متى يكون المصورون في النار؟
صوت الأمة العدد 95
23/9/2002
في البدء كانت الكلمة .. خلقها الله نورا فكان الإيمان به .. خلقها الله حرفا فكان النثر والشعر خلقها الله نغمة فكانت الموسيقي .. خلقها الله لونا فكانت اللوحة .. خلقها الله رحمة فكان الحب في قلوبنا .. إن كان ما منحه الله للناس من مواهب ومشاعر يصعب أن يكون حراما .. إنها نوع من الإبداع البشري صاغه الضمير الإنساني ليعلو به على باقي المخلوقات والكائنات والمفردات . لكن .. هناك حديث نبوي شريف
ورد في مسند الامام أحمد بن حنبل – الجزء السابع ، ص (141)
4050 – حدثنا أبو معاوية ووكيع قالا حدثنا الأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن عبد الله قال قال رسول الله ^: (إن من أشد أهل النار عذابا يوم القيامة المصورين) وقال وكيع أشد الناس.
لقد أستخدم هذا الحديث في تحريم التصوير .. والنحت .. والفن التشكيلي .. ووصل الأمر بالبعض إلى تحريم رسوم علم الأحياء .. وتحريم النقود التي عليها صور ورسومات .. فمن هم المصورون الذين سيكونون في النار ؟ . إن من الصعب تقبل فكرة لوحات “فان جوخ” و “جويا” و “محمود سعيد” وبيكاسو وسيف وانلي حراما من الصعب تقبل أن تكون لوحات الطبيعة الساحرة حراما .. من الصعب تقبل أن تكون تماثيل الميادين حراماً .. إنها نوع من الإبداع يرقى بالإحساس .. ويزيد من تدفق المشاعـر .. ويخفـف مـن عدوانيتنا وقسوتنـا على غيرنا .. لكن .. من هم المصورون الذين في النار كما في الحديث الشريف.
إن المصورين الذين في النار هم المصورون الذين يعتقدون أن لله صورة ولو في قلوبهم فيعبدونه عليها .. مثل الذين يعتقدون أن الله يشبه البقرة فيقدسونها .. أو مثل الذي يعتقدون أن الله يشبه الشمس فيرسمون شمسا على أنها الله .. أو مثل الذين يعتقدون أن الله يشبه نجما أو ثعبانا أو قمرا أو غيره من المخلوقات .. لقد اعتقدوا أن الله يشبه هذه المخلوقات فيعبدوها .. إن التصوير في هذه الحالة حرام .. ويلقى بصاحبه في النار ..فهؤلاء نسوا أن الله سبحانه وتعالى منزه عن الكم والكيف والأين والند والضد والشبيه والمثيل والشريك والزوجة والولد وكل ما خطر ببالك هالك والله سبحانه وتعالى بخلاف ذلك وعندما نزل قول الله سبحانه وتعالى: [ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ ] (153الأنعام) خط النبي ^ خطا مستقيما ثم خط على يساره خطين وعلى يمينه خطين تشبه جريد النخيل ..
فكما ورد في سنن ابن ماجة – الجزء الأول ، ص (6)
11 – حدثنا أبو سعيد ” عبد الله بن سعيد ” حدثنا أبو خالد الأحمر قال سمعت مجالدا يذكر عن الشعبي عن جابر بن عبد الله قال : كنا عند النبي ^ فخط خطا . وخط خطين عن يمينه وخط خطين عن يساره ثم وضع يده في الخط الأوسط فقال ( هذا سبيل الله ) . ثم تلا هذه الآية { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}. (سورة الأنعام الآية 53 ).
وهو نوع من الرسم التوضيحي الذي لا يمكن أن يكون حراما .. والرسم التوضيحي هو وسيلة من وسائل المعرفة .. فنحن نلجأ إليه لنرسم الخطط العسكرية والخرائط الجيولوجية والتضاريس الطبيعية والهندسية وبيان الأنهار والفيزياء .. بل إن الحروف التي نكتبها نوع من الرسم .. فلا يمكن أن ينهانا الرسول ^ عن أشياء نحن في حاجة إليها . ولا يجب أن نتعامل مع ما يقوله الرسول ^ بهذه السطحية .. إنه أوتى جوامع الكلم .. فالكلمة قليلة الحروف منه صلى الله عليه وسلم باقية ولها في كل زمان معنى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وعزاؤنا أن شراح القرآن جميعا قدماء ومحدثين كعمى يصفون فيلا.. يجب أن يسلم كل منهم للآخر .. فمن وقعت يده على شيء صلب وصف الفيل بالصلابة .. ومن وقعت يده على شيء رخو وصفه بالرخوة .. ومن وقعت يده على شعره وصفه به ومن وقعت يده على منطقة ملساء وصفه بذلك .. لا أحد يقدر على أن يدعي بأنه محيط إحاطة كاملة بما في القرآن من كنوز وأسرار. وقد كان سيدنا سليمان عليه السلام (هو نبي ورسول وخليفة وملك) يأمر الجن بصناعة التماثيل .. [ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ] (13سبأ) .. صدق الله العظيم .. ومن ثم فإن تمثالا ( أو صورة) في بيت يعبد من دون الله أو يعبد للتقرب إلى الله زلفى أو يعبد لذاته فإن الملائكة لا تدخله.. الحرام فقط هو اقتناء تلك الأشياء بغرض العبادة .. أما لو كان اقتناؤها لغرض الاستفادة والجمال والزينة فهي حلال .. وتدعو الملائكة لزيارة البيت..
ولا حول ولا قوة إلا بالله
في تصنيف : لحظة نور في يوليو 14th, 2010