الطريقة
مجلة التصوف الإسلامى
عدد (286) ديسمبر سنة 2002
[بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ]
[ قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّـمَّـا يَجْمَعُونَ ] (58 يونس)
فرحة من رد اليه بصره وفرحة من أعيد اليها وحيدها اليائس المعافى وغيرها …… لاتساوى فرحة الباحث عن الحقيقة ثم يعثر عليها من مصادرها الوثيقة فهذا الامر يحتاج من السائل الصبر الكثير ويحتاج من المجيب العلم الوفير والحكمة والقول اللين وكذلك قال ربك هو علي هين .
وبعد
فمحدثكم فى هذا الباب يأمل أن يكون من المحبين الواقفين على الأعتاب غير أن المحبة وحدها لاتكفى وكذلك العلم وحده فبالحب يزيد العلم وبالعلم يزيد الحب وفقد أحدهما خطر على الاخر [وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ](21 يوسف) وقد تزاحمت فى رأسى أسئله كثيره تخص عبارات قد يرى غيرى أنها يسيره فلجأت الى شيوخ الطرائق فقد قيل لى أنهم أمناء على علم الحقائق فتلقيت منهم كلاما دسما يعتبر على الفهم شديد بالنسبة للسائل الجديد . ثم لجأت الى رجال الآوقاف على أنهم من رجال الأعراف فإذا بي أمام فيض من علوم الآحكام يحتاج معه مثلى لبلوغ المعنى الواحد عدة أيام فقلت فى نفسى . فليكن ختام المسك ومسك الختام محاولة مع رجال الازهر الشريف وهم أغنياء عن التعريف ولكن لقصور فهمى وقلة علمى رأيتهم مذاهب ومشارب فعلم ما ورد فى رؤوسهم كثيراً وعلمهم عزيز وأنا أمام هذا السيل من الادله ضيق الحوصلة فلما أعيتنى الحيل أفصحت عن بعض ما بى لبعض أحبابى فقال إن مثلك يلزمه رجل رشيد يجمع فيه الله كل ما تريد فلا تذهب بعيدا فعليك بولوج الساحة ثم تسأل عن صاحب السماحة فهذا رجل من رجالات الأزهر والأوقاف وعالم ورد فى الأعراف والأحقاف ومن مشايخ الطرق المشهود لهم بالشواهد وبذلك يكون الكل فى واحد .
فقلت وما معنى صاحب السماحة فقال صاحبى أنت تسأل عن كل شىء وكأنك لا تعلم أى شىء يا أخى إن صاحب السماحة إسم لصفه الامام ومعناها واسع الصدر كثير الصبر العالم بالاحكام الملقب بالإمام لا يستفزه من جهل عليه والكل سواسيه بين يديه كثيرالإنبساط ويرتبط به الشيوخ جميعا بأوثق رباط . فتوجهت الى سماحته ورحب بى فى ساحته وقال ما عندك أيها السائل ؟ فقلت الكثير من المسائل فقال إذن فالخطوه الأولى الطريق فقلت يامولانا وما الطريق فقال الباب يطرقه أصحاب الحوائج فقلت يا مولانا أعنى ما معنى الطريقة فقد كثر فى معناها الكلام وأخاف أن يضيع المعنى منى من كثرة الزحام فقال سماحته يابنى هون عليك فالطريقة هى دعوة الى الله تعالى لإحياء السنة ونبذ البدعة بالحكمة والموعظة الحسنه ولها شيخ درعه وسيفه كتاب الله تعالى وسنة رسوله الكريم ^ وواجب على المريد طاعة شيخه (1) فاستغربت العبارة ولم أعترض ” وحدثتنى نفسى بأن الطاعة لله ” فقرأ بفراسته إستغرابى وقال إن طاعة المريد للشيخ كطاعة المأموم للإمام فى الصلاة (2) لاتتعارض مع كونها طاعه لله بل يضاعف بها أجر المأموم(3) ويرفع بها سهوه وخطأه فكل المصلين خلف الإمام مريدوه حتى تنتهى الصلاة فقلت لسماحته إن سعة صدركم تغرى سائلكم فما معنى كلمة مريد هل هو لفظ فى الإسلام جديد فقال سماحته هذا أحسن ألفاظ الصوفيه وهو يعبر عن كمال الحرية فمن تبع شيخا فبمحض إرادته ولا سلطان عليه إلا سلطان المحبة عملا بقول المريد [ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً ] (66 الكهف) فلما رأيت أن سماحته قد إستخرج من الكهف هذا المعنى علمت أن فى الكهف الكثير وحتى لا أشق على سماحته قلت لنفسى يكفينى من علم سماحته هذه العينه كدليل إن شاء الله على تمام البينه ثم إستأذنت الإمام وشكرته على فصل الخطاب وحسن الكلام الذى أظهر به سماحة الإسلام .
على أمل أن أعود إذا كان السماح باللقاء غير مردود فقد رحب كالعاده ووعد بالزياده فليكن اللقاء القادم إن شاء الله الفرق بين المحبة والعباده . [ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ] (26 يونس) ….
والسـلام عليكـم
وعليكم السـلام
مـريـد
(1)من حديث الترمذي الجزء (5)-ص(43) رقم الحديث (2676)عن العرباض بن سارية قال : وعظنا رسول الله ^ يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال رجل : إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله ؟ قال : أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبد حبشي فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة فمن أدرك ذلك منكم فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ
(2)من حديث البخارى الجزء(1)- ص(299) رقم الحديث (688) عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاك فصلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا . فلما انصرف قال ( إنما جُعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا (
(3)من حديث البخارى الجزء(1) ص(216) رقم الحديث(645) عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله ^ قال ( صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)
في تصنيف : حوار مع صاحب السماحة في ديسمبر 1st, 2002