كل منا يحمل المهدى المنتظر فى قلبه

صوت الأمة العدد 124
14/4/2003

نحن دائما فى حاجة إلى معجزة تنقذنا مما نحن فيه.. وتريحنا من التفكير فى حلول واقعية لمتاعبنا ومشاكلنا.. وعندما لا نجد شيئا فى حجرنا يريحنا .. نفتش فيما يجرى حولنا على علامات الساعة .. ونبحث عمن نشير إليه بأنه المهدى المنتظر. لقد كثر مؤخرا الحديث عن المهدى المنتظر الذى يملأ الأرض عدلا ويعيد الحق إلى أصحابه ويحمل إلينا الحليب والعسل والعدل والحرية .. ولا يمر يوم إلا ونجد من يدعى انه المهدى المنتظر .. وفى عنابر المصحات النفسية والعقلية عشرات يعتقد كل منهم ولو بينه وبين نفسه أنه المهدى المنتظر.
وما أحب أن أقول إن مثل هذه الأمور هى أمور خلافيه ستحدث إلى يوم القيامة.. ولا يجوز التذرع بها لترك الأوامر والنواهى الالهية .. فالمهدى المنتظر هو فى النهاية يأتمر بأمر الله .. وينهى عما نهى عنه الله .. فلو كان الواحد منا ينفذ ما أمر به الله وينهى عما نهى عنه سبحانه وتعالى فإنه لا يضيره عدم بعث المهدى المنتظر .. ولو كان على غير ذلك لا ينفعه بعث المهدى المنتظر.. لأنه مهما كان هذا المهدى المنتظر فإنه لن يأتى بجديد .. فكل ما يقال عما سيأتى به، سبقه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً ] (3 المائدة).
وبعث المهدى المنتظر علامة من علامات القيامة الكبرى .. وعندما يبلغ من العمر 40 سنة يكون بالبيت الحرام يذكر الناس بما نسوه من الدين .ويحيى ما مات من السنة النبوية الشريفة .. ومن ثم فإنه إذا ما بعث فلن ينصف المخالف لشرع الله .. ولن يأتى بجديد لمن يلتزم بشرع الله .. لن يضيف إلى الشرع شيئا ولن يحذف من الشرع شيئا .. فلو أن علماء الأمة قاموا بدورهم فى تذكير من نسى وإعانه من ذكر عندئذ يكونون هداة مهديين.
إننا لا نريد أن ينشغل الناس بمثل هذا الأمر .. لأن الشرع كامل .. وكل ما يحتاجه المؤمن من المهدى المنتظر سيجده فى كتاب الله وسنة رسوله إن عدم فهم الناس لنظرية المهدى المنتظر اوجدت كثيرا من الأدعياء ويبدو لى ان مناقشة قضية المسيخ الدجال أهم من مناقشة المهدى المنتظر .. لأن المسيخ الدجال سيعمل على إضلال الخلق وتجرى على يده خوارق العادات.
كان يطلب أحد منه اى شئ فيوجده له فى الحال فيفتتن به الناس .. ويقول الصوفية: “ان خوارق العادات المادية لا يلتفت إليها “كان يأكل الرجل الزجاج والمسامير او يمشى فى النار او اى شئ غير عادى .. ذلك كله لا يلتفت إليه لأن اكثر خلق الله خرقا للعادة هو المسيخ الدجال .. أما الكرامة الحقيقية للولى فهى العلم .. يقول سبحانه وتعالى: [ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ] (9 الزمر) .. وكما قلنا من قبل .. إن المشى على الماء والطيران فى الهواء ليس دليل كرامة .. وقال السابقون: “إذا رأيتم الرجل يطير فى الهواء ويمشى على الماء فقيسوا أعماله على كتاب الله وسنة رسوله فإن وافقت فإن الملائكة تحمله وإن خالفت فإن الشياطين تحمله”. لكن.. كيف يميز الشخص العادى بين من تحمله الملائكة ومن تحمله الشياطين وكلاهما غير مرئى؟ .. صعب أن يحدث مثل هذا التمييز .. ومن ثم فإن الأمان بالنسبة للشخص العادى هو التمسك بكتاب الله وسنة رسوله وعدم صرف مجهوده فى غيبيات قد تكون .. وقلنا سابقا: “سهرت أعين ونامت عيون .. لأمور تكون وقد لا تكون” .. إن الكسالى يتشوقون إلى الكنوز دون تعب .. أما العاملون فهم واقعيون .. وان كنوزهم هى أعمالهم وايمانهم بأن الله هو الرزّاق ذو القوة المتين.. وما رأينا رجلا إدعى أنه المهدى المنتظر وهو من العاملين الكادحين .. بل لابد ان يكون من المتقاعسين عن العمل .. وكما قيل: “إن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة”. إن من ترك كتاب الله وسنة رسوله واعتمد على بعث المهدى المنتظر فإنه لا ينتظر من المهدى عفوا ولا خيرا فى أمور يحاسب الله عليها .. واعتقد ان المهدى المنتظر موجود داخل كل انسان فى قوله سبحانه وتعالى: [ وَمَن يُؤْمِن بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ] (11 التغابن).. والقـلب داخل الإنسـان فيكون المهدى المنتظر فى القلب .. لابد أن ينتظر كل واحد هداية قلبه .. ومنطقيا ليس فينا من يجزم بأنه سيبعث فى نهاية العالم .. إذن المهدى المنتظر هو القلب الذى يهتدى… فالله سبحانه وتعالى لم يتركنا بعد انتقال النبى صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ننتظر من يأتينا آخر الزمان كى يهدينا .. ونحن بالطبع لن نعيش حتى آخر الزمان .. ولكن الله سبحانه وتعالى يقول: [ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ] (7 الرعد) .. فقضية المهدى المنتظر لا شك أنها حقيقة زاد البعض فيها ما زاد وانقص البعض منها ما انقص .. ولكن يجب أن نلتقى على كلمة سواء .. بسيطة.. ومخلصة .. هل سيأتى المهدى المنتظر بإلغاء أحكام الهية؟.. هل سيأتى بأحكام جديدة ؟ .. هل لديه الصلاحية للإضافة إلى الدين او الحذف منه؟ .. بالطبع لا .. إذن لن يكون هناك جديد لو كنا نمشى على الطريق المستقيم .. إن المؤمن ينتظر الهداية من الله وينتظر إنتهاء أجله ولقاء ربه وينتظر رحمه الله وعفوه وينتظر شفاعة النبى ^ بإذن الله تعالى .. ينتظر ذلك غير مضيع لفريضة أو سنة عمدا .. فالخطأ والنسيان مرفوعان عن أمة النبى صلى الله عليه وسلم.. إضافة إلى ما استكرهوا عليه لقوله ^ في الحديث الشريف
كما ورد في سنن ابن ماجه الجزء ( 1 ) ص(659) :
2045 – حدثنا محمد بن المُصَفَّى الْحِمْصِيُّ . حدثنا الوليد بن مُسْلِمٍ . حدثنا الأوزعي عن عطاء عن ابن عباس عن النبي ^ قال:-
(إن الله وضَعَ عن أُمتيِ الخطَأَ والنِّسْيَانَ وما اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ).
لم نسمع عن شخص قال إن عنده سياره لن يركبها إلا إذا جاء المهدى المنتظر أو عنده بدلة لن يلبسها إلا إذا جاء المهدى المنتظر. أو طعاما لن يأكله أو نقودا لن ينفقها .. لكن الذى ليس عنده شئ ينتظر المهدى المنتظر ليأتى له به .. ماذا يضيرنا ونحن على هداية ان يأتى المهدى المنتظر؟ .. وماذا يضيرنا لو كنا على هداية ان يتأخر؟ .. فلو جاء ونحن على هداية فخير من ان يأتى ونحن على ضلالة .. إن المهدى المنتظر موجود فى قلب كل منا هذا هو المهدى المنتظر الخاص بكل واحد منا .. أنتظر ان يهدينى قلبى .. إذا جاء المهدى المنتظر كنت معه ولو لم أكن مهديا كنت ضده

ولا حول ولا قوة إلا بالله