العلق
مجلة التصوف الإسلامي
فبراير2005
[ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ * خَلَقَ الانسَانَ مِنْ عَلَقٍ]
صدق الله العظيم
(2،1 العلق)
بفرحة السابقين السابقين من عباد الله المقربين الفائزين بجنات النعيم. .التقيت بسماحة الأمام وبعد أن تفضل برد السلام .
قلت : مولانا الإمام حفظكم الله بحفظه و أعزكم بعزه عندى سؤال بدائى و أحب أن يكون جوابه بديهى غير أنكم معشر العلماء أُمرتم فى النص الحكيم ألا تنهروا سائلا
قال سماحته : سؤالك ما هو بدون مقدمات ؟
قلت : يقول الله تعالى : [ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ * خَلَقَ الانسَانَ مِنْ عَلَقٍ].
والمعروف أن العلقه تسبقها النطفه وسؤالى هل الانسان خلق من علق أم خلق من علقه أم خلق من تراب أم خلق من طين أم خلق من ماذا . . . و المعروف أن سيدنا آدم خلق من طين و لم يخلق من علقه و كذلك أمنا حواء لم تخلق من علقه و لا نطفه و كذلك سيدنا عيسى عليه السلام لم يخلق من نطفه و لا من علقه . . . سيدى أمور كثيره تزاحمت و تشابكت و. . .
قال سماحته : يا بنى إن بعض الناس إذا سألتهم عن المغناطيسيه يحدثونك عن المغناطيس و لو حدثتهم عن الوثنيه يحدثونك عن الوثن و كذلك يخلطون بين الوطنيه و الوطن و العلق و العلقه .
قلت : أنا من هؤلاء و لكن أريد القول الفصل .
قال سماحته : إن الله تعالى عندما أراد خلق الانسان تجلى بصفات أسمائه أو أسماء صفاته فأوجد من العدم أصل الماء و أصل التراب فلما التقى الأصلان نشأ الطين ثم صور الله من الطين المخلوق جسد آدم ثم نفخ الله فى تمثال آدم فأحياه و أسمعه وأبصره وحركه ورزقه و قواه و علمه فآدم لم يكن طفلا صغيرا و كبر لقوله ^ ” خلق الله آدم على صورته “(1)
أى على صورة آدم الكامله و ليس على صورة الخالق ثم أودع الله فى آدم أنوار أسمائه العلى فتعرفت عليه الملائكه فسجدت لله فى آدم وكان آدم مجرد قبله و كما تعلم أن أسماء الله إما جلاليه كالمنتقم والقهاروالمذل وإما جماليه كالرحيم والحليم والحكيم والكريم وهى تبدو وكأنها متضاده ولكن الله تعالى جمع بين جماله و جلاله فى كماله وهذه العلاقه الكماليه تسمى العلق وهذا العلق يشير إلى تلاقى و تلاحم و تناغم و إتساق الأسماء و التجليات الجلاليه والجماليه فى صوره كماليه ولذلك فالكمال لله وحده و هو الذى خلق الانسان الكامل بالكمالات الإلهيه و على ذلك فإن العلق هذا هو الذى أوجد من عدم الماء و التراب وبالتالى الطين فلو قلت إن الانسان خلق من طين فهذا أصله ثم تطور الأمر إلى نطفه ، فلو قلت إن الانسان خُلق من نطفه فهذا أصله ثم تطور الأمر إلى العلقه فإذا قلت أن الانسان خُلق من نطفه فهذا أصله و كذلك لو قلت من مضغه أو من عظام فكل ذلك يعتبر لاحقا على العلق ، فالعلق هو الأصل الأصيل الذى أوجد كل هذه المسميات وحتى يكون الأمر عليك يسيرا فإن العلق هو السر الإلهى الذى أوجد الله به العلقه أما العلقه فى حد ذاتها فهى مشتركه بين كل الكائنات التى تلد أو التى يلتقى فيها الذكر مع الانثى أو ما يقع من الذكور فى ذوات الأرحام من جنسها و على ذلك فلا غرابه فى خلق أبينا آدم و أمنا حواء و سيدنا عيسى عليهم السلام لآن العلق أصل و العلقه فرع يستمد أسمه من أصله هذا ما نعلم و الله ورسوله أعلم وهذا إعجاز لرسولنا الذى أخبر بأشياء لم يكن قومه يعلمون بها بل علمت فى العصر الحاضر .
قلت يا مولانا هذا هو العلق فما هو الفلق .
قال سماحته : فى هذا اللقاء يكفى العلق و فى اللقاء القادم الفلق .
قلت : أعوذ بالله رب الفلق من شر ما خلق و لا حول و لا قوة إلا بالله العلى العظيم.
والسـلام عليكـم
وعليكم السـلام
مـريـد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)من حديث صحيح البخارى – الجزء (4) ، ص (135) : رقم الحديث (6227) عن أبي هريرة: عن النبي ^ قال: ( خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعا)
في تصنيف : حوار مع صاحب السماحة في فبراير 1st, 2005