مجلة التصوف الإسلامى
أكتوبر 2006
العصمه والضمان
( ضمان العصمه وعصمة الضمان )
بفرحة المجاب فى دعاؤه وعز المستجاب فى رجاؤه وربه أعطاه من سخاؤه من رزقه المكتوب فى سماؤه .
التقيت بسماحة الإمام السلام عليكم سماحة الإمام وعليكم والحاضرين من الله السلام قلت : سيدى كثيراً ما نسمع عن العصمه فهل العصمه هى الضمان ؟
قال سماحته : نعم .
قلت : ونسمع أيضاً عن الضمان فهل الضمان عصمه ؟ . قال سماحته : نعم بل الأصح أن تقول إن للعصمه ضمان وللضمان عصمه .
قلت : كنت أعلم أن العصمه للأنبياء والمرسلين والضمان للأولياء المرشدين فهل هذا صحيح ؟ .
قال سماحته : نعم . قلت : هل بينهما فرق أم علاقه ؟
قال سماجته : بينهما فرق وعلاقه .
قلت : ما هو الفرق وما هى العلاقه ؟ .
قال سماحته : العصمه يولد بها النبى أو الرسول ( المعصوم ) وتظل معه مادام حياً فلا يخطىء بإرادته أبداً ولا يحاول ذلك أبداً ولا يقع منه فعل الخطأ ولا يحاول ذلك ولا يتمناه , لأنه حامل لرسالة الله إلى عباده ولو جاز عليه ما يجوز على غيره عندئذ ينشأ إحتمال الزيادة أو الإنقاص من نص أو مضمون الرساله فالمعصوم من العباد ناصيته بيد الله وهو أداه من أدوات القدره ولا يقاس بمنطق أو عقل ولا يحاكى الخلق إلا فى كونه خلقاً ولا يضاهيه بقية الخلق فى الأخلاق فالمخلوق المعصوم على خلق عظيم بل هو متخلق بإخلاق الله العظيم وذلك فهو على خلق عظيم وهو معصوم من كمل ما يفعله البشر بقدرتهم أو إرادتهم عصمة لا يخترقها إلا طلاقة القدره وعندئذ يكون مبراء مما يقول أو يفعل لأنه فى الحقيقه لا يقول وإن قال ولا يفعل وإن فعل ولكن بإعتباره أداه من أدوات القدره فقوله وفعله محسوب على الله (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ) حتى أنه لا يدعو الله إلا إذا أمره بذلك وبناء على ذلك ينبغى أن نعلم أن الأنبياء والرسل ( معصومون ) لا يخطئون أبداً ولكن إذا قدر الله عليهم أن يقع من أحدهم صوره المخالفه فليست محسوبه عليه أبداً .
قلت : وضرب الله الأمثال وقد تعودت من سماحتكم ذلك .
قال سماحته : أنظر إلى ما وقع من سيدنا يوسف عليه السلام عندما جعل السقايه فى رحل أخيه بنيامين ( وضعها بنفسه ) ثم أمر المؤذن أى المنادى أن يؤذن ( أيتها العير إنكم لسارقون ) ثم أخذ سيدنا يوسف يفتش الأمتعه وبدأ بأوعية أخوته الآخرين قبل وعاء بنيامين ( وهو يعرف أين المقصود ) ثم إستخرجها من وعاء أخيه .
فالناظر بعين العقل قد ينسب بعقله نقيصه فى حق سيدنا يوسف إلا أن الله تعالى قال (كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ . . . . ) الآية , نفهم من ذلك أن سيدنا فعل وهو لم يفعل وقال وهولم يقل ولأنه معصوم فلا يمكن أن يخترق هذه العصمه إلا الله ولا معقب , وعندما وكز سيدنا موسى الرجل الذى هو من عدوه عندما إستغاثه الذى من شيعته فقضى عليه أى قتله كان ذلك الفعل لله تعالى حتى أن سيدنا موسى لم يحاسب عليه وإن نسب القتل إليه والأمثله كثيره ومن السفه مناقشة أفعال الأنبياء بغرض الوقوف على أخطائهم لأن عصمة الأنبياء ضمان فطرى أى أنهم فطروا عليها وأما الأولياء فإنهم قد يولدون خطائين ثم يكونون توابين وهم خير الخطائين ثم يرزقهم الله تعالى الحفظ من الخطأ فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين ثم يعطيهم الضمان من الوقوع فى الخطأ وهذا الضمان يشبه العصمه إلا أنه يأتى متأخراً فيقال ضمان الأولياء عصمه مكتسبه وأنت تعرف ما وقع للعبد الصالح ( سيدنا الخضر عليه السلام ) عندما خرق السفينه وقتل الغلام ولم يحاسبه الله على ذلك لأنه أداه من أدوات القدره وكذلك لا يثاب على إقامة الجدار لأنه ليس هو الذى أقامه بل الله أقامه به كما قتل الله الغلام به وخرق السفينه به وعلى ذلك فلا ينسب الفضل وإن نسب إليه الفعل فى قوله ( خرقها – فقتله – فأقامه ) وحتى تفهم بالأسلوب البسيط : إن عصمة الأنبياء كالمعادن التى هى بطبعها وخصائصها لا تصدأ وغير قابله للصدأ .
وضمان الأولياء كالمعادن القابله للصدأ ثم تجرى عليها عمليات تجعلها لا تصدأ .
ثم قال سماحته : هل فهمت ؟ قلت : عندما أقرأ ذلك عدة مرات سوف أفهم والله المستعان .
والسلام عليكم وعليكم السلام
مريد