جريدة التصوف الإسلامى
أغسطس 2005

[ قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّىٓ أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ]
(64 الزمر)
[أَلَا لِله الدِّينُ الْخَالِصُ]
(3 الزمر)

بفرحة الواثق من كرم الكريم التقيت بسماحة الإمام وألقيت على سماحته تحية الإسلام وبعد تفضله برد السلام.
قلت : مولانا الكريم زادكم الله علماً أريد أن أعرف معنى الغيريه .

قال سماحته : أى غيريه تعنى ؟
قلت : الغيريه عموماً .
قال سماحته : الغير خلاف العين.
قلت : أى عين ؟
قال سماحته : غير الشىء عموماً خلاف عينه .
قلت : لقد فهمت أن غيرى خلاف عينى فهل يمكن أن يكون للمعنى بعض الإيضاح لأن هذا الأمر سيجرنا إلى الدخول فى أمور تتعلق بصحيح العقيده كغير الله مثلاً . .
قال سماحته : يا بنى هل فهمت قول الله تعالى : [ مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ] (80 النساء) ؟
قلت : ولم أفهم أيضاً قوله تعالى : [يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ] (10 الفتح) ولا قوله تعالى: [ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ] (59النساء)
فقال سماحته : لو فهمت أن الرسول هو غير الله لكان المعنى أطيعوا الله وأطيعوا غيره .
قلت : إذن الرسول ليس غير الله ؟
قال سماحته : نعم ولكنه ليس عينه فليس معنى أن الرسول ليس غيره أن ذلك يعنى أنه هو تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .
قلت : زدنى ولو أدى ذلك إلى زيادة المساحه المخصصه فى هذه المجله المحترمه إلى أكثر من صفحه .
قال سماحته : كل المساحات مخصصه للقراء الأعزاء وهذا اللقاء مما يقرأون . . . المهم أن تفهم أن كل مأذون لا يعتبر غيراً بالنسبه لمن أذنه ولكنه لا يعتبر عينه فلا هو غيره ولا هو هو فلو وكَّل أحدنا محامياً وحدد له حدوداً لصلاحيات وكالته عندئذ لا يعتبر المحامى غير موكله فيما وكله فيه ولكنه على أى حال لا يرقى لمستوى أن يصبح المحامى هو عين موكله أونفس موكله أوهو هو .
هل فهمت : قلت : ليس المهم بالضروره أن أفهم فقد يفهم غيرى والعقول مستويات.
قال سماحته : قال تعالى : [ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِياًّ ] (14 الانعام) وقال تعالى : [أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِى حَكَماً ] (114 الانعام) يفهم من ذلك أن الولى هو الله [فَاللهُ هُوَ الْوَلِىُّ ] (9الشورى) ولكن ما معنى الأولياء ؟ لابد أن سبحانه وتعالى هو الذى ولاهم و تولاهم وأولاهم ووالاهم وأذنهم فلا يعتبرون غيره وهذا لا يعنى أنهم عينه أو نفسه وما دام الحكم فى الآيه هو الله فما هو مجال قوله تعالى : [فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَآ] (35 النساء) وقوله تعالى : [ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُـحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ] (65 النساء) لا شك أن ذلك يعنى أن الحكم أوالحكمين الذين يعملان بإذن الله لا يعتبران غيره وفى نفس الوقت لا يعتبر أحدهما عين الله أو هو الله ؟
قلت : سبحان الله لقد تذكرت السجود لله مع الأمر بالسجود لآدم هل يعتبر السجود لله وآدم غيره وتحكيم الرسول هل يعنى تحكيم الله وغيره ؟ وعندما يخلق سيدنا عيسى من الطين كهيئة الطير يعنى ذلك أن الخالق هو الله وغيره ؟ وهل طاعة الرسول بمفرده [وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ] (59النساء) هل يعنى ذلك أمر بطاعة غيرالله ؟ وهل . . . و مازلت أقول هل وهل حتى إستوقفنى سماحته قائلاً : يا بنى إن من يعتقد أن المأذون من الله هو الله يكون أيضاً قد ضل والنجاه فى العقيده الصحيحه . قلت : وما هى ؟
قال : المأذون من الله لا هو غيره ولا هو عينه فسيدنا محمد  ^  كبشر آدمى يمكن أن يكون غير الله ولكن لكونه رسول الله ^ ففى هذه الحاله لا يعتبر غير الله وفى الحالتين لا يعتبر عينه أنظر إلى قوله تعالى : [ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ] (64النساء).
قلت : لم أفهم .
قال سماحته اللطيفه فى قوله وأستغفر لهم الرسول ولم يقل وأستغفر لهم محمد أو إستغفرت لهم وهنا يتضح المعنى .
قلت : هل فى كل الآيات ؟
قال سماحته : لكل كلمه معنى فى كل آيه وهذه حكمة الحكيم فكل شىء عنده بمقدار فالرسول مأذون بإبلاغ الرساله مشافهه وليست رساله مغلقه كما هو الحال فى ساعى البريد ولأن الإبلاغ بالمشافهه فما تسمعه من الرسول كأنك سمعته من المرسل وهنا تحديداً وليس على إطلاقه لا يعتبر الرسول غير الله ولكنه ليس هو الله فالعبد و المعبود لا يتشاكلا متجانسين ويصعب التخمين فلا تشابه بين العبد و ربه أى الرسول ومرسله وعدم التشابه هذا هو الذى يجعل الرسول ليس غير الله مع أنه ليس هو الله
قلت : لقد أتعبت سماحتكم كثيراً مما جعل التكرار فى هذا اللقاء سمه غالبه .
قال سماحته : يا بنى التكرار يعلم الشطار ودائماً المكرر أحلى .
قلت : مهما تكن حلاوة المكرر المهم الذواقه جعلنا الله منهم . ثم إنصرفت بعد إستئذان على أمل أن أفهم بعد تكرار الإطلاع وحصول الفائده والإستمتاع . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .

والسـلام عليكـم
وعليكم السـلام
مـريـد

في تصنيف : حوار مع صاحب السماحة في أغسطس 1st, 2005