لماذا تمنع الأوقاف الصلاة على رسول الله^عقب الأذان؟

صوت الأمة العدد 118
3/3/2003

تعجبت من قرار الأوقاف بمنع الصلاة على رسول الله فى المساجد مع أن الصلاة على النبى أمر إلهى والأذان للصلاة سنة الصلاة على النبى نوع من التوقير والاحترام وهى كلهـا صفات تسـاهم فى منع البعض من الجرأة على السنة النبوية.أستأذنكم الخروج من هذا الزمن الضيق.. زمن الأفكار الجاهزة.. المعلبة التى نفرضها على أنفسنا ولا نقدر على الفرار منها.. وكأنها كمبيالات مستحقة الدفع.. أستأذنكم فى التحرير من المخاوف والهواجس التى حبسنا فيها أنفسنا وأصبحنا أسرى لها.. فقد صارت عقولنا مربعة كالجدران.. مستطيلة كالدهاليز.. منخفضة كالأسقف.. إن ذلك يحدث فى الوقت الذى نحتاج فيه إلى فتح عقولنا وضمائرنا على مصاريعها.. لتجدد الهواء النقى.. ولنجدد الإيمان النقى.. ولنطلب من الله أن يفتح علينا .
لقد تعجبت من قرار وزارة الأوقاف بمنع الصلاة على رسول الله ^ بعد الأذان فى المساجد
مع أن الصلاة على النبى أمر إلهى والأذان للصلاة سنة.. لقد قال سبحانه وتعالى: [ إِنَّ اللهَ وَمَلَآئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ] (56 الأحزاب) .. هذا أمر إلهى .. بينما الأذان للصلاة هو سنة طبقا لصحيح الروايات.
وكما ورد فى سنن أبى داود الجزء (1) ص(335-337) :
498 – حدثنا عباد بن موسى الختَّلي وزياد بن أيوب وحديث عباد أتم قالا حدثنا هشيم عن أبي بشر قال زياد أخبرنا أبو بشر عن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قال : اهتم النبي ^ للصلاة كيف يجمع الناس لها ؟ فقيل له انصب راية عند حضور الصلاة فإذا رأوها آذن بعضهم بعضا فلم يعجبه ذلك قال فذكر له القُنْع يعني الشَّبُّور- وقال زياد شبور اليهود فلم يعجبه ذلك وقال : ( هو من أمر اليهود ) قال : فذكر له الناقوس فقال ( هو من أمر النصارى ) فانصرف عبد الله بن زيد ]بن عبد ربه[ وهو مهتم لهمِّ رسول الله ^ فأرِيَ الأذان في منامه قال فغدا على رسول الله ^ فأخبره فقال ]له[ يا رسول الله إني لبين نائم ويقظان إذ أتاني آت فأراني الأذان قال وكان عمر بن الخطاب [ رضي الله عنه ] قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يوما قال ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال له ” ما منعك أن تخبرني ؟ ” فقال سبقني عبد الله بن زيد فاستحييت فقال رسول الله ^ ( يا بلال قُمْ فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله ) قال فأذن بلال قال أبو بشر فأخبرني أبو عمير أن الأنصار تزعم أن عبد الله بن زيد لولا أنه كان يومئذ مريضا لجعله رسول الله ^ مؤذنا . لقد طالب لقد طالب لصحابة الرسول عليه الصلاة والسلام بطريقة ما ينادون بها على الصلاة واهتم النبي ^ للصلاة كيف يجمع الناس لها ؟ فقيل له انصب راية عند حضور الصلاة فإذا رأوها آذن
بعضهم بعضا فلم يعجبه ذلك.
وكان هنالك اقتراح باستخدام القُنْع ( البوق ) لكن لم يؤخذ به لأنها طريقة ليست منفردة بالمسلمين أيضا وقد توصل إليها اليهود من قبلهم .. كان هنالك اقتراح باستخدام الناقوس لكن لم يؤخذ به لأنها طريقة ليست منفردة بالمسلمين وقد توصل إليها المسيحيون أوالنصارى من قبلهم وجاء الحل من بعض الصحابة الذين رأوا فى المنام رؤيا الأذان بنصه وطريقته فأعادوا الرؤيا على الرسول ^ الذى طلب حفظ نص الأذان وتقديمه إلى بلال ليكون أول مؤذن فى الإسلام  لكن الرسول نفسه لم يقم بالأذان فى حياته.. ومن ثم فإن الأذان يعتبر سنة إقرارية .. أى سنة أقرها الرسول ^ . إن السنة ثلاثة أنواع: سنة قولية وهى السنة التى نطق بها الرسول بلسانه الشريف وأمرنا بفعلها.. وسنة فعلية وهى ما فعله الرسول الكريم واتبعناه بالنقل عنه.. وسنة إقرارية وهى ما حدث أمام الرسول الكريم ولم يعترض عليه.. والأذان بدأ سنة إقرارية.. ثم أصبح سنة قولية.. فقد سمعه الرسول الكريم من الصحابة ثم أقره بنفسه الشريفة. ولو كان الأذان سنة فإن الصلاة على رسول الله فريضة.. ومن ثم فليس هنالك ما يمنع شرعا من أن نصلى على الرسول عليه الصلاة والسلام بعد الأذان..
وكما ورد فى صحيح مسلم – الجزء الأول، ص (288) :
11 – ( 384 ) حدثنا محمد بن سلمة المرادي حدثنا عبد الله بن وهب عن حيوة وسعيد بن أبي أيوب وغيرهما عن كعب بن علقمة عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي ^ يقول:( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة).
والذين يخشون على المسلمين من أن تعلق فريضة بسنة فتفسدها هم فى الحقيقة يخشون من إضافة الذهب إلي النحاس.. وربما كان لافتاً للنظر أن نذكر أن الشيعة فى إيران يختمون الأذان بتكرار “على ولى الله ” مرتين.. دون أن يضل أحد.. أو يختلط الأمر على أحد.
لقد أمرنا الله بالصلاة على النبى فى كل وقت وفى أى مكان فلماذا لا نصلى على حضرته بعد الأذان؟.. وهم يقولون: أنهم يخشون أن يعتبر العامة الصلاة على حضرة النبى من ألفاظ الأذان ومكملاته.. فما المانع من أن يحدث ذلك ؟.
إن الصلاة على حضرة النبى لها أجرها وهو أجر مضمون حتى ولو صلى أحد على النبى ^ ناسيا.. إنه يؤجر على ذلك.. ولا يشترط هنا النية أو الطهارة أو الجهة أو الوقت أو السر أو الجهر.. فالصلاة على حضرة النبى صلى الله عليه وسلم فى أى حالة وفى أى مكان
وورد فى صحيح أبى داود الجزء(1)ص(635) :
1047-حدثنا هارون بن عبد الله ،حدثنا حسين بن علي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن ابي الأشعث الصنعاني، عن أوس بن أوس قال: قال رسول الله ^ ((إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي)) قال: قالوا يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ يقولون بليت فقال (( إن الله عز وجل حرم على الأرض أجساد الأنبياء ))
وكما ورد فى سنن ابن ماجة الجزء(1) ص(524)
1637 – حدثنا عمرو بن سواد المصري . ثنا عبد الله بن وهب عن عمرو ابن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أيمن عن عبادة بن نسيٍّ عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله ^ : ( أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة . فإنه مشهود تشهده الملائكة . وإن أحدا لن يصلي علي إلا عرضت علي صلاته حتى يفرغ منها ) قال قلت وبعد الموت ؟ قال ( وبعد الموت . إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء . فنبي الله حي يرزق)
وكما ورد في صحيح مسلم الجزء (4) –(1845)
165- ( 2375 ) وحدثنا علي بن خشرم أخبرنا عيسى ( يعني ابن يونس ) ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير كلاهما عن سليمان التيمي عن أنس ح وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبدة بن سليمان عن سفيان عن سليمان التيمي سمعت أنسا يقول
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مررت على موسى وهو يصلي في قبره وزاد في حديث عيسى مررت ليلة أسرى بي.
.. ولو تخيلنا الصلاة عليه عقب كل أذان ومع الأخذ فى الإعتبار فروق التوقيت بين مسجد ومسجد وبين مدينة وأخرى فإننا سنجد الصلاة على النبى قائمة فى كل دقيقة وعلى مدار اليوم كله.. تقريبا.. سنجد الصلاة على النبى صاعدة إلى السماء طوال الوقت.. وهو خير ورحمة سيعمان الدنيا التى نعيش فيها.. وبها نتجنب شرور ومصائب لا أول لها ولا أخر.. الصلاة على سيدنا محمد ترفع البلاء وتجلب الخير وتجعل الرحمة مع كل ذرة هواء
وكما ورد فى الحديث الشريف فى سنن الترمذى الجزء (2) ص(356) :
486 – حدثنا أبو داود سليمان بن سَلْمٍ [ المَصَاحَفِيُّ ] [ البَلْخِيُّ ] أخبرنا النضر بن شُمَيْلٍ عن أبي قُرَّةَ الأَسَدِيِّ عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال : إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك ^ .
.. إن الأولى برحمة الله سبحانه وتعالى هم أحباب حبيبه وصفيه وأشرف خلقه.. والغريب أن الكلام العادى جائز أثناء الأذان ولا جناح عليه.. ولو أن مؤذناً للصلاة فوق المسجد شاهد بعينه طفلا ضائعا فى إتجاه وشاهد أم الطفل تولول وهى تبحث عنه فى إتجاه أخر جاز له أن يقطع الأذان ليدلها على أبنها التائه.. ثم يكمله.. ولو أن مؤذناً للصلاة فوق المسجد وجد شخصا على وشـك الوقـوع فى بالوعـة ويمكـن إنقاذه يقطـع الأذان ويحذره ثم يعود ليستكمل الأذان.. فلماذا تمنع وزارة الأوقاف الصلاة على رسول الله بعد الأذان رغم ذلك كله ؟. إن الصلاة ممنوعة عملا لا شرعا .. وكانت الصلاة على النبى بعد الأذان موجودة من قبل فى الإذاعة.. وهى موجودة فى بلاد عربية وإسلامية كثيرة منها سوريا. إن الصلاة على حضرة النبى نوع من التوقير والاحترام والتوقير والسيادة والأفضلية وهى كلها صفات تساهم فى منع البعض من الجرأة على السنة النبوية الشريفة.. إننا نجد مجموعة من الموظفين يوقرون رئيسهم.. ونجد عدة مئات من الناس يوقرون أميرهم.. ويطلقون عليه صاحب السمو.. أو صاحب العظمة.. أو طويل العمر.. وهى ألقاب وأوصاف تعطى الموصوف بها هيبة وقيمة.. وهذه الألقاب مسموح بها للبشر.. مثلى ومثلك.. ولكن غير مسموح بها للنبى ^ بعد الأذان.. إن الصلاة على حضرة النبى بعد كل أذان هى تذكير بأنه شخصية محترمة عندنا لا مجال للتطاول عليه أو على أرائه.. ولن يستغرق ذلك سوى نصف دقيقة خمس مرات بعد كل أذان.. وربما كانوا يرفضون الصلاة على النبى بعد كل أذان حتى لا يضطروا أن يقولوا: اللهم صلى على سيدنا محمد.. فرجل الشارع لن يقبل الصلاة عليه إلا بالسيادة.. أما قولهم بأنه لم يرد أمر بالصلاة على النبى فإنه قد ورد
 ويكفى العودة إلى قوله سبحانه وتعالى: [ إِنَّ اللهَ وَمَلَآئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ] (56الأحزاب).. لقد ورد أمر بالصلاة على النبى ولكن لا حياة لمن تنادى.. وحتى إذا لم يرد نص فهذا أمر متروك للذوق العام واحترام شخص رسول الله

ولا حول ولا قوة إلا بالله