئلتى أما صاحب السماحة فأنا على ثقة من سعة صدر سماحته.
فقال الشيوخ: أكمل فإن حسن الختام غاية.
قال رئيس التحرير: لو سمحت ياسيدى لقد سمعت ما قيل وعرفنا أن كل هذا يجرى بين المنافقين والمنافقات من جهة وبين الذين آمنوا من جهة أخرى فقد يقول قائل أن هذا الأمر يحدث مع المنافقين فما دخلنا نحن.
فضحك سماحة الشيخ وقال: ليس هناك مجال لقد قيل من الكثيرين أن هذا الأمر يخص المنافقين وأقول أن هذا الأمر وهو طلب النظرة من آخرة ليوم القيامة فهو منافق وأن يقول لنا هذه العبرة لا كقصة بغير هدف ولكن يقول أن البعض استهان بذلك فاضطره الله إليه يوم القيامة وأن هذا الأمر المتروك فى الدنيا لا ينال يوم القيامة بأى حال من الأحوال ومن طلبه فى الدنيا فهو مؤمن ومن أخره ليوم القيامة حتى يطلبه وهو مضطرا فهو منافق.
ثم قال أحد المشايخ: هذا ما عرفناه عن النظرة فماذا عن المدد؟ قال سماحة الشيخ: يا أخى العزيز إن النظرة عبارة عن نور يقذفه الله فى قلب من يشاء فإذا أخذ أحدنا نظرة ووجد لها فى قلبه راحة وفى نفسه سكينه وفى جوارحه طمأنينة فإنه سوف يطلب أخرى ثم أخرى ولا يشبع فهذا هو معنى المدد أى التكرار من نفس العطية أو الزيادة منها أو الإضافة إليها.
قال أحد الحضور: لماذا لا نقول نظرة يارب ومدد يارب؟
قال صاحب السماحة: وما ومن منعك؟ فما قلنا لا يعنى هدم طلب النظرة والمدد من الله ولكن لا يمنع طلب النظرة والمدد من أهل الله أما علمت قوله تعالى:” قل كل من عند الله” والمدد الذى هو من الله لا يختص به الصالحين ولكن المدد الإلهى للصالحين وغير الصالحين قال تعالى”من كان يريد العاجلة عجلنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً” هذان نوعان مريد الدنيا ومريد الآخرة أنظر إلى النتيجة” كلاً هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً”.
فالماء إذا شربته من النيل مباشرة فهو من عند الله وإذا شربته من الثلاجة فهو أيضاً من النيل وهو من عند الله فالله يوم القيامة يمد أهل الجنة بما يتنعمون به.
ويمد أهل النار بما يعذبون فيه” وأن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً”.
فما عند الله يصلح لإمداد إبليس ومن إبليس يستمد أعوانه.
وما عند الله يصلح لإمداد الأنبياء والأولياء ومما عندهم يستمد أحبابهم.
فالبديهى هو ما تقول أن المدد من الله وكذلك النظرة ولكن العجيب أنه جعل المنافقين يستهينون بطلبها من الأولياء فألجأهم الله إليهم دون جدوى لأن الدنيا عمل ولا حساب والآخرة حساب ولا عمل وفى النهاية إذا يسر الله لك ذلك تجده يسيراً وإذا عسره عليك فإنك تحس باحتكاك هذا المعنى بالعقيدة فتخشى فسادها فمن حقك أن تقول ومن حق غيرك أن يقول ومن حقك ألا تقول ولا تلزم ولا نلزم وفى النهاية فهى كلمة يعرف الصالحون لها قدرها والمنافقون لا يرون فيها إلا ما يراه المستهزئون والله يقول للرسول الكريم” إنا كفيناك المستهزئين”.
هذا وكان يمكن أن يستمر الملتقى أكثر من ذلك الوقت لولاأن صاحب السماحة أمر برفع الجلسة وقراءة الفاتحة مرة أخرى للختام حتى يتمكن الحاضرون للاستعداد لصلاة المغرب والإفطار فى ضيافة الشيخ الشبراوى وذلك لأن الملتقى عقد بعد صلاة العصر وهذا ما فتح الله به على السادة مشايخ الطرق وهم صائمون
في تصنيف : مقالات أخرى في سبتمبر 8th, 2010