العشق الإلهي يبدأ بالانجذاب وينتهي بالفناء

صوت الأمة العدد 122
31/3/2003

لا يمكن فصل الثمرة عن قشرتها .. لا يمكن فصل الزهرة عن عطرها .. لا يمكن فصل الشجرة عن ظلها .. ولا يمكن فصل اللغة عن أصحابها .. ولا فصل الكلام عمن يتكلمونه .. وفي عصور الورع والتقوى تكبر اللغة وتضئ وتتوهج وتكتسب دقتها وبراعتها وحصانتها .. وفي عصور التعصب والتدهور تنكسر اللغة وتتهشم .
إن تشرذمنا الديني في هذه المرحلة هو تشرذم لغوي .. وتفكك المسلمين هذه الأيام هو تفكك في الأبجدية .. ومن ثم فإن هناك ضجيجا في الكلام وصخبا في التفسيرات والمصطلحات .. ولن تتوحد هذه الأمة إلا إذا توحدت التعاريف والفتاوى .. وقد انهالت على مئات الرسائل بالبريد التقليدي والبريد الإلكتروني يطالب أصحابها بكلام محدد وقاطع يشرح لهم ويريحهم من فوضي اجتهاد من لا علم له .. وصخب ما يقولون .. وهو ما قررت أن افعله بعد أن عدت إلى أهل الذكر .. أهل التقوى .. ممن لا يريدون شيئا سوي وجه الله .. ونقاء الدين .. فلا هم يسعون الي كسب مادي .. ولا هم يبغون شهرة .. أو ضوءا يسلط عليهم .. وفيما يلي بعض مما فتح الله علينا وعليهم به .. كما أننا استعنا أحيانا بما توصل إليه الدكتور عبد المنعم الحفني من اجتهاد جميل في كتابه الضخم موسوعة المصطلحات الصوفية .
الصوفية : ليست بهدلة ولا تقاعدا ذهنيا ولا انسحابا من الحياة .. ونقول أنها ليست لمن لبس الصوف ان كلمة صوفي ليست اسما وانما فعل ماض مبني للمجهول .. كأن نقول .. نودى الرجل .. وورى الميت .. ويمكن أن نقول طبقا لهذا القياس : صوفي الرجل .. فأصل الكلمة من الصفاء والمصافاة .. صفا .. صاف .. صوفي .. ولكن .. كيف يصاف الانسان ؟ يقول سبحانه وتعالي : [ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَآءِ الْعَالَمِينَ ] (42 آل عمران) .. هذه التصفية هي أولى مراحل الوصول إلى الصفاء الذي ينم عن المصافاة .. والمصافاة مكاشفة .. أن تخرج ما في بطنك .. كن مكشوفا .. بح بسرك .. لقد اصطفي الله مريم .. ثم طهرها .. ثم اصطفاها مرة أخرى أي كاشفها .. فالمصافاة هي المكاشفة .. والصوفية أيضا . أما الشرك : فهو أن نجعل مع الله غيره فيما لا ينبغي إلا له .. والذي لا ينبغي الا له هو مقتضيات الألوهية , وهي السبق , والإطلاق , والسرمدية , والذاتية .. فمن ادعي لنفسه واحدة منها فقد جعل نفسه شريكا لله فيما لا ينبغي الا له .. وكذلك من ادعاه لغيره فهو أيضا قد أشرك مع الله غيره .
البدعة : هي إطلاق ما قيده الله ورسوله او تقييد ما أطلقه الله ورسوله .
الكفر : هو أن ينسب إلى الله ما تنزه عنه من الكم ، والكيف ، وألاين ، والند والضد ، والشبيه، والمثيل ، والشريك ، والزوجة ، والولد ، وكل ما خطر ببالك فهو هالك والله بخلاف ذلك .. بتعبير مبسط .. الكفر أن يعتقد الإنسان في قلبه صورة لله .
العبادة : أن نعبد الله لذاته دون غرض أو طلب .
الاتباع : أن نتبع رسول الله ابتغاء مرضاة من أرسله .. [ مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ ] (80النساء) .. فالمؤمن لا يعبد من يتبع .. فالرسول غير المعبود .. والصالحون والأولياء الذين نتبعهم غير مقصودين بالعبادة .. اننا لا نتبع الله فالمعبود لا يتبع .. والمتبع لا يعبد .. وجوهر العقيدة معرفة الفرق بين العبادة والاتباع .. أما من يرمي المتبع بأنه عابد فهذا جهل بالتعريف .. والجهل ليس حجة ..وفي الاتباع يكون الحب .. فلا يمكن أن نتبع الرسول عليه الصلاة والسلام دون ان يكون محبوبا .. لكن الحب شئ والعبادة شئ أخر .. قال ^ في الحديث الشريف الذي ورد في المستدرك – الجزء (3) ، ص (162) :
4716 – أخبرنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه و أبو الحسن أحمد بن محمد العنبري قالا : ثنا عثمان بن سعيد الدارمي ثنا علي بن بحر بن بري ثنا هشام بن يوسف الصنعاني و حدثنا أحمد بن سهل الفقيه و محمد بن علي الكاتب البخاريان ببخارى قالا حدثنا صالح بن محمد بن حبيب الحافظ ثنا يحيى بن معين ثنا هشام بن يوسف حدثني عبد الله بن سليمان النوفلي عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ^ :
( أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه و أحبوني لحب الله و أحبوا أهل بيتي لحبي ) .
ان الحب هنا ليس لذات الرسول الكريم .. ولكن لحب الله سبحانه وتعالي : [ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ (وهو المعبود) فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ] (31 آل عمران).. يعني انه للحصول علي محبة الله يجب اتباع الرسول . ما المقصود بجملة ” من دون الله “: أنها تعني من غيره .
الأولياء : هناك أولياء لله وأولياء للشياطين .. وأولياء الله هم أولياء الرحمن والأولياء من دون الله هم اولياء الشيطان .. يقول سبحانه وتعالي [ أَلَآ إِنَّ أَوْلِيَآءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ] (62 يونس).. والأولياء من دون الله هم الذين نهي الله المؤمنين عن اتخاذهم أولياء .. يقول الله سبحانه وتعالي: [ لَّا يَتَّخِذِ الْـمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمؤْمِنِينَ ](28 آل عمران).