تجارة الفتنة الرائجة بضاعتها إرهاب المسلم للمسلم
صوت الأمة العدد 159
15/12/2003
هناك نوعان من الإرهاب نوع يمارس ضد المسلمين ونوع يمارسه المسلمون.. النوع الذي يمارس ضد المسلمين نوع عتيق بدأ على يد المشركين الأقوياء منذ كانت الدعوة الإسلامية في مهدها.. تحتاج إلى رعاية وحماية وقد أخذ هذا النوع من الإرهاب فيما بعد صورا مختلفة حروبا صليبية, فتنا طائفية, بعثات تبشيرية, وفروقا عنصرية ,وتفرقة دينية. وقد كان على المسلمين الرد على ذلك كله بالتلويح بالقوة قبل استخدامها حقنا لدماء المشركين قبل المؤمنين فالمشرك اليوم هو مشروع مؤمن غدا فالإسلام أرسل للعالمين لا للمسلمين وهو ما فصلناه وشرحناه من قبل أما النوع الآخر من الإرهاب الذي يمارسه مسلمون ضد مسلمين فهو إرهاب يبدأ بالتكفير وينتهي بالتدمير والتفجير
.. إن الذين يمارسون هذا النوع الخطر من الإرهاب يبدأون بإصدار الفتاوى التي يكفرون بها غيرهم من المسلمين وهم يختارون آيات من القرآن يفسرونها على هواهم لتبرير ما يفعلون يقول سبحانه وتعالى: [ قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلهِ ] (39 الأنفال).. إنهم يستخدمون هذه الآية الكريمة لإتهام المسلمين بالنقص في دينهم ومن ثم وجب قتالهم ..يرد سبحانه وتعالى عليهم [ أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ * وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنّـَكُمْ تُكَذِّبُونَ ] (82،81 الواقعة) إن الله سبحانه وتعالى ينبهنا إلى وجود مسلمين جعلوا رزقهم قائما على التكذيب والتكفير وإثارة الفتن وكما ورد في الحديث الشريف في:سنن ابن ماجه – الجزء الأول ، ص (59) :
168 – حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعبد الله بن عامر بن زرَارَةَ . قالا ثنا أبو بكر بن عَيَّاشٍ عن عاصم عن زِرٍّ عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ^ :( يخرج في أخر الزمان قوم أَحْدَاثُ الأَسنَانِ سُفهاءُ الأحلام يقولون من خير قول الناس يقرءُون القرآن لا يُجاوِزُ تراقيهم . يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّمِيَّة . فمن لقيهم فليقتلهم . فإن قتلهم أجر عند الله لمن قَتَلَهم ).
إن هذه الآية وهذا الحديث يتحدثان عن أناس داخل الاسلام وليس خارجه وهذا هو إرهاب المسلم للمسلم. أو هو إرهاب من يدعي الإسلام على المسلمين إنه يبدأ بإخراج المسلم من الإسلام فيدعي أن إسلامه (دينه ناقص) أما لو كان المسلم حاكما فيخرجه من الإسلام بثلاث آيات موجودة في سورة المائدة ينزلهن فى غير موضعهن ويتقول على الله بغير الحق. فى قوله تعالى [ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ] (47المائدة). وفى الأية الثانية [ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ] (44 المائدة). وفى الأية الثالثة [ وَمَن لَّمْ يَحْكُمْ بِمَآ أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ] (45 المائدة). يستخدمون هذه الأيات فى تكفير الحاكم أولا ثم يكفرون الرعية التى تأتمر بأمره .ثم يستخدمون الحديث فى غير موضعه. فيدعون أن رسول الله عليه الصلاة والسلام أمر بقتل المسلمين. ولكن ..كيف يكون القتل فى القول الشريف ( فمن لقيهم فليقتلهم ) ؟؟
وكما ورد فى كتاب سنن أبي داود – الجزء (4) ، ص (462) :
4268 – حدثنا أبو كامل حدثنا حماد بن زيد عن أيوب ويونس عن الحسن عن الأحنف بن قيس قال: خرجت وأنا أريد يعني في القتال فلقيني أبو بكرة فقال ارجع فإني سمعت رسول الله ^ يقول ( إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ) قال يارسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال ( إنه أراد قتل صاحبه ) .أي حريصاً علي قتل صاحبه.
وكما ورد في الحديث الشريف في صحيح مسلم – الجزء (4) , ص (1986) :
32 – ( 2564 ) حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب حدثنا داود ( يعني ابن قيس ) عن أبي سعيد مولى عامر بن كريز عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ^ ( لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى ههنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ) .
وقال فى حجة الوداع كما جاء في الحديث الشريف الذي ورد صحيح البخاري – الجزء () ، ص () :
67 – حدثنا مُسْدَّدٌ قال حدثنا بشر قال حدثنا ابن عون عن ابن سيرين عن عبد الرحمن ابن أبي بَكْرَةَ عن أبيه: ذكر النبي ^ قعد على بعيره وأمسك إنسان بخِطَامِهِ – أو بزمامه – قال أي يوم هذا ؟ فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه قال ( أليس يوم النحر؟ ) . قلنا بلى قال ( فأي شهر هذا؟) . فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال ( أليس بذي الحجة؟ ) قلنا بلى قال ( فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يُبلِّغَ من هو أوعى له منه ) .
إذن الرسول لم يقصد القتل بالمعنى المادى المعروف. وهو القتل بالسيف و لكن يقصد القتل بالحجة يقتله علما وحجة ويقدم الدليل على ضعف تفسيره فيقطع رزقه الذى كان يتكسبه من الفتنة فإذا إنقطع رزقه ماتت الفتنة. وهناك فرق بين القتل والقتال قال تعالى [ وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُواْ الَّتِي تَبْغِى حَتَّى تَفِىءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُواْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْـمُقْسِطِينَ ] (9 الحجرات) فلو كان القتال يعنى القتل فكيف يمكن الإصلاح بين قتلى ؟ [كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ] (216 البقرة) فأخلاق المسلم تكره القتال إلآ أن يكون القتال فى حدود رد المظالم وفى حدود نصرة الدين ولا يتعدى ذلك..يقول سبحانه وتعالى [ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ مَعَ الْـمُتَّقِينَ ] (194 البقرة) إن كلمة فاءت تعني عادت إلى رشدها ..ومن ثم لا يمكن للطائفة الباغية أن تفيئ بعد قتلها ومن ثم فالقتل يعنى الموت .. أما القتال فيعنى الإستعداد للقتل [ اقْتَتَلُواْ ] هنا بمعنى أوشكوا على القتال [ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا] تعنى أزيلوا سبب الخلاف .. ومن ثم فالقتل الذى يعنيه الرسول هو القتل بالحجة [وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ] (39 الأنفال) أى أقنعوهم بالحجة حتى تنتهى الفتنة حتى تطفئوا الفتنة .. والقتال مثل العملية الجراحية التى يلجأ إليها الطبيب عندما يعدم حيلة للعلاج ..لكنه لا يتجاوز الجزء المصاب. ومن ثم فإن معرفة الدين معرفة صحيحة على هذا النحو هى أول الطريق للتخلص من الإرهاب الذى يمارسه من يدعى الإسلام على غيره من المسلميين …وإذا كان الرسول ^ أعطى الرحمة فى قلبه حتى لا يكون قاتلا للكفار أو مخربا لبيوتهم أو مذلا لكرامتهم فهل يعقل أن يكون ذلك مباحا بين المسلميين ؟؟ إذن عندما ترد كلمة “قتال” بين مسلم ومسلم فليس ذلك معناه قتل وإنما تعنى تدخل للفصل بين القوات المختلفة والمتصارعة لفرض الحق بالقوة سواء كانت قوة السلاح أو قوة القانون أو قوة السلطة ..لكن هذه القوة مهما كان نوعها لا يمكن أن تصل إلى القتل ..لقد عاقب الإسلام على القتل الخطأ فكيف يكون من طبعه القتل العمد ..؟؟ يقول النبى صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف الذي ورد في سنن الترمذي – الجزء (4) ، ص (308) :
1977 – حدثنا محمد بن يحيى الأزْديُّ البصري حدثنا محمد بن سابق عن إسرائيل عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : قال رسول الله ^ : ( ليس المؤمنُ بالطَّعَّانِ ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء ). فهل يكون المسلم إرهابيا. بلطجيا .. سفاحا .. قاتلا ؟؟؟؟؟ إذا كان النبى قد منع الإيذاء للأخرين باللسان لمجرد القول فهل يسمح بإستخدام السلاح ضد المسلمين فى أموالهم وحياتهم وأعراضهم ؟؟؟؟ الإجابة معروفة .. لا .
وكما ورد فى صحيح البخارى الجزء (4) ص(99) :
6047 – حدثنا محمد بن بشار حدثنا عثمان بن عمر حدثنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة أن ثابت بن الضحاك وكان من أصحاب الشجرة حدثه : أن رسول الله ^ قال ( من حلف على ملة غير الإسلام كاذباً فهو كما قال وليس على ابن آدم نذر فيما لا يملك ومن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة ومن لعن مؤمنا فهو كقتله ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله) .
لاجدال أن الإرهاب الداخلى بين أبناء الدين الواحد ظاهرة تتجاوز المسلمين إلى أتباع الديانات الآخرى ..وهو بلا شك لا أساس له ولا منطق له سوى سوء التفسير ..فليس هناك دين سماوى يحرض على قتل أبنائه ولا غيرهم ..هذه هى القاعدة المتينة التى يجب ألإرتكاز إليها قبل أى شىء آخر ..وما بعد ذلك يسهل تفنيده ولا
حول ولا قوة إلا بالله
في تصنيف : لحظة نور في يوليو 22nd, 2010