الفلق
مجلة التصوف الإسلامى
مارس 2005
بفرحة الجاهل إذا علم . . و السقيم إذا سلم . . و اللقاء بالحبيب الذى منَّ الله عليه بجوامع الكلم الذى مَن صلى عليه فاز وغنم . . . التقيت بسماحة الإمام . . السلام عليكم مولانا الإمام . . وعليكم السلام .
قلت : فى اللقاء السابق تفضلتم علينا بما أفاض الله عليكم فى معنى العلق ووعدتمونا أن تتفضلوا علينا فى هذا اللقاء بشىء عن الفلق .
قال سماحته : يا بنى عندما تكلمنا عن العلق كان ذلك فيما يخص خلق الانسان و لكن الله تعالى قبل أن يخلق الانسان خلق السموات و الأرض و ما فيهن من مخلوقات نعلمها أو لا نعلمها فما نعلمه الجن و الملائكه و ما يلزم لحياة الانسان على الأرض و ما يلزم لحياة غيره فى السماء وخلق الجنه و النار و خلق و يخلق ما لا تعلمون ولا شك أنه سبحانه أوجد مكونات خلقه من العدم و كلمة خلقه تعنى كل ما أوجده الله ولا شك أنه سبحانه أوجد أوليات خلقه من العدم المطلق و هي عبارة عن دقائق متناثرة متكاثرة مختلفه جمع بينها بقدرته و قادر على التفريق بينها إذا أراد أن يفنيها و قادر على إعادتها لأنه سبحانه محيط بها بدقائقها و رقائقها .
فدقائقها : ما هو ملموس منها .
ورقائقها : أرواحها أو ما هو خفى منها .
فهو الذى أوجد الظاهر و الخفى و الكثيف و اللطيف و على ذلك إذا كان العلق كما علمت فى اللقاء السابق هو العلاقه بين تجليات الأسماء الإلهيه فى الصوره الكماليه فى خلق الانسان فإن الفلق هو تجليات الصفات الإلهيه الكماليه فى خلق كل شىء لإيجاد أصوله أو أولياته من العدم المطلق ، بما فيها الانسان .
قلت : كعادتى لا أفهم . . .
قال سماحته : قطع العوائد فأل سيىء تعودنا منك ذلك .
قلت : و قد عودنى الله منكم غير ذلك فأنا كما تعرف سماحتكم رزقى فى إدراك العلم بسيط ويصعب على ولوج بحر علمكم المحيط .
قال سماحته : دعك من المحيط و البسيط و اليك هذا المعنى الوسيط إن الفلق هو السر الإلهى الذى أوجد الله به من العدم المطلق أوليات الخلق ( كل الخلق ) على الإطلاق مع القدرة على الجمع بين هذه الأوليات و الفصل بينها و الإعاده و الإحاطه و قال تعالى : [اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ وَكِيلٌ] (62 الزمر) و قال تعالى : [ لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ] (57 غافر) .
وبهذا السر فلق الحب و النوى و يعيد ما فلق حبا حبا آخر فى ثماره و يعيد ما فلق من النوى نوى آخر فى ثماره .
وبهذا السر فلق الله البحر لسيدنا موسى و أعاده و قال تعالى : [ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ] (63الشعراء). .
و لذلك لا يمكن الأحتراز و الوقايه من الشر المخالط للخير فى كل ما خلق الله إلا بالاستعاذه بصاحب الفلق . رب الفلق ، رب القدره المطلقه على الفصل بين النفع و الضر و الخير و الشر فى المخلوقات كلها ما ظهر منه و ما غسق فإن كنت فهمت المعنى فإن الله سوف يجرى على لسانك آيه الان .
قلت : [ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ] ( الفلق).
و لا حول و لا قوة إلا بالله العلى العظيم
والسـلام عليكـم
وعليكم السـلام
مـريـد
في تصنيف : حوار مع صاحب السماحة في مارس 1st, 2005