الحميد

مجلة البحيره و الأقاليم
عدد رقم – 206
 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وبعد , فإن القرآن الكريم يبدو للمؤمن متفقاً متناسقاً يكمل بعضه بعضاً ويؤيد بعضه بعضاً ولا يتعارض بعضه بعضاً لأن المؤمن يعتقد أنه من عند الله وفى الطرف المقابل يرى بعض الناس أن القرآن يخالف بعضه بعضاً ويناقض بعضه بعضاً وينقد بعضه بعضاً ذلك لأنهم يرون أنه من عند غير الله وإعتقادهم هذا هو الذى يوجد لديهم هذا المفهوم لذلك يقول ربنا  ” وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ” فالذى أوجد الإختلاف فى نظرهم هو سبق إعتقادهم بأنه من عند غير الله علماً بأن الإختلاف والتناقض لا يكون إلا بين الحق والباطل والقرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لأنه تنزيل من حكيم حميد ولفظ الحميد عندما يسبق إسماً من أسماء الله أويدفعه فإنما يدل على أن الصفه الإلهيه التى عبر عنها الإسم هى صفه لا ضد لها ولا حد لها والحد قيد , فالحميد يشير إلى التنزيه عن الضديه وكذلك يشير إلى الإطلاق وبما أن القرآن تنزيل من حكيم حميد فإن ذلك يدل على أن حكمته تعالى وحكمه تعالى وأحكامه تعالى محكمه ولا يصيبها التغيير إلى الضد وهذا هو التنزيه ويشير أيضاً إلى الإطلاق وهو الذى لا حدود له ويسمى الحكمه البالغه ” حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ” ولكى نفهم ببساطه علاقة صفة الحميد ببقية الصفات أنظر إلى قوله تعالى ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ” الحميد مع الغنى تشير إلى أن الغنى الإلهى ليس له ضد وهو الفقر وتشير أيضاً إلى أنه لا حد للغنى الإلهى
وهذا هو الإطلاق وقس على ذلك لتعلم أن الله غنى حميد عمن أمن بالقرآن ومن كفر به . بل هو الغنى عن كل ما هو سواه
 
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم
المحرر