المعروف والمنكر

جريدة البحيره و الأقاليم
عدد رقم – 144
 
الحمد لله الذى تتم به الصالحات.. الذى أنزل على عبده الكتاب منه آيات بينات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشبه منه إبتغاء الفتنة و إبتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله.. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.. أما بعد
 فإن الإنسان بين معروف ومنكر, والأشياء أيضا بين معروف ومنكر.. والأحكام أيضا كذلك.. فما هو المعروف وما هو المنكر؟
المعروف هو الذى يُلم به الإنسان إلماما كاملا ويحيط به أو بعلمه إحاطة تامة. والمنكر هو المجهول عكس المعروف.. يقول الله تعالى عن إخوة سيدنا يوسف عليه السلام عندما دخلوا عليه ((عرفهم وهم له منكرون)) أى لا يعرفونه معرفة تامة . وبناءاً على ذلك فإن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر   لهما مفهوم غير مادرج وتعودناه.. فقد تعودنا على أن المعروف هو الطاعة والمنكر هو المعصية .أما شمولية المعنى فإنها تتسع لتشمل كل نواحى الحياة. فكلمة الأمر تقتضى سلطة نابعة من مسئولية . فالذى   يأمر بشئ لابد أن يكون مسئولاً. تعطيه المسئولية سلطة يفرض بها أمراً فإذا أمر يجب أن يأمر بمعروف. وكذلك النهى لابد أن يكون مستنداً إلى سلطة ناشئة عن مسئولية . ولا يصح أن يأمر من يأمر أو ينهى من ينهى لمجرد الأمر والنهى . ولكن عندما يأمر لابد أن يتأكد أن المأمور على علم بما يؤمر به وأن المنهى لابد أن يكون جاهلاً بما يفعل.. مثل رجلُ يأمر أخر بالنزول إلى البحر ليعوم وينهى أخر عن ذلك.. هذا يقتضى أن يكون الذى يأمر له سلطة نابعة من مسئولية وهذا لا يكفى بل لابد لمن يأمر أن يتأكد أن المأمور يجيد فن السباحة . عندئذ يكون أمره بما يعرف (( أمر بمعروف)) وعندما ينهى آخر النزول إلى البحر لا يكون ذلك لمجرد النهى بل لعلمه أن ذلك الشخص الذى يريد أن ينزل إلى البحر لا يعرف العوم أى يجهله.. أى ينكره فى هذه الحالة يكون قد نهى عن منكر. ولا يكفى العلم فقط بالسباحة فقد يكون الرجل عواماً يكسب كل سباقات العوم ويعبر المانش ولكن لحظة أمره كان مصاباً بشئ فى قدمه أو فى جسده يمنعه من العوم.. إذاً الأمر يقتضى المعرفة والإستطاعة وهذا هو الشأن الإلهى الذى عودنا الله عليه.. فالله صاحب سلطة مطلقة على عباده إلا أنه برحمته لم يأمرهم إلا بما يعرفون ويستطيعون فسبحان من سبقت رحمته غضبه
 
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم