قوامة الرجل على المرأة لها شروط
صوت الأمة العدد 198
13/9/2004
الكتابه عن المرأه . . هذه الأيام . . إختيار صعب . . أسهل منها أن تمسك بجمره مشتعله . . أو تتورط فى عملية تهريب . . أو عملية سطو على مصرف . . هناك من يدعون إلى دفنها حيه مره أخرى فى جاهليه جديده تعيش عصر الدش و الكمبيوتر و شعاع الليزر . . و هناك من يدعون إلى أن تخرج عن خصائصها و طبيعتها و جلدها . . و تتمرد على كل من يحاصرها و يقيدها و يحكمها . . و على كل هذه الحبال الذائبه راحت المرأه تتأرجح حتى فقدت توازنها فى غالبية الأحوال.
و فى غالبية الأحوال حاول كل فريق أن يشد المرأه ناحيته . . أن يستخدم نصوصا دينيه مقدسه كى يقنعها بما يريد . . و المشكله ليست فى النص . . النص الألهى لا يقربه الباطل من كافة النواحى . . المشكله فى التفسيرات الشخصيه المتعسفه و المتربصه للنص.
يقول سبحانه و تعالى : [ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَآ أَنفَقُواْ ] (34 النساء) . . إن هذا النص ليس ضد المرأه كما تصور البعض . . فالقوامه تجبر الرجل على تحمل مسئوليه المرأه . . الحياه المحترمه . . الراحه النفسيه . . الوفره الماديه . . و فى الوقت نفسه تفرض القوامه على الرجل أن لا يقترب من الذمه الماليه للمرأه . . و ألا يمس ممتلكاتها الشخصيه . . لو فعل ذلك سقطت قوامته عليها . . و لو لم ينفق عليها أيضا . . فالقوامه مشروطه بالإنفاق و بعدم مساس الرجل بممتلكات المرأه .
وقد قال النص ” الرجال ” و لم يقل ” الأزواج “. . لم يقل الأزواج قوامون على الزوجات . . ذكر الرجال و النساء عموما . . و السبب هنا هو ما فضل الله بعضهم على البعض . . والتفضيل يعنى التمييز . . و التمييز يعنى الخصائص النسبيه للرجل هى القوه البدنيه و الطاقه العضليه و هو ما يؤهله لأعمال الحراسه و القتال و الزراعه . . و ما شابه ذلك . . و هى أعمال لا تناسب المرأه فى كثير من الأحيان. . لكن النص لم يحرم المرأه منها . . هى تكلييف للرجال . . لكن. . فى الوقت نفسه للنساء الحق فى ممارستها . . إن الخصائص هى التى منحت الوظائف.
و عندما تكون شهادة المرأه نصف شهادة الرجل فهذا يعنى إعفائها من كل مسئولية الشهاده . . [أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ ] (282 البقرة) . . تخفيفا من تبعية ما تشهد به المرأه. . إعفاء من واجب . . فعليها مسئوليه أهم . . وواجب لا يقدر أحد سواها على القيام به . . الحمل و الإنجاب . . الرضاعه . . تربية المستقبل . . إستمرار الحياه . . مواصلة رسالة البشر على الأرض . . و هى مهام لا يقدر عليها الرجل مهما بلغت قوته العضليه.
و عندما أعطى الدين المرأه نصف الميراث فإنه لم يكلفها بالإنفاق . . هى تحصل على نصيبها خالصا . . و تحتفظ به . . أما الرجل فهو مكلف بالإنفاق . . و من ثم فإن نصف ميراث بلا نفقه هو أفضل من ضعف الميراث مع النفقه . . فلو ورثت زوجه 100 جنيه فهى تحتفظ بها . . تضعها فى شنطتها . . و لو ورث شقيقها ؟أو زوجها أو أبنها ضعفها فهو ينفق منها على المسئولين منه . . الرجل ينفق على زوجته . . و الزوجه لها زوج ينفق عليها.
و لا يجرؤ أشد المطالبين بحقوق المرأه على القول إن الإسلام لم يكرمها . . لقد كرم الدين الوالدين معا . . يقول سبحانه و تعالى : [ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّـهُمَـآ أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَّـهُمَـا قَوْلاً كَرِيماً] (23الإسراء) . . هنا ليست مفاضله . . هنا مساواه تامه . . لكن. . فى كثير من الأحيان كانت المرأه تنفرد بالتكريم . . ففي الحديث الشريف الذي ورد في: مسند الشهاب الجزء الأول ،ص(102)
82/119 – أخبرنا أبو علي الحسن بن خلف الواسطي ثنا عمر بن أحمد بن شاهين ثنا عبد الواحد بن المهتدي بالله بن الواثق بالله ثنا علي بن إبراهيم الواسطي ثنا منصور بن المهاجر عن أبي النضر الأبار عن أنس بن مالك قال قال رسول الله ^ :(الجنة تحت أقدام الأمهات ).
وفي صحيح البخارى الجزء (4) ص(86) :
5971- حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن عمارة بن القعقاع بن شُبُرمة عن أبي زُرعةُ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله ^ فقال يا رسول الله من أحقَ الناس بحسن صحابتي ؟ ( قال ( أمك ) . قال ثم من ؟ قال ( أمك ) . قال ثم من ؟ قال (أمك) . قال ثم من ؟ قال (أبوك) ) .
و شتان بين وضع المرأه فى الجاهليه و فى الإسلام . . كانت الفتاه المولوده منذ ساعات تدفن حيه . . [ وَإِذَا الْـمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ] (8 التكوير) . . و الذى لا حق له فى الحياه لا حق له فى الميراث . . و لا ذمه ماليه مستقله لها . . لقد تغير ذلك كله فيما بعد . . فى زمن النور.
و فى كل الأحوال يجب تنفيذ ما أمر الله به . . و الله يعلم خلقه . . يعلم من يستحقون . . ومن لا يستحقون . . لو كان الأمر إجتهاد بشر لجازت المناقشه . . لجاز الحذف و الإضافه والتعديل . . لكنه منهج إلهى . . إنه حتى ليس فكر نبى . . النبى يحمل رساله و يوصلها و لا يضيف إليها و لا ينتقص . . و من ثم لا يجوز لنا أن نقول عبارة ” الفكر المحمدى ” بل ربما لا يجوز أن نقول ” الفكر الإسلامى ” . . علينا أن نقول : ” شرع الله فى الإسلام ” . . أو ” شرع الله الذى جاء به نبيه محمد و لا يجوز لنا المقارنه بين ما جاء فى دين و ما جاء فى دين قبله أو بعده . . المقارنه لا تجوز بين الأديان . . فكلها من عند الله . . و لا تفضيل لدين على غيره . . ما ورد فى الدين الفلانى للنبى الفلانى فى الزمن الفلانى يتناسب مع البشر الذين نزل عليهم . . وزمانهم . . و ظروفهم . . فلما جاء نبى آخر بشرع آخر كان ذلك أيضا يناسب أصحابه و زمانهم و طبيعتهم.
الله يعلم من خلق . . و لا يجوز أن نقول إن هذا خطأ و ذلك صواب . . هذا طعن فى كمالات القدره الإلهيه . . فالله هو رب العالمين . . نناقش ما جاء به لنفهم . . طبيعى . . نناقشه للمقارنه بين رسله و أنبيائه . . غير طبيعى .
يقول سبحانه و تعالى : [ وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ] (132 البقرة). . البعض يتصور أن الدين المقصود بالإصطفاء هو الإسلام فقط . . و هذا غير صحيح . . إن كل دين من عند الله هو دين للإصطفاء . . ويقصد بالدين هنا . . المنهج الإلهى . . فلو تيقنتم هذا المنهج فأنتم مسلمون . . أى تسلمون بهذا المنهج.
و لا جدال إن هناك بشرا يأتون بما لم يأذن الله به و يسمونه دينا . . و من ثم يجب ان نتأكد من صحة النص و صدق الرسول . . و فى هذه الحاله فإن كل الأحكام الوارده الينا تعتبر دينا . . و الدين من عند الله . . و ليس من عند الرسول . . أى رسول . . بل ليس للرسول الحذف و الإضافه . . و بالتالى ليس من حق أحد غيره الحذف و اللإضافه.
يقول سبحانه و تعالى : [ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُـحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ ] (284 البقرة) . . إن هذا ما كتبه الله على أمم سابقه . . و هو ما شق على الصحابه فجاء النبى بآية التخفيف . . يقول سبحانه و تعالى: [ ءَامَنَ الرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْـمُؤْمِنُونَ كُـلٌّ ءَامَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْـمَصِيرُ ] (285 البقرة)
وكما ورد في صحيح مسلم الجزء(1) ص (115) :
199/ 125- حدثني محمد بن منهال الضرير وأمية بن بِسطام العَيْشِيُّ ( واللفظ لأمية ) قالا حدثنا يزيد بن زُريع حدثنا رَوْح ( وهو ابن القاسم )عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال: لما نزلت على رسول الله ^ { لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير } [ 2 / البقرة / آية 284 ] قال فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله ^ فأتوا رسول الله ^ ثم بركوا على الركب فقالوا أي رسول الله كُلِّفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها قال رسول الله ^ أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا ؟ بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير فلما اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم فأنزل الله في إثرها { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير } [ 2 / البقرة / آية 285 ] فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى وأنزل الله عز وجل لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ( قال نعم ) ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ( قال نعم ) ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ( قال نعم ) واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ( قال نعم ) . و التفسير . . أن ما كتب على الأمم السابقه يجب أن نؤمن به . . و لو طلبنا التخفيف لتغير التشريع فهذا لا يعنى عيبا فيما سبق من تشريع . . و إنما يعنى أننا لا نتحمله . . و هو نفس ما جرى بين الرسول و سيدنا موسى عندما قال له موسى أن يسأل الله التخفيف فى الصلاه و كانت خمسين صلاه مفروضه على أمة موسى . . و تكرر طلب التخفيف حتى أصبحت الصلوات خمسا فى اليوم .
لا مجال للمقارنه بين دين و دين فى موضوع ما . . فكل الأديان من عند الله . . و إختلاف التشريع لا يعنى إختلاف المصدر . . و إنما يعنى إختلاف التلقين
ولا حول و لا قوة إلا بالله
في تصنيف : لحظة نور في أغسطس 10th, 2010