أدب النطق بإسم النبي عليه الصلاة والسلام

صوت الأمة العدد 117
24/2/2003

 نصلى على رسول ^الله فتتفتح القلوب والزهور وسنابل القمح وتدخل الأسماك المياه الدافئة.. تتضاعف مساحة البراءة والرحمة بين الناس.. تبرق السماء بملايين النجوم اللامعة.. وتحلم الصحراء بالخضرة.. إن الصلاة على رسول الله ^ هى قرص دواء يجلب الشفاء.. ويخفف من شرور الدنيا.. ويخلق للسكينة جناحين تنزل بهما على صدور الناس. ولا يجوز أن ننطق باسم الرسول مجردا من الاحترام الواجب.. وهو احترام رفعه الله سبحانه وتعالى إلى درجة الفريضة.. يقول سبحانه وتعالى: [ لَّا تَجْعَلُواْ دُعَآءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُم بَعْضاً ] (63 النور) ويقول سبحانه وتعالى: [ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَرْفَعُواْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ وَلَا تَجْهَرُواْ لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ] (2الحجرات) إننا نسمع من يذكر اسم ” محمد ” ثم نكتشف أنه يتحدث عن رسول الله.. وهو إسلوب لا يليق بذات الرسول الشريفة.. ويخلو من السيادة التى تليق به ^ . إن التواضع الذى عرف عن نبى الله لا يغرينا أن نتعامل معه على هذا النحو الذى لا يليق.. فاحترام النبى أمر إلهى.. يقول سبحانه وتعالى: [ إِنَّ اللهَ وَمَلَآئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ] (56الأحـزاب).. ونطق الاسم الشريـف دون تعظيــم وتوقير هو جرأة على حضرته وجرأة على سنته المطهرة وهى جرأة قد تدفع البعض لما هو أكثر.. ترك السنة والإدعاء بأن ما ورد فى القرآن يكفى.. وقد ثبت عن الرسول الكريم أنه قال في الحديث الشريف الذي ورد في صحيح مسلم – الجزء(4)، ص (1782) :
3 – ( 2278 ) حدثني الحكم بن موسى أبو صالح حدثنا هقل ( يعني ابن زياد ) عن الأوزاعي حدثني أبو عمار حدثني عبد الله بن فروخ حدثني أبو هريرة قال : قـال رسول الله ^ : ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع ).
.. إذن فله السيادة على كل ذرية أدم عليه السلام.. ومن لا يقر بهذه السيادة فإنه يسقط عن نفسه الآدمية.. ويخرج نفسه منها.. والرسول عليه الصلاة والسلام هو سيد الأنبياء ، والمرسلين.. وسيد الأولين والآخرين.. ولكن كل هذا التكريم لا يفيده بشي.. فقد نال ما هو أكثر من ذلك.. تكريم الله سبحانه وتعالى. لقد شهد الله سبحانه وتعالى بخُلقه [وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ] (4 القلم) .. وشهد لبصره [ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ] (17 النجم) وزكى عقله[أَفَتُمَـارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى] (12النجم) .. ثم زكى قلبه [ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ] (11 النجم) .. ثم زكاه بأكمله [ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ] (1الإسراء).. وفى صلاة الله وملائكته عليه.. وهى بالقطع صلاة كافية.. أما صلاة المؤمنين عليه فهى لصالحهم.. هم.. وكذلك احترامهم لذاته الشريفة. إن النطق باسمه ^ مجردا فيه تطاول وعدم الإعتراف بالسيادة.. والسيادة تعنى الشهادة بالأفضلية والأسبقية والوفاء.. أى الكمال.
فمن رأى نفسه يتساوى مع رسول الله ^ بالأفضلية عند الله أو بالوفاء بكل ما أمر به الله وفاء كاملا من فعل المأمورات وإجتناب الممنوعات والمحرمات لا يصح له أن يقول عن رسول الله إنه سيدنا محمد .على أنه فى البداية والنهاية يرجع هذا الأمر للذوق الشخصى.. والأدب الشخصى.. والاحترام الشخصى.. إننا نفرط بجنون فى منح الرتب والألقاب.. فلان بك.. فلان باشا.. صاحب السعادة.. حضرة المحترم.. معالى الوزير.. صاحب السمو.. دولة الرئيس.. الباشمهندس.. حضرة الصول.. الأسطى.. صاحب الجلالة.. فضيلة الشيخ.. صاحب العصمة.. الكاتب الكبير.. الفنان القدير.. نجم النجوم.. العالم الفذ.. الصحفى المخضرم.. شاعر الأجيال.. أمير الشعراء.. فلماذا نستنكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نمنحه للبشر بسهولة ويسر وإفراط؟ إننا لم نسمع أحدا يقول لرئيسه: يا فلان.. وينطق اسمه مجردا.. ولا يقوى أحد منا أن ينادى أباه باسمه مباشرة.. فكيف ننطق باسم النبى مجردا وهو رسول الله وأعظم شأنا؟!.. إن هذا من الأمور الغريبة.. أن يستسيغ البعض نطق اسم النبى مجردا.. إن نطق الاسم على هذا النحو مخالفا للنص الإلهى: [ لَّا تَجْعَلُواْ دُعَآءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُم بَعْضاً ] (63 النور) . وحتى لو لم يرد فى الكتاب النهى عن نطق الاسم مجردا فإن علينا ألا نفعل ذلك بأنفسنا.. فالله لم يأمرنا بأن نقول” صاحب السمو” أو ” معالى الوزير” ورغم ذلك نحرص على هذه الألقاب.. فكيف نفعل ما لم يرد به نص ونتجاهل ما ورد به نص؟

ولا حول ولا قوة إلا بالله