الذين يفكرون في إطفاء نور الله
صوت الأمة العدد 148
29/9/2003
الذاكرة لا تعنى أبدا التكرار والاجترار واستحضار أرواح الأجداد .. ولكنها جواز سفر قابل للتجديد من وقت إلى آخر .. وهو تجديد يسمح لنا بأن نقوم برحلة إلى أعماقنا وعقولنا .. للفحص والتذكير والمراجعة . والذاكرة الدينية هي مصدر التفسير والتقوى .. ومن ثم فلأن التعتيم عليها يعني خفوت ضوء مبهر ينير الحياة .. مصدره الإيمان .. وحتى يخرج هذا الضوء شفافا.. ساطعا .. علينا أن نزيل الغبار الذي يغطي زجاج مصابيحه.. وهنا تكون المراجعة .. مراجعة اللغة .. فاللغة كائن حي .. يتنفس .. ويضطرب .. ويشيخ .. ويندثر .. ما لم ننفخ فيه من روح التجديد . وأنا أؤمن بالتجديد .. في اللغة .. لكنني أؤمن أيضا أن هذا التجديد لا يعني الفوضى .. والانفلات اللغوي .. فاللغة نظام وقانون وانضباط مع النفس .. ورقابة صارمة على الذات .. وعندما أجلس أمام ورقة الكتابة فإنني أشعر بأنني مسئول عن مستقبل هذا الوطن .. وعندما تكون الورقة مهيأة للتعبير عن فكرة إيمانية فإن المسئولية تكبر وتتسع لتشمل الدين أيضا . وفي اللغة كلمة رسول تعني حامل رسالة بين مرسل ومرسل إليه .. تعني وسيلة توصيل الرسالة من المرسل إلى المرسل إليه .. ولو كانت هذه الرسالة رسالة سماوية .. دينية .. فإن الرسول في هذه الحالة يكون شخصا أمينا على رسالة يبلغها من المرسل غير المرئي ( الله سبحانه وتعالى) إلى المرسل إليه المرئي( البشر أو جماعة منهم) .. فلو مات هذا الرسول فهل معنى ذلك انقطاع الرسالة .. وانتفاء صفته كرسول ؟ . لو كان ذلك صحيحا فإن علينا أن نقول الشهادة ” إن محمدا ” كان رسول الله ” ^ .. ولا نقول إن محمد رسول الله .. أن الله سبحانه وتعالى يطالبنا أن نحفظ لرسول الله ^ قدره حيا أو ميتا .. يقول سبحانه وتعالى : [ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِى اللهُ الشَّاكِرِينَ ]
(144 آل عمران). فالرسول ^ قائم حتى يوم القيامة .. والرسالة متصلة لا تتغير بوفاته .. فلو تغيرت كان الانقلاب على أعقابنا .. أي نعود إلى الكفر فانقبلتم على أعقابكم معناه عدتم إلى الكفر .. ولو كانت الدعوة قد انقطعت بوفاة الرسول ^ فإن معنى ذلك أن لا أحد يدخل الإسلام .. ودخول الإسلام لا يجوز إلا بالإقرار أن محمد رسول الله ^ .. فهو موجود بالإقرار حتى ساعة الحساب . يقول الله سبحانه وتعالى: [ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَ اللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ] (8 الصف) .. وإطفاء النور هنا ليس بالنفخ .. ولا بالهواء البارد .. أو الريح الشديدة .. وإنما بالكلام والتجني على رسول الله ^ .. والادعاء عليه .. يقول سبحانه وتعالى: [ يَآ أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّـمَّـا كُنتُمْ تُـخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ قَدْ جَآءَكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِى بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ ] – 16،15 المائدة
ولا حول ولا قوة إلا بالله
في تصنيف : لحظة نور في يوليو 22nd, 2010